الرباط: لم تعمر الفرحة طويلا في بيت حزب العدالة والتنمية المغربي الذي انتخب سعد الدين العثماني، أمينا عاما جديدا له خلفا لعبد الإله ابن كيران، في المؤتمر الوطني الثامن الذي أنهى أشغاله حتى ساعة متأخرة من ليلة الأحد/الإثنين، وعادت الخلافات لتبرز بين الإخوة المختلفين من جديد.

فبعد دقائق من حسم سباق الأمانة العامة لصالح بفارق بسيط أمام منافسه إدريس الأزمي الإدريسي، قال العثماني في تصريح صحافي: "الأمين العام هو أمين عام للجميع ، ولن أسمح لنفسي أن أكون أمينا عاما لفئة دون أخرى"، غير أن هذا التصريح لن يصمد طويلا، حيث كشفت لائحة أسماء الأمانة العامة التي اقترحها العثماني على المجلس الوطني عكس ذلك.

وضمت اللائحة أسماء كل من المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، وعزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن، وعبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل، وبسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، وجميلة المصلي، كاتبة الدولة مكلفة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، بالإضافة إلى عبد الصمد الإدريسي، ومحمد الحمداوي، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية للحزب، وهؤلاء جلهم من التيار الذي عارض بشدة التمديد لابن كيران، وأعلن دعمه العثماني حتى قبل المؤتمر.

 وضمت اللائحة أيضا، مصطفى الخلفي، وعبد العزيز عماري، وخالد رحموني، الذين عبروا عن دعمهم للولاية الثالثة، بالإضافة إلى أسماء جديدة من الشباب وهم محمد الطويل، ونوفل الناصري، ومحسن موفيدي، ومريمة بوجمعة.

وبدا لافتا أن العثماني ومن ورائه تيار الوزراء فضل القطع النهائي مع تيار ابن كيران في الأمانة العامة، حيث خلت التشكيلة من الأصوات البارزة في الحزب التي دافعت عن التمديد لابن كيران، وعلى رأسهم عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة السابق، وعبد العزيز أفتاتي، وبلال التليدي، وخالد البوقرعي، الكاتب الوطني لشبيبة الحزب، وأمينة ماء العينين، ومحمد خيي، وغيرهم من الأسماء التي أعلنت تأييدها لانتخاب الأزمي الإدريسي أمينا عاما للحزب بدل العثماني.

واتهم العديد من مناضلي حزب العدالة والتنمية الأمين العام الجديد وتيار الوزراء بالانتقام من أنصار ابن كيران، معتبرين أن تشكيلة الأمانة العامة لا تعكس حقيقة النتائج التي سجلتها عملية انتخاب العثماني، إذ لم يفلح في حسم كرسي القيادة إلا بفارق بسيط، بعد حصوله على 51 بالمائة من الأصوات، الأمر الذي رأوا فيه إشارة ورسالة لم يستوعبها العثماني ومن معه.

وبدأت بوادر خلاف جديد تلوح في الأفق بين أعضاء الحزب، بعد عملية "التصفية" التي نفذها العثماني في حق تيار ابن كيران المعارض له، حيث كتب بلال التليدي، عضو المجلس الوطني للحزب في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك : "أجرينا تمرينا ديمقراطيا نادرا... من دون شك عرف المؤتمر مخاضا صعبا....وكان للأرقام رسالتها.. كما ان الاذعان للمشروعية له درسه... تصورت لحظة أن الدرس تم استيعابه وأن الحديث باسم الجميع يتطلب مصالحة مع الذات وجمع تلابيبها....لكني فوجئت للأسف بالحساب الصغير الذي ينهك الذات ويجعلها غير قادرة على النهوض واستعادة المبادرة".

وأضاف التليدي المحسوب على تيار ابن كيران في تدوينة غاضبة: "لم أكن أتصور ولا أتمنى أن نخرج من الأزمة موحدين ثم ندخلها مرة أخرى بعد ذلك بحسابات صغيرة تقصي بعض عناصر القوة في الذات.....الآن سيعرف الجميع أن الذي بدد فرصة استعادة اللحمة هو الحسابات الصغيرة وتحكيم لغة الإنتقام بدلا عن لغة الاستيعاب وتجميع مكونات الصف وحساسياته وتقوية الذات بجميع أبنائها"، في اتهام مباشر منه للعثماني ومن معه بإهدار فرصة استعادة وحدة الحزب بعد المؤتمر.

وتفاعل عدد من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي مع نتائج المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، من خلال انتقاد الطريقة التي جرى من خلالها إبعاد ابن كيران عن زعامة الحزب، متهمين القيادة بالتواطؤ مع جهات في الدولة ترفض استمرار ابن كيران في الساحة السياسية، كما اعتبروا انتخاب العثماني مقدمة لتراجع الحزب ليصبح حزبا سياسيا عاديا يشبه الأحزاب الإدارية (القريبة من السلطة).