نصر المجالي: قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يسعى لفترة ولاية جديدة في منصبه خلال انتخابات تجري في مارس 2018، إنه سيخوض الانتخابات كمرشح مستقل فيما يسعى لنيل الدعم من أكثر من حزب سياسي.

وأجاب الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي الكبير السنوي الذي عقده، اليوم الخميس (14 ديسمبر/كانون الأول 2017) على عشرت الأسئلة الموجهة إليه من صحافيين روس وأجانب حول موضوعات مهمة على الساحتين الروسية والدولية.

وقد اعتاد الرئيس الروسي على عقد مؤتمر صحفي حول نتائج العام منذ فترته الرئاسية الأولى عام 2001. وسجل مؤتمر عام 2008 رقما قياسيا، عندما أجاب بوتين على 106 أسئلة خلال 4 ساعات و 40 دقيقة.

وعقد بوتين خلال سنوات قيادته 12 مؤتمرا صحفيا كبيرا، بلغ مدتها أكثر من يوم ونصف (39 ساعة)، أجاب خلالها على أكثر من 700 سؤال.

وفي المؤتمر الصحفي، أعلن الرئيس الروسي، أن على البيئة السياسية في بلاده أن تكون تنافسية مؤكدا سعيه لتحقيق ذلك. وقال بوتين "أفكر في موضوع أن البيئة السياسية أيضا كما هو الحال في البيئة الاقتصادية، يجب أن تكون تنافسية. وبالطبع، أريد وسأطمح إلى أن يكون لدينا نظام سياسي متزن، ولا يمكن تصور ذلك دون تنافس على الأرضية السياسية".

 لا منافسين لنا 

وأفاد الرئيس أنه لا يوجد منافسين للسلطة الحالية، وقال في هذا الصدد "لماذا لا يوجد لدينا معارضين نشطين... لكنهم بالفعل لا يشكلون تنافسا حقيقيا للسلطة الحالية...".

كما أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية كمستقل ويأمل بدعم الحزب والمنظمات الاجتماعية. وأكد أن عمليا لديه برنامج الحملة الانتخابية، وأنه يبدي فيها اهتماماً خاصاً للبنية التحتية، الصحة، التعليم ورفع دخل المواطنين.

وقال بوتين "أنا لا أريد أن أتحدث الآن عن برنامج الحملة الانتخابية، الذي، كمرشحين آخرين، سيكون موجود لدي. هو موجود عملياً. سأكرر، الآن، على ما أظن، ليست الصيغة المناسبة لأكشف عنه... يجب تركيز اهتمام السلطات والمجتمع أكمله على تطوير البنية التحتية، الصحة، التعليم. وكما قلت سابقاً، التكنولوجيا عالية الكفاءة، زيادة إنتاجية العمل، وهذا، دون أي شك، يجب أن يهدف إلى زيادة دخل مواطنينا".

وأجاب بوتين على سؤال ترشحه قائلا "انه لديه "عمليا" برنامجا انتخابيا". وأعلن عن نيته في تطوير البنية التحتية للتعليم ورفع دخل المواطن الروسي.

جانب من المؤتمر الصحفي للرئيس الروسي

 القومية في روسيا

وقال بوتين، أنه لا يوجد حدة في المسألة القومية في روسيا. كما أعلن "أن روسيا يجب أن تركز على المستقبل وأن يكون لديها نظاما سياسيا مرنا ويجب أن يبنى الاقتصاد على التكنولوجيات العالية.

واضاف: " كما تعلمون، لقد سبق أن قلت عدة مرات أي روسيا أود أن أرى، خلال الفعاليات الجماعية وفي المحادثات الشخصية ذات الطابع الأضيق. مرة أخرى سأقول: يجب أن تكون روسيا حديثة جدا، يجب أن يكون النظام السياسي مرنا، يجب أن يبنى الاقتصاد على التكنولوجيات العالية، يجب أن تزيد إنتاجية العمل عدة أضعاف".

الاقتصاد الروسي

وقال الرئيس الروسي أن الاقتصاد الروسي في ارتفاع ، وهذه حقيقة، دون أي مبالغة. أما بالنسبة للتضخم في البلاد، قال بوتين "التضخم يشكل رقما قياسيا منخفضا في تاريخ روسيا الحديث ويصل 2.5 بالمئة". بينما الاقتصاد الروسي في تعافي.

وأضاف بوتين أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في روسيا وصلت إلى 23 مليار دولار هذا العام. وأكد أن دخل المواطن الروسي سيتغير إلى الأفضل.

وتابع: "إن الاقتصاد اليوم يعتمد بصورة متزايدة على الطلب المحلى حتى عندما تنخفض الإيرادات الحقيقية وفى الواقع فان الطلب المحلى ينتعش تدريجيا فى السنوات الأخيرة وان التجارة الداخلية قد نمت بنسبة 3 بالمئة بالفعل".

البنك المركزي الروسي

وأجاب الرئيس الروسي حول عمل البنك المركزي الروسي والرقابة عليه قائلا "يتم مراقبة عمل البنك المركزي، حيث لم يتم العثور على أي انتهاكات في عمل البنك".

وأعلن بوتين، أن روسيا خلال عملية الاستفادة من موارد القطب الشمالي يجب أن تسترشد في المقام الأول باحترام الأمن البيئي والعسكري لهذه المنطقة.

وقال بوتين "هناك (في المنطقة القطبية الشمالية) احتياطياتنا المعدنية الرئيسية، ولكن استغلال هذه الموارد المعدنية يجب أن يتوازى مع العناية بالطبيعة، مع مراعاة جميع المتطلبات المفروضة على النشاط الاقتصادي في هذه المنطقة الحساسة جدا، وثانيا هو ضمان الأمن: الأمن البيئي، والأمن العسكري في هذه المنطقة ".

وأضاف بوتين، أن بلاده ذكرت الأجانب بأن أرخبيل فرانسوا جوزيف، هي جزر تابعة لها، وأن كل شيء على ما يرام الآن هناك "أذكر، كنت على أرض فرانسوا جوزيف. كان هناك مرشدون سياحيون قبل بضعة أعوام، عند رحلات الأجانب، كان المرشدون الأجانب يقولون أن هذه الجزر، التي كانت لوقت قريب جدا تابعة لروسيا. لقد نسوا بشكل ما أنها جزر روسية أصلا، لكننا ذكرناهم وكل شيء على ما يرام هناك. هذا أيضا لا يجب نسيانه".

معاهدة إزالة الصواريخ 

وعن معاهدة إزالة صواريخ متوسطة والقصيرة المدى، قال الرئيس الروسي: "يبدو أن العمل جار لخروج الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى لكن نحن لن نفعل ذلك".

وأضاف أن روسيا لا تستطيع السماح لنفسها بنفقات على الدفاع كما هو الحال في أمريكا. مؤكدا أن روسيا تصرف 46 مليار دولار على الدفاع في الوقت الذي تنوي أمريكا تخصيص لهذا الهدف 700 مليار دولار.

واستطرد قائلا "روسيا تولي الاهتمام المطلوب لتطوير الجيش، لكن دون تدمير ميزانيتها وبعيدا عن التورط في سباق التسلح".

دعم الأطفال 

وأجاب الرئيس الروسي على سؤال حول دعم الأطفال وتطوير مواهبم قائلا "جميع الأطفال موهوبين (أذكياء)، ولكن يكمن السؤال حول اكتشاف هذه المواهب" مؤكدا أن هذه المسألة تقع على عاتق الوالدين والمعلمين.

وأضاف الرئيس أنه سيتم منهج كامل لمساعدة الأطفال على تنمية مواهبهم وتطوير الذات.

الألعاب الأولمبية

وعلق بوتين، على فضيحة مشاركة روسيا في الألعاب الأولمبية قائلا "فضيحة الرياضيين الروس تتطور بسبب الحملة الانتخابية في روسيا وأنا أعلم ذلك".

وأضاف "لا أشك في الخلفية السياسية لفضيحة المنشطات وروسيا ستساعد الرياضيين لاسترجاع حقوقهم في المحاكم الدولي".

وقال "نحن نحترم الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات واللجنة الأولمبية الدولية وندرك أنهم يتعرضون للضغط". كما أكد الرئيس، أن بلاده ستدافع عن حقوق رياضييها في المحاكم، وقال في هذا الصدد "أعل أن الكثير من المسؤولين الدوليين لا يريدون ذلك. لكن ماذا علينا أن نفعل؟ نحن سنضطر لمساعدة رياضيينا على الدفاع عن شرفهم وكرامتهم هناك في المحاكم المدنية".

كأس العالم 2018

وأكّد الرئيس الروسي أنّ التأخر في بناء ملاعب لكأس العالم 2018 الذي سيجري في روسيا، يطال فقط ملعباً واحداّ لكن الوضع تحت السيطرة.

وقال بوتين "كل شيء يسير وفقاً للجدول الزمني. لكن من أجل الموضوعية، يجب أن أقول، أن من 12 ملعب يخطط بناءهم في 11 مدينة (سوف يستخدم ملعبين في موسكو)، فقط في منطقة واحدة هناك تأخر شهرين. لكن ذلك قابل للإصلاح، وسوف يتم، أنا واثق، في الوقت المحدد وبجودة عالية".

وأشار إلى أن روسيا لديها خبرة واسعة في إجراء تحديات دولية ضخمة، وعلى سبيل مثال "كأس القارات جرى بمستوى عال".

العلاقات الروسية - الأميركية

وأعلن الرئيس الروسي أن الرئيس الأميركي، دونالد تراب، غير قادر على الوفاء بوعوده الانتخابية، بما في ذلك المتعلقة بروسيا، بسبب القيود الأميركية الداخلية.

وقال بوتين "هناك أشياء هو يريد فعلها، لكنه لم يتمكن بعد، إصلاح الضمان الصحي، والتوجهات الأخرى. بالمناسبة، في السياسة الخارجية هو تحدث عن تحسين العلاقات مع روسيا. وأضح أنه حتى لو أراد ذلك، حتى الآن هو غير قادر على فعل ذلك بسبب القيود المعروفة".

وأضاف بوتين، أنه ليس هو من يجب أن يقيم عمل الرئيس الأميركي، بل الشعب الأميركي. وقال في هذا الصدد "لست أنا من يجب ان يقيم عمل الرئيس ترامب، الناخب الأميركي هو من يجب أن يفعل ذلك، الشعب الأميركي".

وتابع بوتين "نحن نرى بموضوعية بعض الإنجازات الجدية حتى في هذه الفترة الزمنية غير الطويلة التي عمل بها".

الإعلام الروسي في الولايات المتحدة

واعلن بوتين، في سياق تعليقه على إجراءات الجانب الأميركي بحق "آر تي" ووكالة "سبوتنيك"، أن سؤالا يطرح نفسه حول حرية نشر المعلومات بعد تصريحات واشنطن بأنهما يشكلان تهديدا.

وقال: "الوضع الذي يتعلق بوسائل الاعلام هناك - "أر تي" و"سبوتنيك". حصتهما في الحجم الاجمالي للمعلومات قليل للغاية مقارنة بما تقوم به وسائل الإعلام الأمريكية العالمية في العالم كله وفي روسيا. وهذا يبدو تهديدا! فأين هي حرية نشر المعلومات أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية الأمريكية نفسها".

كوريا الشمالية

وعلق الرئيس الروسي على الوضع حول كوريا الشمالية قائلا "الكونغرس الأمريكي يضع روسيا في صف واحد مع كوريا الشمالية وإيران، ويريد منا حل المشاكل مع بيونغ يانغ، أنه أمر خارج العقلانية".

وأضاف "روسيا لا تعترف بكوريا الشمالية كدولة نووية وتعتبر ما يجري هناك غير بناء". وقال إن "كوريا الشمالية لا ترى طريقا آخرا للحفاظ على نفسها سوى صنع أسلحة الدمار الشامل".

مؤكدا أن " سي آي إيه " لا تعرف كل شيء عن الأهداف في كوريا الشمالية واطلاق صاروخ واحد من هناك يمكن أن يكون له عواقب كارثية.

الوضع حول أوكرانيا

ودعا الرئيس الروسي، كييف إلى التفاوض مع دونباس، لأن مثل هذه الصراعات لا يمكن حلها من قبل الوسطاء. وأشار أيضا إلى أن الرئيس الأوكراني، دعا إلى تسليح بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حيث وافقت روسيا على ذلك، بينما رفض المراقبون هذا التسليح.

وأكد بوتين أنه لا وجود للجيش الروسي على أراضي دونباس، ولكن هناك تشكيلات سياسية لا تزال قادرة على أن تصد الإجراءات ضد المنطقة.

وأضاف أنه واثق من تجاوز روسيا وأوكرانيا الصعوبات الحالية بسبب شبه جزيرة القرم. وأشار إلى أنه في حال اعتمدت أمريكا على العقلانية في السياسة الخارجية، فهذا ضمان لتعاوننا، بما في ذلك في قضية كوريا الشمالية.

الحال في سوريا

وقال الرئيس الروسي، إنه يجب حل مشكلة اللاجئين السوريين، لأن دمشق لوحدها لاتستطيع حل المشكلة. وأعرب عن استعداد روسيا لحل مشكلة اللاجئيين في إطار الجهود الدولية. كما أعلن أنه خطط منذ فترة طويلة لزيارة سوريا والمسألة كانت أمنية.

وأضاف "يجب على جميع المشاركين في عملية التسوية في سوريا عدم استخدام الجماعات الإرهابية لتحقيق الأهداف السياسية".

تصدير الحبوب

اقتصادنا يسجل نموا مضطردا بواقع 1,6 في المئة على أساس سنوي، ويحقق نموا كبيرا في صناعة السيارات والكيميائيات والأدوية وفي القطاع الزراعي إذ صارت روسيا تشغل المركز الأول عالميا بين مصدري الحبوب، وسجلنا أدنى معدل للتضخم في تاريخ روسيا.

النمو الحاصل يرتكز إلى أننا اجتزنا الصدمة التي تعرض لها اقتصادنا عامي 2014 و2015 بفعل انخفاض النفط والقيود المسماة بالعقوبات.

نمونا يعتمد الآن أكثر وأكثر على الاستهلاك الداخلي، وهذا أمر غاية في الأهمية جعلنا نسلك طريق التنمية المتزنة بما يضمن تطورنا المستدام.

مراسيم مايو الرئاسية 

وقال بوتين: تحفظ كثيرون على المراسيم التي أصدرتها عقب فوزي في الانتخابات، واعتبروا تحقيقها مستحيلا ولاسيما زيادة الأجور والرواتب في القطاع العام. كنّا على صواب في تحديد مؤشراتنا الهادفة، و94 في المئة من المراسيم تحققت ولاسيما في زيادة الرواتب في القطاع العام وأجور العاملين في التعليم المدرسي والجامعي والصحي والأمن والدفاع. نفذنا المراسيم بدرجة جيد.

تطوير الجيش والأسطول

ونوه الرئيس الروسي إننا لم ننسحب من المواثيق الأساسية للأمن الدولي قياسا بواشنطن. الولايات المتحدة عمليا انسحبت من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وتحاول اتهامنا الآن بخرق هذا الاتفاق. هم نشروا منصاتهم المضادة للصواريخ في رومانيا، والأهم أنه يمكن تزويد هذه البطاريات بصواريخ هجومية متوسطة.

وسوف نضمن أمن بلادنا دون الانجرار وراء سباق التسلح. الإنفاق على التسلح ضروري لحماية أمننا وننطلق من مبدأ ألا يؤثر ذلك على الاقتصاد. رصدنا في الموازنة العامة 2,8 تريليون روبل، وهو اثنان ونيّف من إجمالي الناتج القومي الروسي.

وقيمة ما رصدناه 46 مليار دولار فيما رصدت واشنطن 700 مليار دولار. روسيا لن تسمح لنفسها بهذا الإنفاق، ولكننا قادرون بـ46 مليارا على ضمان أمننا. سوف نطور الجيش والأسطول ولن ننساق وراء سباق التسلح.

ذبح أهل دونباس

وأكد الرئيس الروسي أن دونباس كانت ستتعرض لمصير سريبرينيتسا في يوغوسلافيا السابقة، وعلى سلطات كييف الاتفاق مع جنوب شرقي أوكرانيا، حيث لا يمكن حل النزاعات من هذا القبيل عبر الوسطاء.

وعلى صعيد القرم، فإن السلطات السوفيتية قد أخطأت حينما ألحقت شبه جزيرة القرم بقوام جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية. أهل القرم قالوا كلمتهم، وقضية القرم لم تعد مادة للنقاش.

ساكاشفيلي يبصق 

وقال بوتين: ممارسات ميخائيل ساكاشفيلي الرئيس الجورجي السابق في أوكرانيا، تمثل "بصقة في وجه الشعبين الجورجي والأوكراني، وأتعجب كيف لا يزال الأوكرانيون يتحملونه إلى اليوم، وهل نفد الأوكرانيون الحقيقيون؟ آسف لما نراه، وقلبي يطفح بالدم لما يحدث هناك".