«إيلاف» من لندن: اكد المرجع الشيعي العراقي السيستاني ان النصر على داعش لا فضل فيه لأحد غير القوات المسلحة محذرًا من ان المعركة ضد الارهاب ستستمر رافضا استغلال الحشد الشعبي لاهداف سياسية وانما دمجهم بمؤسسات الدولة داعيًا الى حصر السلاح بالدولة مؤكدًا على محاربة جدية للفساد التي قال انها ستكون اكثر ضراوة منها ضد الارهاب وطالب برعاية عائلات الشهداء والجرحى والعمل على تجفيف منابع الارهاب المالية والفكرية.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم وتابعتها "إيلاف"، انه بعد اكثر من ثلاثة اعوام من القتال الضاري ومواجهة مختلف التحديات والصعاب، فقد انتصر العراقيون على اعتى قوة ارهابية استهدفت بلدهم حاضراً ومستقبلاً .. وبعزيمة راسخة فقد حافظوا على الوطن وكرامته ومقدساته من خلال تضحياتهم بابنائهم وبكل غال ونفيس وكتبوا تاريخ العراق الحديث بحروف النصر، حيث وقف العالم مشدوها ببسالتهم وتحقيقهم لهذا النصر الكبير على داعش الذي تم الاعلان عنه قبل ايام والذي ظن الكثيرون انه بعيد المنال لكنّ العراقيين جعلوه واقعًا.

لا فضل للنصر على داعش لغير القوات المسلحة

وخاطب الشيخ الكربلائي ابناء القوات المسلحة قائلاً :ايها المقاتلون الميامين بمختلف عناوينكم وتشكيلاتكم ان المرجعية الشيعية التي اصدرت فتوى التطوع لاسناد القوات الامنية قد بعثت خيرة اساتذتها وطلبتها في الحوزة الشيعية دعمًا للمقاتلين وقدمت العشرات منهم شهداء لا ترى فضلا لاحد غير فضلكم ولا مجدا غير مجدكم في تحقيق هذا الانتصار الكبير فلولاكم واندفاعكم البطولي وصمودكم الاسطوري ثلاثة اعوام لما تحقق هذا النصر المبين فالنصر منكم واليكم وانتم اصحابه واهله فبوركت سواعدكم التي قاتلتم بها فانتم عزنا وفخرنا الذي نباهي به الامم، وحيث نعجز ان نوفيكم بعض حقكم ولكن الله تعالى سيوفيكم الجزاء الاوفر.

وثمن تضحيات شهداء المعارك ضد الارهاب الذين قال انهم قدموا ارواحهم فداء للوطن وحيا عائلاتهم التي فقدتهم، وهي صابرة مستذكرا الجرحى ايضا وخاصة الذين اصيبوا بالاعاقة الدائمة واصفًا اياهم بالشهداء الاحياء. وقدم الشكر لكل"الاشقاء والاصدقاء" الذين وقفوا مع العراق وقدموا له الدعم والمساعدة في حربه مع الارهاب.

النصر على داعش ليس نهاية المعركة

وحذر معتمد السيستاني من ان النصر على الدواعش لايمثل نهاية المعركة ضد الارهاب والارهابيين .. مؤكدا انها ستستمر وتتواصل مادام هناك اناس اعتنقوا الفكر المتطرف الذي يرفض التعايش مع من يختلفون معه في الرأي وفي العقيدة ولا يتورع عن الفتك بالابرياء وسبي النساء والاطفال وتدمير البلاد بأساليبه الخبيثة.. مؤكدًا بالقول "حذار من التراخي في التعامل مع هذا الخطر المستمر والتغاضي عن الخلايا النائمة التي تتربص الفرص للنيل من امن واستقرار البلاد".

التصدي لجذور الارهاب
واشار الى ان مكافحة الارهاب لابد ان تتم من خلال التصدي لجذوره الفكرية وتجفيف منابعه المالية والفكرية والاعلامية ويتطلب ذلك العمل وفق خطط مهنية مدروسة لتأتي بالنتائج المطلوبة .. موضحًا ان العمل الامني والاستخباري وإن كان يشكل الاساس في مكافحة الارهاب الا ان من الضروري ان يقترن ذلك بالعمل التوعوي لكشف زيف الفكر الارهابي وانحرافه عن جادة الاسلام الحنيف مع نشر ثقافة الاعتدال في المجتمعات التي قد تقع تحت تأثير الفكر المتطرف وتحسين الظروف المعيشية في المحررة واعادة اعمارها وتمكين اهلها النازحين من العودة اليها بعزة وكرامة وضمان عدم الانتقاص من حقوقهم الدستورية وتجنب تكرار الاخطاء السابقة في التعامل معهم .


تقوية وتحسين اداء المنظومة الامنية
واوضح الكربلائي ان المنظومة الامنية لاتزال بحاجة ماسة الى المزيد من الرجال الابطال الذين قاتلوا في مختلف الجبهات وابلوا بلاء حسنا في اشد الظروف قساوة واثبتوا انهم اهل للمنازلة في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات وحققوا نتائج مذهلة فاجأت الجميع ولاسيما الشباب منهم الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية والاستخبارية واكتسبوا خبرات قتالية مهمة وكانوا مثالاً للانضباط والشجاعة ولم يصبهم الوهن ولذلك فإن من الضروري استمرار الاستعانة والانتفاع بهذه الطاقات المهمة ضمن الاطر الدستورية والقانونية التي تحصر السلاح بيد الدولة وترسم المسار الصحيح لهؤلاء الابطال في حفظ البلد وتعزيز امنه والوقوف بوجه اية محاولات جديدة للارهابيين للنيل من العراق .

العناية بالجرحى وعائلات الشهداء
وشدد معتمد السيستاني على ضرورة الوفاء للشهداء من خلال العناية بعوائلهم من ارامل ويتامى وتوفير الحياة الكريمة لهم من حيث السكن والصحة والتعليم والنفقات.. منوهًا الى ان هذا واجب وطني واخلاقي وحق في اعناقنا جميعا ولن تفلح امة لا ترعى عوائل الشهداء الذين ضحوا بحياتهم . وقال إن هذه المهمة هي بالدرجة الاولى واجب الحكومة ومجلس النواب بأن يوفرا مخصصات مالية وافية لتوفير العيش الكريم عوائل الشهداء .
واشار ايضا الى ان الحرب مع الارهابيين الدواعش خلفت عشرات الالاف من الجرحى المشاركين في العمليات القتالية والكثير منهم بحاجة للرعاية الطبية، والاخرون اصيبوا بعوق دائم كالشلل الرباعي وفقدان البصر، ولولا هؤلاء لما تحررت الارض، ولذلك يجب توفير العيش الكريم لهم وتحقيق وسائل راحتهم تخفيفًا لمعاناتهم واجب ويلزم الحكومة ومجلس النواب ان يوفرا المخصصات اللازمة لذلك .

لا لاستغلال الحشد الشعبي سياسياً
وتابع :" ان معظم الذين شاركوا في الدفاع الكفائي في اشارة الى مقاتلي الحشد الشعبي لم يشاركوا فيه لدنيا ينالونها ومواقع يحظون بها فقد هبوا للجبهات استجابة لنداء المرجعية وتلبية للواجب الوطني دفعهم اليه حبهم للعراق والعراقيين وغيرتهم على اعراض العراقيات من ان تنتهك بأيدي الدواعش وحرصهم على صيانة المقدسات فكانت نواياهم خالصة من أي مكاسب دنيوية ومن هنا حظوا باحترام بالغ في نفوس الجميع واصبحت لهم مكانة سامية في مختلف الاوساط الشعبية لاتدانيها مكانة اي حزب او تيار سياسي ومن الضروري المحافظة على هذه المكانة الرفيعة والسمعة الحسنة وعدم محاولة استغلالها لتحقيق مآرب سياسية تؤدي في النهاية الى ان يحل بهذا العنوان المقدس ما حل بغيره من العناوين نتيجة للاخطاء .

معركة الفساد اخطر منها ضد الارهاب
وشدد معتمد السيستاني على ان التحرك الجدي والفعال لمحاربة الفساد يعد من اولويات المرحلة المقبلة فلابد من محاربة الفساد المالي والاداري بخطط عملية واقعية بعيدًا عن الاجراءات الشكلية والاستعراضية.

واضاف أن المعركة ضد الفساد التي تأخرت طويلاً لا تقل ضراوة عن المعركة ضد الارهاب ان لم تكن اقوى، والعراقيون قادرون على خوض معركة الفساد والانتصار فيها ايضا.

وكان القائد العام للقوات ‏المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي قد اعلن السبت الماضي تحرير كامل الاراضي العراقية من تنظيم داعش . مؤكدا"ان العلم العراقي اصبح يرفرف اليوم في ابعد نقطة حدودية". وقال: "لقد انجزنا المهمةَ الصعبةَ في الظروف الصعبةِ ‏وانتصرنا".

وشدد العبادي على "أنَ حُلمَ داعش انتهى ويجبُ أنْ نُزيلَ كلَ آثارهِ ولانسمحَ ‏للارهابِ بالعودةِ مرًة اخرى".. واكد بالقول "إننا وعلى الرَغمِ من اعلانِ الانتصارِ النهائي يجبُ أنْ نبقى على حذرٍ ‏واستعدادٍ لمواجهةِ ايةِ محاولةٍ ارهابيةٍ تستهدفُ شعبَنا وبلدَنا، فالارهابُ عدوٌ دائم ‏والمعركةُ معه مستمرة ولابد أنْ نحافظَ على هذه الوحدةِ التي هزمنا بها داعش فهي ‏سرُّ الانتصارِ الكلي ".