قالت شرفات أفيلال، كاتبة الدولة (وزيرة دولة) لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء المكلفة الماء، إن الماء محدد من محددات السلم والاستقرار، مؤكدة أن أعوان شرطة المياه الذين يوجدون في طليعة المدافعين عن الملك العام المائي، يكافحون من أجل الحفاظ على الثروة المائية من كل "استنزاف واستغلال غير معقلن".

إيلاف من الرباط: أوضحت أفيلال، التي كانت تتحدث في افتتاح يوم دراسي نظمته الوزارة اليوم الأربعاء بالرباط، حول شرطة المياه، أن هذه الشرطة "جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة لضمان حسن تدبير الموارد المائية"، مشددة على أن هذا الجهاز "لن يكون عائقًا في وجه التنمية والحدّ من الاستثمار، وسيعمل من أجل إرساء أسس الحكامة الجيدة وترشيد الملك العام".

ودقت المسؤولة الحكومية المغربية ناقوس الخطر حول ما تعانيه بلادها من ضغط على الموارد المائية، حيث قالت: "بلادنا أصبحت معروفة بفعل الآثار السلبية والوخيمة للتقلبات المناخية، ونلمس ذلك من خلال هذا "الصيف" الآن ونحن في شهر ديسمبر والتساقطات متأخرة حتى الآن، وهو ما شكل ضغطًا مهولًا على الموارد المائية"، وزادت موضحة "بل في بعض الأحيان بلغ الاستنزاف درجة تهدد الاستثمارات والأمن المائي في بعض المناطق"، وذلك في إشارة إلى الاحتجاجات التي شهدتها مناطق عدة في الأشهر الأخيرة بسبب انقطاع الماء على ساكنيها.

محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة بالمغرب

ومضت أفيلال في حديثها عن تحدي الماء الذي يواجهه المغرب، مسجلة أن المياه الجوفية في العديد من المناطق أصبحت "مهددة بتسرب المياه المالحة التي يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على المياه الموجهة للشرب، وكذلك الموجّهة إلى الاستثمارات الفلاحية"، مشددة على ضرورة دعم جهاز شرطة المياه بالإمكانيات والموارد البشرية اللازمة لمواجهة الاستغلال غير المعلن لهذه المادة الحيوية.

ووجّهت أفيلال نداء إلى رئيس النيابة العامة والسلطة القضائية لمد يد العون والمساعدة لرجال ونساء شرطة المياه، من أجل مساعدتهم على القيام بمهامهم وتدليل الصعوبات والتحديات التي تواجههم ، وقالت "لا بد من توفير الدعم لشرطة المياه حتى تضمن اللجوء إلى الماء بشكل عادل ومتكافئ بين جميع الفرقاء، وتضمن استدامة هذا المورد الذي أصبح مهددًا"، كما طالبت بتحسين "ظروف عملهم والارتقاء بمهامهم وتكوينهم، بل هم في حاجة إلى الحماية لأنهم كثيرًا ما يتعرّضون للاعتداء عبر التراب الوطني والإهانة التي تصل في بعض الأحيان إلى حد التعنيف".

من جهته، اعتبر محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، أن الاستغلال المتنامي للمياه والمساس بنوعيتها وجودتها وتفاقم الصراع بين المصالح الفردية والمجتمعية "أملى تدخل المشرع للملاءمة بين حق المستهلك وضرورة المراقبة التي تمارسها السلطات العامة"، وشدد على أهمية دور العدالة والجهاز القضائي في حماية هذا المورد الحيوي.

وقال رئيس النيابة العامة، في كلمة بالمناسبة، إن القائمين على شؤون العدالة "مطالبون بحماية هذه المادة الحيوية من التجاوزات، ومعالجة مختلف النزاعات حولها بشكل يضمن حمايتها، ويضمن الأمن المائي باعتباره مطلبًا للساكنة وحقًا شرعيًا لها"، وأشاد بالدور الذي لعبه العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني في ضمان الأمن المائي بنهج سياسة تدشين عدد من السدود لتخزين المياه بمختلف مناطق المغرب.

كما أشار عبد النباوي إلى أن الماء سيكون مصدرًا للصراعات الدولية والإقليمية والجهوية، مبرزًا أن هذه المادة الحيوية تعد "ملكًا عموميًا لا يجوز تفويته (تخصيصه) والحجز عليه ولا إدعاء امتلاكه بالتقادم، وهو ما سار عليه القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء".

أفيلال وعبد النباوي في صورة مع رجال شرطة المياه بالمغرب 

وأفاد رئيس النيابة العامة بأن التنافس الصناعي حول "تعبئة الموارد المائية الصالحة للشرب والإتجار فيها والمطالبة بالترخيص في استعمالها يستلزم التحلي باليقظة حفاظًا على صحة المواطنين، ومتابعة المخالفين ضمانًا للثروة المائية وحماية لمواردها"، إذ يعد هذا المجال استثمارًا مربحًا تحتكره شركات وأسماء بعينها في البلاد.

وأضاف عبد النباوي أن حماية الثروة المائية من التعسف في الاستعمال يدخل في صلب اهتمامات "السياسة الجنائية ويشكل جزءًا من اهتمامات النيابة العامة بحكم مسؤوليتها في الدفاع عن الحق العام وحماية النظام العام والدود عنه"، مستدركًا أن السياسة الجنائية "ليست إلا واحدة من بين سياسات عمومية أخرى ينبغي تكاملها بداية بتوعية المواطنين وتحسيسهم بأهمية الثروة المائية"، مطالبًا بتطبيق القانون في محاسبة ومتابعة المخالفين، والذي يتضمن جملة من العقوبات والأحكام التي من بينها السجن.

وأكد رئيس النيابة العامة أن الماء حق من حقوق الإنسان وجزء من آليات الحفاظ على الأمن بالبلاد، معتبرًا أن تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين من شأنه أن "يلعب دورًا رائدًا في حماية المياه ومجال التجريم الواسع بإمكانه ردع المخالفين"، وذلك في إشارة منه إلى أهمية المقاربة الزجرية في الحفاظ على الموارد المائية المحدودة بالبلاد.

يشار إلى أن اليوم الدراسي الذي تنظمته كتابة الدولة (وزارة الدولة) المكلفة الماء، يروم التعريف بشرطة المياه والمهام المنوطة بها وتقاسم الآراء والأفكار الكفيلة بالنهوض بمهام وأدوار هذاالجهاز، الذي يعاني من مجموعة من التحديات من أبرزها ضعف الموارد البشرية، حيث لا يتجاوز عناصرها 200 فرد، مكلفين تغطية مختلف مناطق المملكة، الأمر الذي يساهم في تعقيد مهمتهم.

سيارة شرطة المياه بالمغرب

وتعد شرطة المياه جهازًا تابعًا للوزارة المنتدبة المكلفة الماء أحدث بموجب قانون 36-15، يضطلع بمهمة مراقبة وتنظيم وحماية الملك العمومي المائي الذي يتكون من السدود والضايات والوديان، ومراقبة التراخيص وحفر الثقوب والآبار وصب المياه العادمة التي تلوث المياه الصالحة في الوديان.

ويراهن المغرب على هذا الجهاز من أجل تعزيز حماية المصالح والموارد المائية وعقلنة تدبيرها والحفاظ عليها لضمان استمرارها ووصولها إلى كل المناطق.