ليما: طالب الرئيس البيروفي السابق البرتو فوجيموري الثلاثاء الصفح من الشعب، بعد يومين من نيله عفواً رئاسياً أثار تظاهرات احتجاج طالبت باستقالة الرئيس الحالي بيدرو بابلو كوتشينسكي المتهم بابرام صفقة سياسية في هذا الشأن.

وقال فوجيموري في فيديو نشر على فايسبوك من سريره في المستشفى "أعي أن نتائج (عمل) حكومتي لقى استحسانا من جانب واحد، لكنني اعترف انني خذلت مواطنين آخرين، واطلب منهم من كل قلبي أن يعفو عني". وكان فوجيموري يتحدث مرتديا رداء أبيض، فيما ثبت جهاز قياس الضغط على ساعده الأيمن، ووضع جهاز مراقبة طبي اخر في احد اصابع يده اليسرى.

حكم البرتو فوجيموري (79 عاما) وهو من أصل ياباني، البيرو من 1990 الى 2000. وفي 2009، حكم عليه بالسجن 25 عاما بتهم فساد وارتكاب جرائم ضد الانسانية لوقوفه وراء اغتيال 25 شخصا بايدي سرية الموت خلال الحرب ضد حركة الدرب المضيء اليسارية المتطرفة الماوية.

ونقل الرئيس السابق السبت إلى مستشفى بعدما عانى من عدم انتظام في ضربات القلب وانخفاض في ضغط الدم. أصدر الرئيس كوتشينسكي الاحد عفوا "انسانيا" عن فوجيموري وسبعة مسجونين آخرين، ما وضعه في بؤرة أزمة سياسية بعد أيام من تفاديه اجراءات عزل في البرلمان.

والاثنين، اندلعت مواجهات بين متظاهرين ورجال الشرطة الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق الحشد، ما أدى الى اصابة مصور في التلفزيون الوطني بجروح، وادخاله الى المستشفى لاجراء فحوص طبية. ونشرت قوات امنية كبيرة في شوارع العاصمة البيروفية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المستشفى الذي يعالج فيه فوجيموري. وتجمع امام المستشفى مئات من مؤيدي الرئيس السابق للاحتفال باطلاق سراحه.

العدالة ليست انتقاما
وطالب المحتجون الغاضبون الذين نزلوا الى الشوارع باستقالة كوتشينسكي الذي يتهمونه بابرام صفقة سياسية، وهتفوا "ارحل" علما أنه تعهد خلال حملته الانتخابية في 2016 بعدم الافراج عن الرئيس السابق. لكن كوتشينسكي دافع عن نفسه في خطاب متلفز.

وقال في خطابه مساء الاثنين "أنا مقتنع أن أولئك الذين يؤيدون الديمقراطية من بيننا لن يسمحوا بوفاة البرتو فوجيموري في السجن، لأن العدالة ليست انتقامًا".

وتابع أن الأمر متعلق "بصحة وفرص حياة رئيس سابق للبيرو ارتكب تجاوزات واخطاء جسيمة وحكم عليه، وقضى بالفعل 12 عاما" في السجن. وقال المحلل السياسي ارتورو مالدونادو لصحيفة ال كوميرسيو المحلية إن "كلمة الرئيس (كوتشينسكي) فقدت قيمتها ولن يحظى بالدعم مجددا".

وقال اليخاندرو اغيوناغا طبيب فوجيموري ان الرئيس السابق ما زال في قسم العناية المركزة وهو يعاني من "عوارض مرضية متقدمة مثل الرجفان الاذيني، وهي مشكلة تتزايد على مر الوقت في القلب". وكشفت استطلاعات للرأي اجريت أخير ا ان 65 بالمئة من البيروفيين يؤيدون اصدار عفو عن فوجيموري، الذي ما زال يثير اهتماما كبيرا في البيرو.

لعبة سياسية
كُتب على واحدة من اللافتات التي رفعها المتظاهرون الذين كانوا يسيرون ببطء وراء علم بيروفي كبير "فوجيموري قاتل ولص ولا للعفو". وانضم اقرباء ضحايا سياسة مكافحة الارهاب التي اتبعها فوجيموري، الى المتظاهرين.

وقالت غيرزيلا اورتيز التي تمثل مجموعة عائلات، لصحافيين "كل شىء يندرج في اطار لعبة سياسية. الاسباب الصحية (التي كانت سبب العفو) ليست واضحة، ونحن هنا مع الأهالي لادانة هذا العفو غير القانوني، لانه لا يتناسب مع خطورة الجرائم التي عوقب من اجلها".

وانتقد السكرتير التنفيذي للمفوضية الاميركية لحقوق الانسان باولو ابراو ايضا على تويتر العفو، معتبرا انه "قرار سياسي يتجاهل التوازن بين العفو وخطورة الجرائم ضد الانسانية". واضاف "هذه ليست مصالحة، بل افلات من العقاب".

من جهته، قال كارلوس ريفيرا محامي ضحايا سياسة مكافحة الارهاب في عهد فوجيموري "لا يمكن العفو عن هذه الجرائم. القانون الدولي يقول ذلك". وأصدر الرئيس كوتشينسكي العفو عن فوجيموري استنادا الى توصية طبية، بعد ثلاثة ايام على افلاته من تصويت على اقالته في البرلمان.

وهو متهم بانه كذب بشأن علاقاته مع المجموعة البرازيلية للانشاءات العامة اوديبريشت التذي اعترفت بانها دفعت بين 2004 و2013، حوالى خمسة ملايين دولار الى شركة استشارية مرتبطة بشكل مباشر به عندما كان وزيرا.

واطلق معارضو كوتشينسكي اجراءات عزل طرحت للتصويت في البرلمان الخميس الماضي. وكان ينبغي ان تحصل على ثلثي اصوات النواب لتنجح، اي 87 من اصل 130. لكن طلب العزل بسبب "العجز الاخلاقي" رفض اذ لم يؤيده سوى 79 نائبا.

لكن هذه النتيجة التي شكلت ضربة إلى كيكو فوجيموري المنافسة الرئيسية لكوتشينسكي، نجمت من صراع نفوذ داخل "القوة الشعبية" اكبر حزب معارضة تتولى قيادته مع شقيقها كينجي. وكشف التصويت الانقسامات داخل هذا الحزب اذ ان عشرة من ممثليه امتنعوا عن التصويت بينهم كينجي فوجيموري. وسرت شائعات منذ ايام عن مفاوضات جرت بين الحكومة وعائلة فوجيموري للعفو عنه.