لا يزال عدد من الصحف العربية يولي اهتماماً بقضية القدس بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.

ويرى كُتّاب أن الزخم الدبلوماسي الدولي ضد القرار الأمريكي يُعدُّ انتصاراً للقضية الفلسطينية يجب استثماره، ولاسيّما إذا رافقه وحدة فلسطينية وتوافق عربي.

"انتصار سياسي يجب استثماره"

وتقول كفاية حديدون في صحيفة "القدس" الفلسطينية إن "قرار الجمعية العامة والقرارات التي تمخضت عن منظمة التعاون الإسلامي بالمجمل هي انتصار سياسي ودبلوماسي يضاف للقضية الفلسطينية وهزيمة فادحة وكاسحة لواشنطن ينبغي استثماره والبناء عليه من قبل السلطة الفلسطينية والدول الصديقة ذات الثقل في الميزان الدولي والإقليمي".

وترى أن هذا الاستثمار سيكون نتيجة "اتخاذ خطوات أكثر رصانة، وصياغة مواقف عملية وآليات تنفيذ على الأرض تعزز من صمود الفلسطيني على أرضه وحقه في تقرير مصيره".

وتضيف: "على الصعيد الداخلي، الطريق متاح والفضاء مفتوح أكثر من أي وقت مضى لصياغة مشروع وبناء استراتيجية وطنية ورفع سقف المقاومة الوطنية بكافة أشكالها وتجريم التعاون والتطبيع مع الاحتلال".

لكن جمال أسعد في "اليوم السابع" المصرية يعتقد أن "هذا الزخم العالمي وذلك الموقف الدولي لا ولن يكون هو الحاسم للحل واستعادة الحق الفلسطيني بغير الدور والنضال الفلسطيني الذي يعتمد على الإصرار على استعادة هذا الحق".

ويرى أن هذا لن يتأتى "بغير توحد فلسطيني حقيقي وتوافق عربي بعيداً عن التحالفات التحتية والمصالح الذاتية على حساب الشعوب العربية".

وفي "الغد" الأردنية، يتوقع فهد الخيطان، أن العام الجديد سيكون "عام التحولات المصيرية بالنسبة للقضية الفلسطينية، وقد تقود هذه التحولات مسار الأحداث في المنطقة، فبعد سنوات من الانشغال بالحرب على الإرهاب، تعود قضية الشعب الفلسطيني لتتصدر الأحداث، ومعها تغدو كل الاحتمالات ممكنة".

ويرى أن أفضل ما يمكن أن تفعله الدول العربية هو "العمل على ترميم وصيانة الحالة الفلسطينية على الأرض لتمكينها من مواجهة المخططات الإسرائيلية. ويقتضي ذلك استكمال اتفاق المصالحة الوطنية، وتقديم الدعم المالي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة".

أما على المستوى الدولي، فيقول إنه ينبغي "توظيف كل أوراق الضغط العربية والجهود الدبلوماسية لمنع تحول القرارات الأميركية الأخيرة ومخططات الاحتلال الإسرائيلي إلى أمر واقع مسلم به عالميا".

ويرى يوسف الحسن في "الخليج" الإماراتية أن "هناك الكثير الذي يمكن التفكير فيه، لكن بعقلية مغايرة، بعيدة عن الشعارات والمصالح الخاصة، وتعمل على تغيير الواقع السياسي، وتراهن على شعبها البطل المتصالح مع نفسه وقضيته، وتقتنع بأن إقامة سلام مع غاصب، متغطرس، واحتلال غير مكلف له، هو خيار عبثي، وقبض على هواء كثير".

"حالة التراخي"

لكن عريب الرنتاوي يبدي في "الدستور" الأردنية تخوفه مما سمّاه بـ"حالة التراخي" في الأوساط الرسمية الفلسطينية حيال قضية القدس.

ويقول إنه بالرغم من مرور ثلاثة أسابيع على قرار ترامب "لم تندلع 'انتفاضة ثالثة' بعد في القدس والضفة الغربية. ثمة حالة اشتباك متفرقة ومتقطعة، وهبة شعبية تتفاوت حدتها من مكان لآخر، وتضحيات باسلة على خطوط التماس مع الاحتلال في شطري الوطن المحتل والمحاصر، لكن من الصعب القول إن مقاومة الشعب الفلسطيني قد دخلت مرحلة 'الانتفاضة' تأسيساً على ما حصل في عامي 1987 و2000".

ويقول إن "الرهان ما زال معقوداً على تصعيد المواجهة الشعبية مع الاحتلال"، غير أنه أعرب عن خشيته من "حالة التراخي والاسترخاء التي بدأت تصيب بعض الأوساط الرسمية الفلسطينية، سواء بفعل 'ترهل' الجهاز البيروقراطي للسلطة وشيخوخة القيادة والمؤسسات، أم استجابة لضغوط ما فتئ الإعلام يكشف عن بعض فصولها، خصوصاً من قبل بعض العواصم العربية التي أظهرت 'لا مبالاة' واضحة في التعامل مع ملف القدس".

ويشير مصطفى الصراف في "القبس" الكويتية إلى وجهة نظر أخرى، ترى أن قرار ترامب قُصد منه "تأجيج المشاعر الإسلامية وتحريك الجماعات المتطرفة لتبدأ جولة جديدة من التخريب والتدمير ضد الأنظمة في المنطقة، شبيهة بما أطلق عليه "الربيع العربي"، وليظهر جيش من العصابات الإسلامية المتطرفة مثل 'داعش'، لكن التركيز هذه المرة سيكون على الخليج العربي كميدان لها".