هورليفكا: تبادلت السلطات الاوكرانية والانفصاليين الذين يسيطرون على قسم من شرق البلاد الاربعاء عدة مئات من الاسرى في اكبر عملية من نوعها منذ بدء النزاع قبل نحو اربع سنوات.

ويشكل هذا التبادل قبل احتفالات راس السنة والميلاد الاورثوذكسي في 7 يناير 2018، تقدما نادرا في تطبيق اتفاقات السلام الموقعة في فبراير 2015 التي اتاحت خفض حدة المعارك لكن من دون تسوية سياسية للنزاع الذي اوقع اكثر من عشرة آلاف قتيل.

واستقبل الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو ترافقه سفيرة فرنسا لدى اوكرانيا ايزابيل دومون ودبلوماسي الماني الاوكرانيين الذين افرج عنهم بالقرب من خط الجبهة.

وقال بوروشنكو الذي ارتدى زيا عسكريا "نبذل كل ما في وسعنا" لإطلاق سراح جميع السجناء، وصافح الجنود والمدنيين الذين شملتهم عملية التبادل. بعد ذلك، نقلت مروحيات وطائرات المفرج عنهم الى خاركيف وكييف، وفقا لصور نشرت على صفحته في الفيسبوك.

شملت عملية التبادل الذي كان ثمرة مفاوضات مكثفة شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، 73 اسيرا لدى المتمردين و233 اسيرا لدى سلطات كييف. وافاد مكتب النائب العام الاوكراني ان التبادل كان سيشمل في البداية 74 سجينا من الانفصاليين مقابل 306 تحتجزهم كييف لكن ما مجموعه 74 منهم رفضوا ذلك.

تم اول تبادل للاسرى منذ 15 شهرا عند خط الجبهة قرب مدينة هورليفكا التي تبعد 40 كلم شمال شرق دونيتسك "عاصمة" احدى الجمهوريتين الانفصاليتين، واستمر لساعات عدة. صفق عشرات الاسرى عند وصول الحافلات التي ارسلتها سلطات كييف لنقلهم هاتفين "تعيش اوكرانيا".

بين هؤلاء المؤرخ المعروف ايغور كوزلوفسكي الذي كان اعتقاله قبل عامين اثار تعاطفا في اوكرانيا. وقال المؤرخ البالغ من العمر 63 عاما وقد بدا عليه التعب لفرانس برس "تم اعتقالي بسبب موقفي الموالي لاوكرانيا ولم اكن اعرف حتى اللحظة الاخيرة ما اذا كنت مشمولا بعملية التبادل". من جهتها قالت فالنتينا بوتشوك "لم اتعرض للتعذيب، لكن الضغوط النفسية كانت بغاية الشدة".

وشارك الصيب الاحمر ومراقبون من منظمة الامن والتعاون في اوروبا في عملية التبادل كما حضرها ثلاثة كهنة اورثوذكس روسا.

برلين ترحب بـ "نبأ سار"
في غضون ذلك، دعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بيان مشترك الى مواصلة هذه العملية "بالنسبة الى السجناء الباقين" الذين يختلف عددهم تبعا للمصادر.

واشادت المانيا بتبادل الاسرى معتبرة انه "نبأ سار" و"بادرة انسانية مهمة"، بحسب ما صرح سيغمار غابريل وزير الخارجية. وترعى المانيا وفرنسا عملية السلام في اوكرانيا. يمثل الافراج عن الاسرى احد النقاط الاساسية في اتفاقات مينسك للسلام لعام 2015. واتاحت هذه الاتفاقات خفض حدة المعارك لكن جانبها السياسي بقي حبرا على ورق.

وتتواجه في النزاع في شرق اوكرانيا الذي خلف اكثر من عشرة آلاف قتيل منذ ابريل 2014، قوات حكومة كييف وانفصاليين مؤيدين لروسيا، تقول كييف والغربيون انهم مدعومون من موسكو الامر الذي تنفيه روسيا. وادى النزاع الى اسوا مرحلة من التوتر بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة. 

وفي منتصف نوفمبر 2017 كان السياسي الاوكراني فيكتور مدفيدتشوك الذي يعتبر مقربا من بوتين واحد ممثلي سلطات كييف في المفاوضات، طلب من الرئيس الروسي التدخل لدى القادة الانفصاليين لدفع عملية تبادل اسرى من الجانبين تحت شعار "الجميع مقابل الجميع".

واعلنت الكنيسة الاورثوذكسية الروسية الاثنين اتفاق كييف والتمرد على بنود التبادل اثر اجتماع بين بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل والقادة الانفصاليين ومدفيدتشوك. وشكلت هذه العملية الاربعاء مرحلة اولى في عملية تبادل شامل للاسرى لدى المعسكرين.

في المرحلة الثانية التي لم يحدد تاريخها حتى الان، يتوقع ان يتم تبادل 29 اسيرا لدى المتمردين و74 اسيرا لدى كييف، كما قال مدفيدتشوك الاربعاء لقناة ان تي في الروسية.

على الصعيد الدبلوماسي، تصاعد التوتر في الايام الاخيرة اثر قرار واشنطن زيادة مساعدتها لاوكرانيا في مجال الدفاع لتتمكن كييف من ضمان "سيادتها" على اراضيها. واتهمت موسكو واشنطن بالتشجيع على "حمام دم".