باريس: قبل يومين على حلول العام 2018 لا تزال السلطات في فرنسا في حالة تأهب إزاء تهديد ارهابي "مستمر" رغم تراجع عدد الهجمات في البلاد خلال 2017، وذلك بعد توقيف شخصين يشتبه بتخطيطهما لتنفيذ اعتداءات وتعبئة كبيرة لقوات الامن تحضيرا لليلة رأس السنة.

على غرار رأس السنة في 2016 في ختام عام شهد اعتداء نيس (86 قتيلا واكثر من 450 جريحا) وقتل كاهن داخل كنيسته، تحتفل فرنسا بالعام الجديد في ظل انذار امني.

أعلنت وزارة الداخلية تعبئة نحو 140 الف عنصر من قوات الامن والاغاثة في مجمل الاراضي الفرنسية، وتتركز الجهود في المنطقة الباريسية، حيث تكون التجمعات عادة اكبر من سواها على غرار جادة الشانزيليزيه، إذ تتوقع السلطات قدوم نحو 300 الف شخص.

يقول مفوض شرطة باريس ميشال ديلبويش "مستوى الانذار الارهابي لا يزال مرتفعا". فقد أوقفت السلطات في الاسبوع الماضي رجلا في الـ21 وامرأة في الـ19 لا رابط ظاهريا بينهما على ما يبدو، لكن كلا منهما كان يخطط لتنفيذ اعتداء تباعا بالقرب من ليون (وسط شرق) وفي المنطقة الباريسية.

كان المشتبه به يعتزم مهاجمة عسكريين، بينما المرأة كانت تريد التحرك خارج باريس، بحسب ما أفاد مصدر قريب من الملف، ووضع الاثنان قيد التوقيف الاحترازي. يقول ديلبويش ان عمليتي التوقيف دليل على وجود "تهديد غامض داخلي مع اشخاص يحتمل أن ينتقلوا غلى التنفيذ (...) بوسائل بدائية لكنها تشكل خطرا رغم كل شيء".

ويشير مصدر أمني رفض الكشف عن هويته الى ان السلطات تركز على "التهديد الداخلي خصوصا خلال فترة نهاية العام". يقول محققو مكافحة الارهاب ان العام 2017 شهد خصوصا حملات توقيف في اوساط مؤيدين للتيار الجهادي وسلسلة من محاولات الاعتداءات وايضا هجومين داميين هما قتل شرطي على جادة الشانزيليزيه في ابريل الماضي وقتل فتاتين بالسكين في مرسيليا (جنوب شرق) في اكتوبر. أعلن تنظيم داعش تبنيه للهجومين، لكن المحققين لم يعثروا بعد على رابط بين منفذ هجوم مرسيليا والتنظيم.

رغبة في التنفيذ
يقول رئيس مركز تحليل الارهاب جان شارل بريزار ان "مستوى التهديد والرغبة في التنفيذ لم يضعفا. هناك عشرات التهديدات التي يتم الاشارة اليها بشكل منتظم".

ويضيف بريزار ان الفارق مع الحصيلة الدموية للعام 2016 (92 قتيلا ومئات الجرحى) هو "وجود مخططات لا يتم تنفيذها ما يدل على فعالية اجهزة الاستخبارات التي تحصل اليوم على الكثير من المعلومات من المنطقة (العراق وسوريا) نفسها مع عودة الكثيرين من هذه المنطقة وعمليات توقيف وقدرات تقنية متزايدة".

وبعد أكثر من عامين على اعلان حالة الانذار اثر اعتداءات 13 نوفمبر 2015 التي راح ضحيتها 13 قتيلا، تم في اكتوبر اقرار قانون جديد لمكافحة الارهاب ندد به المدافعون عن الحريات العامة.

تقول لجنة القوانين المكلفة مراقبة تطبيق القانون الجديد ان هذا الاخير اتاح اقامة 33 طوق حماية (العديد منها حول اسواق لعيد الميلاد) بين الاول من نوفمبر و15 ديسمبر و24 اجراء مراقبة ادارية ومتابعة (ما كانت تعرف سابقا بالإقامة الجبرية) واغلاق ثلاثة مراكز عبادة.

لكن التحديات لا تزال هائلة، ومنها "الجهاديون" الذين يغادرون العراق وسوريا بعد الهزائم التي لحقت بتنظيم داعش، وكذلك اطلاق سراح جهاديين قريبًا مسجونين في فرنسا وتحديد يزداد دقة للتهديد "الداخلي".

وذكر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "ايل موندو" نشرت الاربعاء ان "هزيمة داعش ليس معناها نهاية التهديد الارهابي الذي يظل مستمرا". منذ نوفمبر 2015 اوقعت سلسلة اعتداءات غير مسبوقة في فرنسا 241 قتيلا.