اتهمت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الأربعاء قادة من العالم، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بنشر خطاب من الكراهية، وصفته بأنه "سام"، يشوّه صورة مجموعات محددة، ويزيد من الانقسام والخطورة في العالم.

إيلاف - متابعة: جاء في تقرير منظمة العفو: "أصبح تأجيج الخوف والانقسام عنصرًا خطيرًا في الشؤون الدولية. فمن دونالد ترامب في الولايات المتحدة إلى فيكتور أوربان في المجر، ومن رجب طيب أردوغان في تركيا إلى رودريغو دوتيرتي في الفلبين، يتزايد عدد السياسيين الذين يقولون عن أنفسهم إنهم ضد المؤسسة التقليدية ممن يتبنون برامج سامة تقوم على ملاحقة جماعات كاملة من البشر وتجريدها من إنسانيتها وجعلها كبش فداء".

نزع الإنسانية
تابع التقرير إن "سياسات شيطنة الآخر السائدة في الوقت الراهن تروّج بلا حياء لفكرة مفادها أن هناك بشرًا أدنى إنسانيًا من غيرهم، وهو الأمر الذي ينزع الصفة الإنسانية عن جماعات بكاملها من البشر"، وأول المستهدفين بهذه السياسات بحسب التقرير هم اللاجئون.

أشار التقرير تحديدًا إلى المرسوم الذي أصدره ترامب وحظر موقتًا الهجرة والسفر من سبعة بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، قبل أن يعلقه القضاء الأميركي، وإلى الاتفاق "غير القانوني والمتهور" الذي أبرم بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، والذي يسمح بإعادة طالبي لجوء إلى تركيا.

عددت المنظمة الحقوقية 36 دولة "انتهكت القانون الدولي"، إذ "أقدمت بشكل غير مشروع على إعادة لاجئين إلى بلدان تتعرّض فيها حقوقهم للخطر".

حتى الأحزاب الوسطية!
وشدد التقرير على أن خطاب الكراهية ونبذ الآخر له تأثير مباشر على الحقوق والحريات، ذاكرًا في هذا الصدد أن "بعض حكومات العالم غضّت بصرها عن جرائم حرب، واندفعت إلى إبرام اتفاقيات تقوّض الحق في طلب اللجوء، وأصدرت قوانين تنتهك الحق في حرية التعبير، وحرّضت على قتل أشخاص، لمجرد أنهم اتهموا بتعاطي المخدرات، وبررت ممارسات التعذيب وإجراءات المراقبة الواسعة، ومددت الصلاحيات الواسعة الممنوحة للشرطة".

وقال مدير منظمة العفو لأوروبا جون دالويسن إن خطاب استهداف الآخر ليس حكرًا على القادة المتطرفين، بل اعتمدته أيضًا "أحزاب توصف بأنها وسطية (...) بشكل مبطن أحيانًا، وبصورة أكثر صراحة أحيانًا أخرى".

ديماغوجية هوجاء
عدد دالويسن أمثلة عدة، فذكر أن "الخطاب الذي يجرّد الناس من إنسانيتهم، هو حين يصف رئيس الوزراء المجري المهاجرين بـ(السم)، هو حين يتحدث (النائب الهولندي من أقصى اليمين) غيرت فيلدرز عن (الرعاع المغاربة)، هو أيضًا حين يكتب رئيس الوزراء الهولندي رسالة مفتوحة تدعو المهاجرين إلى التصرف بصورة (طبيعية) أو العودة إلى ديارهم".

وشدد على أن الأجانب والمسلمين هم "الأهداف الرئيسة للديماغوجية الأوروبية"، مشيرًا إلى أنهم "يقدمون على أنهم يشكلون خطرًا على الأمن والهوية الوطنية، ويسرقون الوظائف ويستغلون نظام الضمان الاجتماعي".

وفي فرنسا، حيث عرضت المنظمة بصورة استثنائية تقريرها السنوي، في حين أن مقرها في لندن، نددت منظمة العفو بالقيود المفروضة على الحقوق الأساسية في سياق الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب، وخصوصًا حال الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 نوفمبر 2015 وتم تمديدها منذ ذلك الحين.

فقدان وظائف
يشير التقرير، الذي يغطي الفترة الممتدة من نهاية 2015 إلى نهاية 2016، إلى أن "0.3 بالمئة فقط من التدابير المرتبطة بحال الطوارئ أفضت إلى تحقيق قضائي في مسائل إرهاب".

في المقابل، قالت رئيسة منظمة العفو الدولية في فرنسا كاميل بلان إن "تدابير الإقامة الجبرية أدت إلى خسارة هؤلاء الأشخاص وظائفهم أو تهميشهم".

واعتبرت المنظمة أن "فرنسا لم تتحمل مسؤولياتها على الصعيد الدولي" في ما يتعلق باستقبال اللاجئين، وهي لا تؤمّن الحماية الكافية للاجئين والمهاجرين الموجودين على أرضها.

عام المقاومة
وقالت بلان إنه "في إطار الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجري عام 2017، تقف فرنسا عند مفترق طرق بالنسبة إلى حقوق الإنسان، بما يعكس توجهًا عالميًا، وعلى المواطنين ألا يقعوا في فخ هذه الخطابات التي تقود إلى الكراهية أو الخوف أو الانطواء على الذات".

إزاء تخلي القوى الكبرى عن الكفاح من أجل احترام الحقوق والحريات، وتقاعس الدول حيال الفظاعات والأزمات في دول، مثل سوريا واليمن وجنوب السودان، دعت منظمة العفو الأفراد إلى التعبئة والتحرك. وقال رئيسها سليل شيتي لوكالة فرانس برس إن "العام 2017 سيكون سنة المقاومة"، مؤكدًا "نضع آمالنا في الشعب".