أنقرة: رغم الطقس البارد، نزل اكثر من مئة شخص الى متنزه في انقرة لحضور محاضرة سيفيلاي شيلنك احدى آلاف الجامعيين الذين اقيلوا من مناصبهم منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.

وكما فعلت شيلنك، يقوم عدة اساتذة جامعيين من اصل خمسة الاف شملتهم حملة التطهير التي تلت محاولة الانقلاب في منتصف يوليو الماضي بتقديم خبراتهم في الشوارع ومتنزهات انقرة، في طريقة للاحتجاج على "الظلم".

وتقول شيلنك لوكالة فرانس برس "نحن نواجه اقالة ظالمة فعليا، غير شرعية وليس لها اي اساس"، مضيفة "انها اشارة على ان التصفية المخيفة لكل معارضة ديموقراطية او يسارية ستتواصل".

وتضيف انها خسرت منصبها لانها وقعت عريضة اطلقت السنة الماضية للتنديد بتحركات قوات الامن التركية خلال العمليات ضد المتمردين الاكراد. وهذه العريضة اثارت انذاك غضب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

كانت شيلنك استاذة اعلام في جامعة انقرة الى حين اقالتها عبر مرسوم-قانون في 6 كانون الثاني/يناير وقامت بالقاء محاضرتها التي استمرت 15 دقيقة، الخامسة من نوعها، بعد ظهر الاحد في انقرة. 

منذ محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو اقيل اكثر من مئة الف شخص من مناصبهم او علقت مهامهم. والى جانب الاشخاص الذين يشتبه بضلوعهم في محاولة الانقلاب، طالت هذه الاجراءات العديد من الشخصيات البارزة في القضية الكردية ومن اليسار.

وكان قطاع الجامعات احد القطاعات الاكثر تأثرا بعد اتهام العديد من الاساتذة المحاضرين باقامة روابط مع الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه انقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب، او مع متمردين اكراد.

وتؤكد السلطات التركية ان هذه الاجراءات ضرورية لتطهير المؤسسات من عناصر مثيرة لاضطرابات.

"مساس بالشرف"

وتساءلت الطالبة الكياظ جنكدال التي جاءت لتتابع المحاضرة في الهواء الطلق "لقد صادروا حقنا في التعليم" مضيفة "وكأنهم يصبون الاسمنت على مدرستنا". 

وفي جامعة انقرة هناك تاكيدات بانه لن يتم اغلاق اي كلية وانه يجري اتخاذ اجراءات لاستبدال الاساتذة الذين اقيلوا. وردا على اسئلة وكالة فرانس برس رفضت وزارة التعليم الحديث عن هذا الموضوع.

اما نوريه غولمان فتتظاهر يوميا امام تمثال في وسط انقرة للاحتجاج على اقالتها من جامعتها في سلجوق (غرب) وتفكر في اضراب عن الطعام. وقالت "يمكن التعافي من آلام جسدية، لكن المساس بشرفنا، يتحتم علينا التعايش معه طوال حياتنا".

وبعدما اصبحت غير قادرة على دفع ايجار منزلها، اضطرت لايجاد مأوى عند الذين يرغبون في استضافتها مثل اكون قره داغ المعلمة في مدرسة وتعرضت للطرد ايضا.

واتهمت اكون قره داغ بالانتماء الى منظمة فتح الله غولن وقررت في بادىء الامر التظاهر عبر البقاء امام مدرستها الثانوية. لكن بعد دخولها المستشفى بسبب مشاكل في الضغط "بسبب الارهاق" كما قال طبيبها قررت الانضمام الى غولمان.

واثناء تظاهراتهن تقوم بعض المقاهي والمطاعم بتقديم لهم الطعام تضامنا.

لجنة

رغم ان الامرأتين تنفيان اي رابط لهما مع المنظمة الاسلامية وتعتبران انهما "علمانيتان من اليسار"، الا انهما تقران بسماع اقوال بان بعض زملائهن كانوا من اتباع غولن.

في نهاية يناير اعلنت الحكومة عن انشاء لجنة مكلفة النظر في حال الاشخاص الذين يعتبرون انهم ظلموا بالمراسيم-القوانين التي اتخذت مع اعلان حالة الطوارىء.

واعلن قمران كاراكا رئيس نقابة المعلمين الواسعة النفوذ "ايجيتم- سن" التي تنتمي اليها شيلنك وغولمان وقراداغ، انه سيتقدم للقاء هذه اللجنة.

وقال انه من اصل 11 الفا و500 عضو في النقابة علقت مهامهم في اطار حالة الطوارىء عام 2016، اعيد جميعهم الى مناصبهم باستثناء 70.

وتقول ياما سنكلير ويب مديرة هيومن رايتس ووتش لشؤون تركيا ان هذه اللجنة شكلت لارضاء مجلس اوروبا. وتضف "لكن بالواقع لا تشكل على الاطلاق حلا لهذه المشاكل".

وعبر الباحث المتخصص في شؤون تركيا في منظمة العفو الدولية اندرو غاردنر عن شكوك مماثلة قائلا "يبدو ان الهدف الاساسي لهذه اللجنة هو منع الناس من التوجه الى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان".