أحمد العياد من الرياض: وصف زهير الحارثي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي، زيارة الملك سلمان الآسيوية بأنها "دليل على سعي المملكة إلى تعزيز عمقها الإستراتيجي في شرق آسيا، بما يساهم في تكريس السلم في العالم ويحقق مصلحة المملكة الإقتصادية".

ويقول الحارثي لـ"إيلاف": "السياسة السعودية تنطلق من التحديات الموجودة في المنطقة في ظل الإفرازات السلبية لحوادث المنطقة وللوضع القائم، وأظن أن هذه الزيارة تسعى إلى تعزيز عمق المملكة الإستراتيجي في شرق آسيا، وهذا له دلالاته العميقة انطلاقًا من رؤية الملك في ترسيخ هذه العلاقات بما يخدم سياسة المملكة العليا، وبما يساهم في تكريس السلم في العالم وبما يحقق مصلحة المملكة الإقتصادية، فالجانب السياسي مهم جدًا، وتوقيت الزيارة مهم جدًا، وفيه رسائل موجهة إلى الولايات المتحدة والغرب عمومًا نتيجة للتقاعس الأميركي في الفترة السابقة وفيه رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة مفادها أن المملكة ترغب في تعزيز العلاقات مع أميركا، لكنها دولة لديها سيادة وبيدها قرارها وخياراتها وتدعو إلى الإحترام المتبادل بين الدول".

استقبال حافل في كالالمبور

واستقبلت ماليزيا الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية استقبالاً حافلاً في بداية جولة آسيوية تستغرق شهرًا تهدف الى تعزيز العلاقات وجذب استثمارات جديدة للمملكة.

وهذه أول زيارة يقوم بها عاهل سعودي لماليزيا منذ أكثر من عشر سنوات وتأتي في وقت تسعى فيه السعودية لجذب استثمارات آسيوية للمشاركة في عملية بيع خمسة في المئة من شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة في 2018 والتي يتوقع أن تكون أكبر طرح أولي للأسهم في العالم.

وعرض التلفزيون الماليزي يوم الأحد لقطات للملك سلمان، وهو ينزل من طائرته على سلم كهربائي وصل مع الوفد السعودي.

وكان في استقباله رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق قبل أن ينطلق في موكب تحت حراسة مشددة لحضور مراسم استقبال رسمية في مقر البرلمان الماليزي.

وقالت وسائل إعلام رسمية إن المدفعية أطلقت 21 طلقة في مقر البرلمان تحية للملك سلمان.

وقال بيان من الديوان الملكي نشرته وكالت الأنباء السعودية إن الملك سلمان سيقوم بجولة تشمل اندونيسيا وسلطنة بروناي واليابان والصين والمالديف والأردن "يلتقي خلالها قادة تلك الدول لبحث العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك."

وقالت مصادر حكومية مطلعة إن وفدًا يضم 600 فرد يرافق الملك في زيارته لماليزيا التي تستمر أربعة أيام وسيتم خلالها بحث التعاون في مجال الطاقة.

معيار أساسي

يقول الحارثي مواصلاً تعليقه على جولة الملك سلمان الآسيوية: "المملكة تنطلق في علاقاتها مع الآخرين من خلال معيار أساسي يتمثل في ما يحقق مصالحها، وبالتالي سياسة المملكة في هذه الجولة هي التوازن والتنوع والتوسع، بمعنى ما يضمن لها مردودا سياسيا واقتصاديا وعسكريا يساهم في تأمين أمنها واستقرارها ومصالحها الوطنية. فليست للمملكة حساسية من اتجاهات البوصلة شرقًا كانت أو غربًا، ما دامت هذه الوجهة تخدم مصالحها العليا، أي أن المملكة لا تضع بيضها في سلة واحدة، وتؤمن بالتنوع والتواصل".

زهير الحارثي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي

&

وتابع: "المملكة تنطلق بما يحقق مصالحها، وهي ترتهن للواقعية السياسية، تملك علاقات مع الجميع، ومصالح مشتركة بفهم براغماتي وهذا لا يعني أن تأتي علاقة جيدة مع دولة ما على حساب علاقة مع دولة أخرى، فالسعودية تنفتح على الجميع وتبحث أين تكون مصلحتها".

ويبرز الملف الإقتصادي، بحسب الحارثي، في هذه الجولة لأن الملك سلمان يسعى إلى دفع رؤية المملكة 2030 إلى الإمام، من خلال عقد اتفاقيات اقتصادية مع هذه الدول ذات التجارب والخبرات الإقتصادية العديدة".

مكانة إندونيسيا

لزيارة أندونيسيا معنى، حيث أنها زيارة من دولة تعتبر قلب العالم الإسلامي لدولة إسلامية كبيرة بحجم اندونيسيا، فيها أكبر عدد من المسلمين في العالم، "وبالتالي تؤكد الزيارة اهتمام المملكة بترسيخ رسالتها الإسلامية وتدعم مصالح الأمة الإسلامية، فهي رسالة محبة وتقدير لهذه الدولة والتفاتة مهمة في ظل التحولات العديدة الموجودة في المنطقة. فالإقتراب من اندونيسيا يؤسس لشراكة كبيرة بين الدولتين، بدليل أن الملك سوف يقضي فترة طويلة هناك، وهذا يعيد أندونيسيا إلى الموقع الذي يليق بها في المنطقة وفي العالم الإسلامي خصوصًا"، لحسب الحارثي.

أما اليابان فهي دولة مهمة في الجانب الإقتصادي، ويقول: "الملك سلمان قام بزيارة اليابان في أثناء ولايته للعهد، وتمت اتفاقيات مهمة والتقى برئيس الوزراء الياباني ذلك الوقت، فأعتقد أن هناك توجهًا كبيرًا لفتح الأبواب للشركات اليابانية والإستفادة من التجربة اليابانية الكبيرة في ذلك الشأن، فالمسألة هي اختيارات موفقة تهدف لتحقيق مصالح محددة. وهذا في الحقيقة نضج سياسي يخدم مصالح المملكة".

حضور صيني

أما بخصوص الزيارة إلى الصين، فقول الحارثي: "إنك تتحدث عن دولة يملك اقتصادها حضورًا قويًا في الساحة وموقفها من الناحية السياسية تلتفت إلى المنطقة وما يحدث فيها، تقاربها مع روسيا وعلاقتها بإيران، وهذه نقاط مهمة، ويجب أن تكون الصورة واضحة عند الصينيين حول ما يجري في المنطقة، والدبلوماسية السعودية قادرة على وضع هذه النقاط المهمة أمام القيادة الصينية، فالمسألة ليست اقتصادية فحسب، بل هي كناية عن دور سياسي مهم وينتظر أن تؤديه الصين في المنطقة، ولا سيما في الملف السوري، وفي فهم سياسة ايران التوسعية، ودور السعودية من أجل دعم الأمن والإستقرار في المنطقة".