برلين: ردت برلين بغضب الاثنين على اتهامات الرئيس التركي لها باعتماد سياسة شبيهة "بممارسات النازية"، في آخر تطورات الخلاف بين البلدين إثر منع تجمعات دعما لرجب طيب اردوغان في مدن ألمانية.

تأتي هذه التوترات السياسية لتفاقم علاقات صعبة اصلا حيث ان انقرة لم تعجبها انتقادات المانيا في الاشهر الاخيرة بشان احترام حرية التعبير وحقوق المعارضة بعد حملة طرد وتسريح شنها النظام التركي اثر انقلاب فاشل في منتصف يوليو 2016.

لكن المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عادت ودعت الى الهدوء. وقال المتحدث باسم ميركل ستيفن سيبرت "لشريكنا التركي اقول، لنكن منتقدين عند الضرورة، لكن يجب الا ننسى اهمية شراكتنا وعلاقتنا الوثيقة. ويجب ان نلزم الهدوء".

اضاف "نحن نرفض تشبيه سياسة المانيا الديموقراطية بالسياسة القومية الاشتراكية. وبشكل عام المقارنة مع النازية هي دائما عبثية وغير لائقة لانها تساوي التخفيف من جرائم ضد الانسانية ارتكبها النظام القومي الاشتراكي".

مخاوف المانية
وقال اردوغان ايضا انه مستعد للقيام بالحملة في الاراضي الالمانية، واذا منعته السلطات الالمانية من ذلك "سيقلب الدنيا رأسا على عقب". ومن شأن هذه التصريحات ان تثير مخاوف المانيا التي تؤوي اكبر جالية تركية في العالم مع نحو ثلاثة ملايين شخص يرتبط معظمهم بصلات وثيقة مع بلدهم الام.

ودعت المانيا في الاشهر الاخيرة هذه الجالية الى عدم توريد النزاعات التي تهز تركيا بين انصار اردوغان ومعارضيه من جهة وبين النظام والاكراد من جهة اخرى، الى المانيا.

وتعتبر الجالية التركية في المانيا مهمة للقوى السياسية في تركيا، لانها تشكل خزانا مهما من الاصوات. وتقليديا يشكل الـ 1,4 مليون ناخب تركي في المانيا قاعدة انتخابية اقرب لاردوغان. وقال سينان يولغن رئيس مركز السياسات الخارجية والاقتصادية في اسطنبول "ان نتيجة الاستفتاء لا تزال غير واضحة وتحاول الحكومة اغتنام اي فرصة للحصول على كسب سياسي". واضاف ان معظم الطبقة السياسية ، بمن فيها المعارضة، تنتقد منع التظاهرات السياسية في المانيا.

والغت بلديات المانية عدة تجمعات انتخابية يشارك فيها وزراء اتراك متعللة خصوصا بصعوبات لوجستية وعدم ابلاغها بقدوم مسؤولين اتراك. وتؤكد الحكومة الالمانية انه لا دخل لها في هذه القرارات التي هي من صلاحيات البلديات وحدها. لكن انقرة تعتبر ان برلين تقوم بحملة ضد اردوغان.

تصاعد التوتر
لكن هذا الملف ليس المصدر الوحيد للتوتر بين برلين وانقرة. وكانت العلاقات تدهورت اثر ايداع دينيز يوسيل المراسل الالماني التركي لصحيفة دي فيلت الالمانية في الاسبوع الماضي السجن بتهمة القيام بـ "دعاية ارهابية". وتأخذ انقرة من جهتها على برلين بانتظام ايواء "ارهابيين" سواء من انصار حزب العمال الكردستاني او انقلابيين مفترضين.

وتلقت المانيا في الاشهر الاخيرة آلاف طلبات اللجوء من مواطنين اتراك بينهم عشرات الدبلوماسيين والعسكريين. كما ان تركيا ابدت غضبها في العام الماضي من تصويت البرلمان الالماني على قرار بشأن "ابادة الارمن" في عهد الامبراطورية العثمانية وايضا بث قصيدة ساخرة ذات طابع جنسي حول اردوغان.

ورغم كل ذلك كان يبدو قبل تصريحات اردوغان الاخيرة، ان الشريكين التاريخيين داخل الحلف الاطلسي قطعا خطوة نحو التهدئة اثر اتصال هاتفي السبت بين ميركل ورئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم وصفه الاخير بانه كان "مثمرا". ومن المقرر ان يعقد وزيرا خارجية البلدين اجتماعا الاربعاء.

كما اشارت وسائل اعلام المانية الى ان وزير خارجية تركيا مولود تشاوش اوغلو سيزور الثلاثاء الجالية التركية في هامبورغ في اطار حملة الاستفتاء التركي. وتبقى تركيا شريكا لا يمكن التخلي عنه لالمانيا، حيث ان دور انقرة بالغ الاهمية بحسب برلين في وقف تدفق طالبي اللجوء على اوروبا.