في خطوة تبدو متأخرة إلا أنها ضرورية أعلن مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا مايكل راتني موقف الولايات المتحدة الأميركية من هيئة تحرير الشام في سوريا، وقال إن عدو واشنطن هو تنظيم القاعدة وليس المسلمين أو السنة، مؤكدًا أن قوام الهيئة هي جبهة النصرة، وهي مدرجة على قوائم الإرهاب.

إيلاف: قال راتني في بيان "لطالما حذرنا من غدر القاعدة في سوريا وخداعها ومحاولاتها تضليل السوريين وتضييع ثورتهم. وقد تابعنا عن كثب عندما لم يدخّر أبو محمد الجولاني وعصابته جهدًا من أجل الاختراق والاختباء كالطفيليات في جسد الثورة السورية ليبدأوا بعد ذلك ابتلاعها من الداخل".

واجهة تدميرية
أضاف: "لقد أخفوا أنفسهم تحت طبقات من الأكاذيب، حيث ادّعوا في البداية أنهم لم يأتوا إلا لـ"نصرة أهل الشام"، ثم ادّعوا بعد ذلك كذبًا أن مهمتهم الوحيدة هي "فتح الشام"، والآن في أحدث مرحلة من الخداع، يختبئون خلف شعار جديد، وهو "تحرير الشام".

وأكد راتني: "لقد كانت هذه العصابة دائمًا سببًا رئيسًا وراء عدم تمكننا نحن أصدقاء الشعب السوري من مدّ أيادينا بشكل كامل لدعم الثورة. ومع كل تبديل جديد في واجهتها، تصبح القاعدة أقل اعتمادًا على الثورة التي تحاول تدميرها، وتوجّه هجماتها لضرب رموز الثورة. وقد شهدنا هذه الاعتداءات مرارًا وتكرارًا، حتى طالت أعمالهم التدميرية الآن حركة أحرار الشام وغيرها ممن هم من أشد المدافعين عن الثورة".

في ضوء هذه التطورات التي حصلت أخيرًا، أوضح أن"المكون الأساسي لهيئة تحرير الشام هي جبهة النصرة، وهي منظمة مدرجة على لائحة الإرهاب. وهذا التصنيف ساري المفعول، بغضّ النظر عن التسمية التي تعمل تحتها، وأي مجموعات أخرى تندمج معها".

الباقون كومبارس
وقال "إن هيئة تحرير الشام هي كيان اندماجي، وكل من يندمج ضمنه يصبح جزءًا من شبكة القاعدة في سوريا. كما إن هيئة تحرير الشام ليست غرفة عمليات، مثل جيش الفتح، وسوف نعمل وفقًا لذلك".

ورأى راتني أن "صاحب السلطة الحقيقية في هيئة تحرير الشام هو أبو محمد الجولاني، وهو المتحكم من الناحية العملياتية، وهدفه الذي يسعى إليه دائمًا هو خطف الثورة، وإن منهجه ومنهج جماعته هو التغلب، الذي ما هو إلا وجه آخر للاستبداد. أما الآخرون ممن تولوا المناصب التجميلية، مثل أبو جابر، فهم مجرد كومبارس".

وقال: "لقد تعلمت هيئة تحرير الشام كيف تحاكي الاعتدال، إلا أن هذه المحاكاة ليست سوى التَقيِّة القاعدية. فقادة جبهة النصرة المتحكمون في هيئة تحرير الشام لا يزالون ملتزمين بمنهج القاعدة وأهدافها، ولا يزالون مبايعين لأيمن الظواهري. وسيحاولون إنكار هذا، ولكنهم يكذبون".

القاعدة = داعش
وخلص إلى أنه "لن تفلح هيئة تحرير الشام في فرض أمر واقع على الأرض، يجبرنا على التعامل معها. فالقاعدة منظمة إرهابية نعتزم إفناءها، ولن يغيّر ذلك لا مكتب سياسي ولا مشروع تواصل دولي ولا غيرها من أشكال الخداع".

وأكد أن "الجولاني وعصابته يريدون السيطرة على المعارضة، مثلما أرادت عصابة البغدادي. وسوف نتعامل مع القاعدة في سوريا بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع داعش".

وشدد المبعوث الأميركي أنهم سيحاولون تفنيد هذا البيان بكل الوسائل المتاحة، ويقولون إن "الولايات المتحدة والغرب صليبيون يريدون تدمير كل مقاومة سنية أصيلة وموحدة، لكن هذا الكلام هو محض هراء". متسائلًا: "هل نسوا ما فعلوه في 11 سبتمبر؟، وهل نسوا العدد الذي لا يحصى من الجرائم التي ارتكبوها ضدنا وضد المسلمين؟".

لا تنخدعوا بهم
أضاف راتني: "هؤلاء في تنظيم القاعدة هم أعداؤنا، وليس السنة والمسلمين. لا يمكنهم تبرير ادّعاءاتهم إلا بتكفير أصدقائنا وحلفائنا في الشرق الأوسط، مثل تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية، وغيرهم ممن وقفوا مع الثورة السورية، الأمر الذي سيكون سخيفًا وغير معقول".

وطالب بألا ينخدع الناس "بهؤلاء المجرمين المصممين على جلب الدمار إلى سوريا والسير بالمعارضة السورية إلى الانتحار".
‎وكان قد أعلنت فصائل عن إنشاء هيئة تحرير الشام في 28 يناير 2017، بعد انطلاق مفاوضات أستانة بين النظام السوري والمعارضة، حيث انقسمت قوى المعارضة السورية بين مشارك فيها ورافض لها، وكانت هناك مواجهات بين بعض القوى المسلحة المناهضة للنظام السوري.
&
‎وبحسب بيان نشرته الفصائل، فإن الاندماج جاء لما قالت أنه نظرًا لما تمر به الثورة السورية من "مؤامرات تعصف بها واحتراب داخلي يهدد وجودها"، كما دعا البيان الفصائل العاملة في الساحة السورية إلى الالتحاق بهذا الكيان وحفظ مكتسبات الثورة والجهاد، على حد تعبيره.
&
إخفاقات واندماجات
أتى هذا الاندماج بعد أيام من إعلان 5 فصائل أخرى انضمامها إلى حركة أحرار الشام، هي: ألوية صقور الشام، وجيش الإسلام - قطاع إدلب، وجيش المجاهدين، وتجمع "فاستقم كما أمرت"، والجبهة الشامية-قطاع ريف حلب الغربي. وقالت حركة الأحرار في بيان مشترك إن هذا الانضمام يأتي التزامًا منها بأهداف الثورة السورية وحمايتها.

جاء الإعلان عن هيئة تحرير الشام في ظل إخفاقات عسكرية متلاحقة منيت بها قوى الثورة السورية، وأدت - في أبرز تجلياتها - إلى سقوط مدينة حلب، كبرى مدن الثورة، في يد النظام وتهجير سكانها.

‎وكانت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وهي أهم وأبرز مكونات التشكيل الجديد، قد اعتبرت أن مؤتمر أستانة جزء من المؤامرة على الثورة السورية، وأن المسار السياسي الذي واكب الثورة منذ بدايتها لم يكن يخدم أهدافها، بل كان سلسلة مما وصفتها بالمؤامرات.
&