بكين: غادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جمهورية الصين الشعبية، عقب زيارة رسمية لها، متوجهاً إلى المملكة.

وكان في وداع خادم الحرمين الشريفين في مطار بكين الدولي، معالي وزير الخارجية في جمهورية الصين الشعبية وانغ يي.

كما كان في وداعه سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية تركي بن محمد الماضي، وأعضاء السفارة السعودية في بكين.

وإثر مغادرته بعث برقية شكر للرئيس شي جين بينغ قال فيها:« يطيب لنا ونحن نغادر بلدكم الصديق أن نعرب لفخامتكم عن بالغ الشكر والامتنان على ما لقيناه والوفد المرافق أثناء زيارتنا من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.

وأضاف:«إن المباحثات التي جرت أثناء هذه الزيارة قد أسهمت بالارتقاء بعلاقاتنا الثنائية إلى آفاق أوسع في المجالات كافة والدفع بها نحو مسار العلاقات الاستراتيجية، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحنا المشتركة ويخدم الأمن والسلم الدوليين، متمنين لفخامتكم موفور الصحة والسعادة ، وللشعب الصيني الصديق المزيد من التقدم والازدهار».

بيان مشترك

وصدر بيان مشترك في ختام زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى جمهورية الصين الشعبية جاء فيه: «تلبية لدعوة كريمة من رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ ، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بزيارة دولة لجمهورية الصين الشعبين في المدة من 16 - 19 جمادى الآخرة 1438هـ الموافق 15 - 18 مارس 2017 م.

وأضاف البيان:« أعرب الجانبان عن ارتياحهما للتقدم الكبير الذي حققته العلاقات بين البلدين خاصة بعد زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى المملكة في يناير 2016م ، واتفقا على أن اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين تمثل إطاراً مهماً لتوثيق عرى الصداقة بين البلدين والشعبين وتعميق التعاون العملي في المجالات كافة، وفي هذا الإطار أعرب الجانبان عن استعدادهما لتوسيع آفاق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية وفي مجالات الصحة والتعليم والتعدين خدمة للمصالح المشتركة ، وزيادة التعاون بين البلدين في المجلات ذات الأولوية ، مثل المشروعات الاقتصادية والصناعية ومجال تطبيقات الحكومة الإلكترونية والتقنية المتقدمة والبنية التحتية والتكنولوجيا المتقدمة والفضاء ، وكذلك التوسع في الاستثمارات المتبادلة بين البلدين في كافة القطاعات ومنها : البترول والطاقة المتجددة والكهرباء والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بما يرقى بمستوى علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين إلى مستوى أعلى.

وفي هذا الاتجاه تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستعزز من الإطار المؤسسي القائم للعلاقات بين البلدين ، وبما يضمن استمرارها والدفع بها نحو آفاق أرحب وبما يخدم مصلحة البلدين.

الإتفاقات بين البلدين

واتفق الجانبان على&أن تكون العلاقات بين جمهورية الصين الشعبين والمملكة العربية السعودية في صدارة علاقاتهما الخارجية، ومواصلة تكثيف الزيارات المتبادلة بين القيادتين والمسؤولين في البلدين والتشاور على كافة المستويات ، وتبادل الآراء حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك وبما يخدم مصالحهما المشتركة.

وتؤكد جمهورية الصين الشعبية دعمها للسياسات التي تتخذها المملكة العربية السعودية من أجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة ، وتدعم الدور الإيجابي الذي تقوم به المملكة في الشؤون الإقليمية والدولية.

تؤكد المملكة مجدداً التزامها الثابت بسياسة الصين الواحدة.

ويؤكد الجانبان على ما ورد في " إعلان الدوحة " لمنتدى التعاون الصيني - العربي الصادر في مايو 2016 م بشأن ضرورة احترام الحق الذي تتمتع به الدول ذات السيادة والدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في اختيار سبل تسوية النزاعات بإرادتها المستقلة.

يدعم الجانب الصيني جهود المملكة لتحقيق " رؤية 2030 " ويحرص على أن تكون الصين شريكاً عالمياً للمملكة في جهودها لتنويع اقتصادها.

كما تؤكد المملكة استعدادها أن تكون شريكاً عالمياً في بناء " الحزام الاقتصادي لطريق الحرير " وطريق الحرير البحري في القرن الـ 21 "، وتصبح قطبه الرئيس في غرب آسيا وتدعم استضافة الجانب الصيني منتدى " الحزام والطريق" للتعاون الدولي.

أبدى الجانبان الحرص على رفع مستوى التعاون بين البلدين في مجال الطاقة ، بما في ذلك إمدادات البترول السعودي للسوق الصيني المتنامي.

أكد الطرفان أهمية استقرار السوق البترولية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي ، ويقدر الجانب الصيني الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لضمان استقرار الأسواق البترولية العالمية باعتبارها مصدراً آمناً وموثوقاً يزود الأسواق العالمية بالنفط.

اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي وتنمية التجارة الدولية في إطار مجموعة العشرين والمؤسسات المالية والدولية ، وأشاد الطرفان بالدور المتوقع للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

إقامة منطقة التجارة الحرة الصينية - الخليجية

اتفق الجانبان على بذل الجهود المشتركة بالتعاون مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للإسراع في إقامة منطقة التجارة الحرة الصينية - الخليجية.

يؤكد البلدان إدانتهما التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأنه لا يرتبط بأي عرق أو دين ، وسيعمل الجانبان على التعاون في محاربة التطرف والإرهاب واقتلاعهما ، ويعرب الجانب الصيني عن تقديره الخطوات التي اتخذتها المملكة في هذا الشأن بإعلان إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.

يدعم البلدان تشجيع التبادل الثقافي بينهما على المستويين الرسمي والشعبي وتشجيع التواصل والتعاون بين الجانبين في مجالات التربية والتعليم والصحة والعلوم والتكنولوجيا والسياحة والإعلام.

في إطار الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار إقليمياً وعالمياً ، أبدى الجانبان أهمية تحقيق حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ، وتثمن المملكة عالياً الجهود المبذولة من الجانب الصيني في هذا الشأن ، كما يقدر الجانب الصيني عالياً مساهمة المملكة في سبيل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

أكد الجانبان أهمية وضرورة إيجاد حل للأزمة السورية على أساس بيان جنيف (1) وقراري مجلس الأمن رقم (2254) و(2268) وعلى أهمية تقديم المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة للاجئين والنازحين السوريين في داخل سوريا وخارجها.

وحدة اليمن

شدد الجانبان على أهمية المحافظة على وحدة اليمن ، وتحقيق أمنه واستقراره ، وعلى أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية ، وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني ، وقرار مجلس الأمن رقم (2216) مؤكدين دعمهما للسلطة الشرعية في اليمن ، كما عبرا عن دعمهما لجهود السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن للتوصل إلى حل سياسي بين الأطراف اليمنية وللجهود الدولية المبذولة في هذا النطاق وكذلك تسهيل وصول المساعدات إلى كافة المناطق اليمنية.

وأعرب الجانبان عن القلق إزاء الأوضاع في ليبيا ، والأمل في أن تتمكن حكومة الوفاق الوطني من استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا والحفاظ على سلامة ووحدة الأراضي الليبية بدعم من المجتمع الدولي.

وعبر الجانبان عن دعمهما لجهود الحكومة العراقية في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي وأهمية الحفاظ على وحدة العراق واستقراره واستقلاله.

أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن شكره للقيادة الصينية والشعب الصيني الصديق على ما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة أثناء الزيارة.

استقبال المبتعثين

وكان قد استقبل خادم الحرمين الشريفين يوم امس في مقر إقامته في العاصمة الصينية بكين، مجموعة من الطلبة السعوديين المبتعثين في جمهورية الصين الشعبية.

وقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خلال الاستقبال لهم كلمة عبر فيها عن سعادته قائلا:« سعيد بأن أرى أبناءنا وبناتنا ينهلون من العلم، وإن شاء الله موفقين وترجعون من دراستكم وتخدمون بلدكم بلد الحرمين الشريفين».

وأضاف:«لا شك أن الدولة منذ نشأتها تعتني بأبنائها في كل المجالات، وأنتم جنود ونحن جميعا جنود في خدمة ديننا ووطننا، وطننا يستحق منا الخدمة، بلد الحرمين الشريفين، قبلة المسلمين فيه مكة المكرمة، لذلك أنتم إن شاء الله أبناءنا وبناتنا ترجعون لبلدكم وتخدمون دينكم قبل كل شيء ثم بلادكم وشعبكم.

كما ألقى الملحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في الصين الدكتور فهد الشريف كلمة أعرب فيها عن سعادته وسعادة الطلبة السعوديين المبتعثين بزيارة خادم الحرمين الشريفين التي تنظر إليها حكومة جمهورية الصين بكل ترحيب واعتزاز وتقدير لما يتمتع به الملك سلمان من حكمة وحنكة سياسية ومعالجة للأمور بكل حزم وعدل.

وقال الشريف : "أبشركم بأن أبناءك وبناتك المبتعثين في الصين قد رفعوا لواء بلادهم خفاقاً في سماء العلم محققين أعلى الدرجات وحائزين على العديد من براءات الاختراع وجوائز التميز العلمي والبحثي في مختلف التخصصات والدرجات العلمية".

وفي نهاية الاستقبال تشرف الطلبة بالسلام على خادم الحرمين الشريفين.

تعزيز العلاقات بين البلدين

كما وعقد العاهل السعودي أمس جلسة مباحثات مع لي كيتشيانغ، رئيس مجلس الدولة في جمهورية الصين، في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة الصينية بكين أكد خلالها أن التحولات الاقتصادية المهمة التي تمر بها بلاده والصين اتاحت فرصا كبيرة لتعزيز الروابط الوثيقة بينهما مشيدا بما تقوم به اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين من جهود لتعزيز العلاقات وتطويرها.

وأبدى الملك سلمان، في الكلمة، تطلعه إلى أن يسهم التعاون الاستراتيجي بين بلاده والصين في تعزيز الجهود الدولية لمكافحة التطرف والارهاب باعتبارهما خطرا عالميا، وفي تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وأن& تنقل هذه المباحثات علاقات البلدين إلى مجالات وآفاق أرحب، وبخاصة في المجالات الاقتصادية.&