بروكسل: فكرة اوروبا "بسرعات متفاوتة" ليست جديدة لكنها فرضت نفسها في المناقشات حول مستقبل الاتحاد الاوروبي الغارق في دراسة مصيره بعد خروج بريطانيا.

وتشكل هذه الفكرة التي تدعو اليها بعض الدول الاعضاء وترفضها اخرى محور المناقشات بين القادة الاوروبيين المجتمعين الجمعة في بروكسل بدون المملكة المتحدة، لتحديد معالم الاتحاد ب27 بلدا.

- ماذا يعني ذلك -تحيل عبارات "سرعات متفاوتة" و"متغيرة الابعاد" و"دوائر بمركز واحد"، الى مبدأ واحد يعني السماح لدول عدة بالتعاون في بعض المجالات بدون ان تكون مشاركة كل بلدان الاتحاد الاوروبي ضرورية.

وقد قدم رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر هذه الفكرة كواحد من خمسة سيناريوهات ممكنة لمستقبل المشروع الاوروبي بعد بريكست ، بمناسبة نشر "كتابه الابيض" حول مستقبل الاتحاد مطلع آذار/مارس.

ومنذ ذلك الحين تشكل الفكرة محور مناقشات القادة الاوروبيين المنقسمين بين مؤيدين لها ومراقبين مشككين في جدواها ومعارضين شديدين.

- فكرة مطبقة اصلا -في الواقع، هذا الاتحاد الاوروبي "بسرعات متفاوتة" موجود اصلا. فمع عمليات التوسيع، بدت ضرورة السماح بمستويات متفاوتة من التكامل حتمية وادرجت الاتفاقيات خصوصا "اشكال التعاون المعزز".

وسيسمح هذا الاجراء خصوصا بان يتم في المستقبل، اطلاق نيابة اوروبية متخصصة بجرائم الاحتيال على رسم القيمة المضافة عبر الحدود والاموال المخصصة للاتحاد. ويمكن للدول الاعضاء المهتمة المشاركة فيها رغم معارضة دول اخرى بوسعها ان تظل بعيدة.

تم في الماضي اللجوء الى "التعاون المعزز" بمشاركة تسع دول كحد ادنى من اجل ضمان تناسق في انظمة الزواج او نظام منح براءات الاختراع لكنه لا يزال نادر الاستخدام.

وقال دبلوماسي اوروبي ان "هناك اشكال للتعاون المعزز موجودة دون ان تقول انها كذلك"، مشيرا خصوصا الى منطقة اليورو التي لا تضم سوى 19 من الدول الاعضاء، واتفاق شنغن للتنقل الحر الذي لا تشارك فيه بالكامل سوى 22 من بلدان التكتل.

- الحاجة الى المزيد - في نظر المفوضية الاوروبية، الحديث عن هذا السيناريو يهدف الى دفع كل الدول الاعضاء الى ان تقول بشكل واضح في اي المجالات تريد الذهاب ابعد او تريد الابقاء على الوضع القائم.

وبفتح مجالات جديدة "للتعاون المعزز"، لا يتعطل الاتحاد الاوروبي عندما تعترض دول على مشروع مشترك. لكن الخطر يكمن في التسبب بفروق متزايدة بين حقوق مواطني الاتحاد الاوروبي وجعل فهم اوروبا اكثر صعوبة.

وذكرت المفوضية عددا من المجالات الممكنة مثل التكييف الضريبي والاجتماعي والدفاع (بصفقات عامة مشتركة) والامن (عبر تبادل الزامي للمعطيات من اجل مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة).

- المؤيدون والمعارضون -فرنسا والمانيا من البلدان الاكثر اقتناعا بالفكرة التي تلقى دعم دول مثل اسبانيا وايطاليا ايضا.

وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان "الاتحاد لا يعني التطابق"، بينما تدفع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاوروبيين الى ان "تكون لديهم شجاعة الاقرار بان بعض الدول تتقدم بسرعة اكبر من غيرها" بدون ان يكون "مغلقا في وجه تلك التي تأخرت".

لكن بعض دول شرق ووسط اوروبا تخشى ان يكون هدف هذه المشاريع استبعادها من "النادي" بسبب معارضتها المتكررة للمفوضية.

وقال دبلوماسي اوروبي ان "الذين يبدون اكبر اعتراض" على اوروبا بسرعات متفاوتة "هم الذين يريدون تحويل اوروبا الى سوق داخلية".