«إيلاف» من بيروت:&منذ فترة تم الكشف عن نصب تذكاري لكارل ماركس، الذي توفي في 14 مارس 1883،&فوق قبره في مقبرة هايغات. ولقد أقيم حفلاً صغيراً متواضعاً بشكل غريب ورسمياً جداً. وقف حوالى 200 شخص بين شواهد القبور على التلال الحادة لتكريم ذكرى الرجل الذي تهيمن اليوم روحه- إذا كانت هذه هي الكلمة الصحيحة – على نصف العالم تقريبا. (وفقا للسيد آرثر هورنر، أكثر من النصف؛ ووفقا للبروفيسور برنال، مجرد الثلث.)

وقد حضر عدد من السفراء من الدول التابعة والقائمين بالأعمال في الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية. وكان هناك السيد بالم دوت والسيد هاري بوليت، والسيد هورنر، والبروفيسور برنال، والسيد أندرو روثستين، وشخصيّتان متواضعتان هما فريدريك وروبرت وتبيّن أنّهما أولاد أحفاد ماركس من باريس. ولكن في الغالب، جرى ذلك في فترة بعد الظهر التي لم تحمل أي أثر للانتصار.&

لكن ما كان ناقصاً في الحفل كان حاضرا في النصب التذكاري. وهو رأس برونزي أكبر بمرّتين أو ثلاثة من حجم الرأس في الحياة الطبيعية، مع شعر كثير ولحية كثيفة لدرجة أنّها تحلّ مكان الرقبة. وينقطع الجسم تحت الكتفين بقاعدة طولها 10 أقدام مصنوعة من الغرانيت المصقول. وفي أعلى القاعدة، نقش بحروف ذهبية "يا عمال العالم اتّحدوا"، وتحته اللوح الذي كان في الأصل فوق القبر، لإحياء ذكرى وفاة زوجة ماركس، جيني فان وستفالين، ووفاة ماركس نفسه، وهاري لونغيت (حفيده)، وهيلين ديموث، وإيلين ماركس، ابنته؛ وفي الأسفل أيضاً اقتباس عن أقوال ماركس وأفكاره عن الفيلسوف فيويرباخ - "الفلاسفة فسروا العالم بطرق مختلفة&ولكن المهم هو تغييره". ويقف الصرح على أرض منحنية ناظراً إلى الأعلى& بشكل صارخ.&

لا يخلو من العظمة

على الرغم من أن لونه صفراوي ومقاييسه الضخمة مشوّهة ومتراصّة، فهو لا يخلو من العظمة. فعلى وجهه بركة رائعة، وجه الأب الذي قد يعاقب أطفاله ولكن دائما بحزن. وإذا أصبحت الشيوعية تاريخاً ماضياً، فإن علماء الآثار في المستقبل سيتمكّنون من تعلّم الكثير عن علم النفس المتعلّق بالشيوعية عن طريق الحفر في مقبرة في هايغات. وفي الواقع، النصب هو الأخ الأكبر لماركس ولكن بشكل ثلاثي الأبعاد، وهذا قد يكون أو لا يكون مقصوداً من السيد لورانس برادشو، النحات.

وتحدث السيد روثستين، رئيس لجنة نصب ماركس التذكاري، عن امتنان اللجنة للأخوين لونغيت (فريدريك وروبرت)، فمن دون موافقتهما لما كان من الممكن وضع أي نصب تذكاري على القبر. وأغفل عن الذكر أنّ النصب التذكاري قد جاء متأخراً على العموم بسبب عرقلة من والد روبرت، جان لونغيت. فقد دُفن ماركس في مقبرة خاصة، وقبره هو ملك ورثته. وحتى العام 1939، كان جان لونغيت الوريث الأول؛ وقد كان ناشطا فرنسيا بارزا ومعارضاً لذكرى جده. وعند وفاته انتقلت الممتلكات إلى شقيقه الأصغر الذي كان، وفقا للجنة النصب التذكاري، "متعاطفاً". ثم مات أيضا، وانتقل شرف إعطاء الإذن بتشييد هذا النصب التذكاري إلى ابني العم الأولين اللذين حضرا مراسم الأمس. وكانت تكلفة البناء 12500 جنيه استرليني، ويبدو أن قائمة الاشتراك لا تزال مفتوحة.&

وبعد السيد روثستين تكلّم السيد هورنر. وقال إن دعوة ماركس لوحدة الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم أصبحت أكثر صحة من أي وقت مضى لأنّ وحدة الطبقة العاملة قد تمكننا من تحقيق السلام والازدهار في جميع أنحاء العالم من خلال تأسيس الاشتراكية. وكان فخورا بأن يكون مرتبطا بهذا التكريم لمؤسس مستقبل العالم.

نصبه التذكاري الخاص

ثم جاء البروفيسور برنال، الذي ادعى، بشكل مثير للفضول، بأنّ سبب حضورهم ليس إقامة نصب تذكاري، بل تكريم رجل قام ببناء نصبه التذكاري الخاص - في قلوب الرجال وأفعالهم. إن التحرر الذي جلبه ماركس من القيود العقلية للمجتمع الطبقي قد مكّن البشرية من البدء بصنع تاريخها الخاص، وليس بشكل أعمى كما في السابق، ولكن بوعي. هذه المعرفة الجديدة تحمل معها مسؤولية فظيعة. وما حدث للرجال منذ ذلك الوقت هو نتاج وعودهم الواعية. وقد رأى ماركس بوضوح أن الطبقة العاملة قادرة على تحمل هذه المسؤولية على أفضل وجه، من خلال خبرتها في الصناعة، فقد كانت الطبقة الوحيدة القادرة على إتقان القوى الجديدة التي أحضرتها العلوم إلى المجتمع.

في النهاية، أسدل السيد هاري بوليت الستار عن النصب، وفعل ذلك بنوع من التباهي. وعلى الرغم من السياسيين، وبارونات الصحافة، ولوردات الراديو، وغيرهم من المروّجين ضد الماركسية، فالأفكار الشيوعية انتصرت على كل الخصوم. وفي أحد الأيام سوف يتعامل شعب بريطانيا أيضا بيديه مع مستقبله ويبني النصب التذكاري الدائم لكارل ماركس علماً أنّه سعى لذلك بنفسه بحماس طوال حياته في بريطانيا.&

ولكن على الرغم من السيد بوليت، فإن حزمة اكاليل الزهور الفخمة التي وضعت بعد ذلك على قدمي التمثال كانت كلها تقريبا من أماكن أجنبية. فقد أعربت الشعوب البلغارية والرومانية والتشيكية والروسية عن امتنانها عن طريق إرسال الورود والقرنفل: وكانت لجنة مقاطعة لندن للحزب الشيوعي ومكتبة ماركس التذكارية تقريبا الوحيدتين اللتين أرسلتا منتجات محلية.

&

أعدّت «إيلاف» هذا التقرير نقلاً عن "ذا غارديان". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/books/2016/mar/15/karl-marx-monument-highgate-cemetery-archive-1956?CMP=oth_b-aplnews_d-2

&