«إيلاف» من لندن: تحت عنوان "أفلام ووثائقيات من عالم عربي متغير"، تعرض الدورة الثالثة من مهرجان بي بي سي عربي للأفلام الوثائقية مجموعة جريئة ومنوّعة من الأفلام التسجيلية والوثائقية العربية التي تؤرخ لنكبات شعوب خنقها توقها إلى الحرية.

إن كان أي ما يحصل في العالم العربي من انفجارات كبرى منذ عام 2011 جدير بشيء، فإنما هو جدير بأن يوثق للتاريخ، وأن يؤرّخ لتفصيلاته بعين فاحصة ناقدة أو حتى راوية. فالعالم العربي يشهد منذ اندلاع الشرارة الأولى لثورة الياسمين في تونس تغييرات جذرية كبيرة، بغض النظر عن مسار التحولات فيها. ومن رحم هذه التغييرات تولد قصص وروايات كثيرة تبقى سجينة الجغرافيا والشعوب، إن لم تأت عدسةٌ خبيرة لتسجّلها.

من هذا المنظار، انطلقت الدورة الأولى من مهرجان «بي بي سي عربي للأفلام الوثائقية» في عام 2014، اختارت من العالم العربي قصصا وروايات، وأحاسيس وألوان وأشكال، قدمتها الى العالم، آخذةً على عاتقها إبلاغ الأصوات السجينة الى مختلف أنحاء العالم. وفي عام 2015، وبعد الدورة الثانية مباشرةً، قررت بي بي سي أن تكون الدورة الثالثة في الربيع، فكانت هذه الدورة تحت عنوان «أفلام ووثائقيات من عالم عربي متغير»، مزج بين الث جو عربي ثقافي وصحافي، لتعرض فيها مجموعة جريئة ومنوّعة من الأفلام الوثائقية.

من فيلم البحث عن عباس كيارستامي



فسحة ضيقة
تستمر هذه الدورة من المهرجان حتى 30 مارس الجاري. ويقول رئيس القسم العربي في بي بي سي سمير فرح إن هذه الدورة «فرصة لعرض خبرات المشاهدين عبر أعمالهم، وشارك عدد كبير من أكثر صانعي الأفلام والصحافيين إثارة في العالم العربي في هذا المهرجان، ونحن نشجع كل من لديه الرغبة بالمشاركة في مهرجاناتنا القادمة».

ويعتبر عضو لجنة التحكيم والكاتب والمعلق الإماراتي سلطان سعود القاسمي إن العالم العربي يفتقر إلى الإعلام المستقل، وهو من ضروريات أي مجتمع ناضج، «فالأفلام التي شاهدتها فتحت عيني على العالم العربي، وأحسست أنني أخذت جولة من المحيط الى الخليج، وكان مستوى الأفلام عاليًا ومختلفًا... ومهرجان بي بي سي يعتبر قمة الهرم في هذا المجال».

وترى عضوة لجنة التحكيم في المهرجان ومخرجة الأفلام المصرية جيهان الطاهري، ان مخرجي الأفلام العربية هذه الأيام لديهم فسحة ضيقة للغاية لإيصال صوتهم، وخصوصًا مخرجي الأفلام الوثائقية، «وأعتقد أن مهرجان بي بي سي عربي للأفلام هو منصة مهمة للغاية لمشاهدة هذه الأفلام ولإعطاء صانعي الأفلام العرب مساحة للتعبير عن أنفسهم بشكل مباشر عوضا أن تروى القصص العربية من وجهة نظر أجنبية».
&

فيلم «بابور كازانوفا» للجزائري كريم السيد


الأفلام المشاركة
الأفلام المشاركة في هذه الدورة هي:
- فيلم «ماريه نوستروم»، لرنا كزكز وأنس خلف، عن والد سوري يقف أمام البحر، ويقرر أن يغامر بحياة ابنته هربًا من دمشق التي أحرقتها نار الحرب الأهلية السورية؛&
- فيلم «البحث عن عباس كيارستامي» للسوريين محمد وأحمد ملص عن رجل يجوب محطات المترو الباريسية بحثًا عن المخرج الإيراني عباس كيارستامي، إذ يريد أن يحدثه عن سورية، وأن يحمله رسالة إلى حكومته لتتوقف عن قصف السوريين؛&
- فيلم «القدر أينما يأخذنا» لقدر فياض، الأستاذة في قضايا حقوق الإنسان والنزاعات والشباب، التي تروي في هذا الوثائقي حكايتها وتجربتها الشخصية من حقول الألغام في سورية إلى الملاذ الأردني وملاذات أخرى لم تتوقعها؛&

لقطة من فيلم&«ماريه نوستروم»


- فيلم «عايدة» لميسون المصري التي تروي 50 عامًا من حياة عايدة العجوز، بائعة الورد في الإسكندرية. انعاس لعنصرين اثنين، كلاهما يشكل كابوسا بالنسبة الى الكثيرين: الوحدة والتقدم في العمر. عايدة، تجسد المفهومين من خلال يومياتها المتشابهة، وتعكس في حكايتها تاريخ مدينة بأسرها؛&
- فيلم «جريدي» للمصري محمد هشام، الذي يروي قصة النوبي الشاب كوناف الذي يريد أن يعبر النيل ليصل إلى صخرة فيه، وهو من يخشى نزول الماء، فتتحول هذه الرغبة إلى رحلة تدوم عمرًا؛ القرى النوبية، الكثبان الرملية التي تنزل على النيل، صخور الغرانيت في وسط النيل. صورة آسرة تعمد محمد هشام ابرازها في فيلمه تعكس تناغما لامتناه مع الطبيعة.&
- فيلم «روشميا» للسوري سليم أبو جبل، ويتناول قصة الزوجين المسنين يوسف وآمنة يعيشان بهدوء منذ عام 1956 في كوخ بوادي حيفا إلى أن تقرر السلطات الإسرائيلية شق طريق جديد يستدعي هدم كوخهما وإجبارهما على العثور على منزل جديد.

فيلم «روشميا» للسوري سليم أبو جبل

&

- فيلم «فن الارتحال» من إخراج ليليان مارينو دي سوسا، ويسلط الضوء على أزمة اللاجئين، وتدخل داعش في حياتهم والقرارات المصيرية التي يتوجب على شباب سورية اتخاذها.
- فيلم «عجلات الحرب» للبناني رامي قديح، وهو شريط تسجيلي للحرب اللبنانية، يروي قصة محاربين قدامى من الأطراف اللبنانية المتنازعة وجدت في عشقها للدراجات النارية ارضا رحبة للسلام في ما بينها.
- فيلم «رجل يعود» للفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل، ويروي قصة رضا الذي يفشل في الحصول على اللجوء والهرب بعيدًا عن المخيم بسبب الحرب السورية، فيقرر العودة إلى المخيم والزواج من رفيقة دربه، على الرغم من أنّ النتيجة قد لا تكون السعادة التي يتمناها.
- فيلم «ثم قالوا: أنت لاجئ»، وهو الأول ليعقوب بوسال وبرسيس لوف، عن فادي ، أستاذ المسرح الذي توسل الابداع ليؤلف مقاومة لا عنفية في مخيم الدهيشة الفلسطيني.

فيلم «رجل يعود» للفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل


- فيلم «بابور كازانوفا» للجزائري كريم السيد، ويتحدث عن عدلان وصديقه زكي الذي يناديه بـ«الإرهابي» اللذين يحصلان على بعض النقود من صفقات تجارية بسيطة أو تأمين مواقف غير رسمية للسيارات، وينتظران بفارغ الصبر نهاية الأسبوع ومباريات كرة القدم الجزائرية لفريق المولودية لتعويض الفراغ في حياتهما اليومية.
وتشارك أيضًا أفلام «إسعاف» لمحمد الجبلي المشبع بدماء من واقع الحرب على غزة، و«بيوت لها أبواب» للأرمني آفو كابرياليان، و «باريو شينو» لللإيطالي برونو روكي، و»المدنيون يهربون من داعش في سرت» لمحمد الآغا، و«كعك» لحمدي العايد، و«إيمان» لمينا مجدي، و«يمان» لعامر البرزاوي.

فيلم «جريدي» للمصري محمد هشام



لجان وجوائز&
ثمة 3 لجان تحكيم في هذا العام. اللجنة الأولى خاصة بالأفلام الوثائقية، وهي مؤلفة من تشارلي فيليبس، رئيس قسم الوثائقيات في صحيفة "غارديان"، والمخرجة الوثائقية جيهان الطاهري، والمنتجة كايت تاونسند. اللجنة الثانية خاصة بالأفلام القصيرة، مؤلفة من طوني خوري، المقدم الإخباري في بي بي سي، والمنتجة ندين طوقان، وطارق كفالا، مراقب اللغات في بي بي سي العالمية. اللجنة الثالثة خاصة بالتقارير القصيرة، مؤلفة من الكاتب والمعلق الإماراتي سلطان القاسمي، والمنتجة روزا بوش، والمراسلة يلدا حكيم في بي بي سي الدولية.
وكما في كل دورة سابقة من دورات المهرجان، تقدم بي بي سي عربي جائزة "بي بي سي عربي للصحافي الشاب" إلى أحد المشاركين أو إحدى المشاركات في دورة هذا العام ممن أنتجوا وأخرجوا عملًا واقعيًا غير خيالي، على أن يكون عمر المشترك بين 18 و30 عامًا.
تشمل هذه الجائزة برنامج تدريب مصممًا بحسب الحاجة، إلى جانب تقديم الرعاية للفائز ليُتم فيلمًا وثائقيًا جديدًا، وبعض الأجهزة. إلى جانب إمكانية أن يُعرض عمله المقبل على تلفزيون بي بي سي عربي، وأن يحصل على عرضه الأول في الدورة التالية للمهرجان.
إلى ذلك، تقدم بي بي سي عربي هذا العام جائزة "ليليان لندور" إلى أفضل عمل صحافي، وتقدم أول مرة جائزة مخصصة لعمل صحافي تعتبره الأفضل من كل الجوانب عن فئة "الأعمال الوثائقية".​

لقطة من فيلم «القدر أينما يأخذنا» لقدر فياض

&