بروكسل: شدد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الجمعة على التزام بريطانيا "غير المشروط" إزاء الامن في اوروبا، الذي لن يكون موضوع "مساومة" خلال مفاوضات بريكست.

وتابع جونسون عند وصوله للمشاركة في اجتماع للحلف الاطلسي في بروكسل أن "المملكة المتحدة لديها التزام ازاء الامن والدفاع في اوروبا".&

واضاف أن الالتزام "غير مشروط، ولن يكون موضوع مساومة في المفاوضات التي تجري في مكان آخر من هذه العاصمة"، في إشارة الى محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وتابع جونسون "نتعهد التزامًا غير مشروط حول الامن والدفاع في اوروبا، لاننا نعتقد فعلاً بأن الامر يتعلق بأمن وازدهار" الجميع.

وأثير جدل غداة اطلاق عملية بريكست الاربعاء، اثر مخاوف اثارتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عندما بدا وكأنها تريد مقايضة تعاون بريطانيا في مجال الامن وخصوصًا في ما يتعلق بمكافحة الارهاب بالتوصل الى اتفاق تجاري مع التكتل الاوروبي.

ففي رسالتها التاريخية التي وجهتها الاربعاء الى بروكسل، وضعت ماي المسألتين في المستوى نفسه بقولها: "اذا خرجنا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق فسنكون خاضعين لقواعد منظمة التجارة العالمية. وعلى الصعيد الامني، فإن عدم وجود اتفاق سيعني اضعافًا لتعاوننا في مكافحة الجريمة والارهاب".

ورد النائب الأوروبي الليبرالي غي فيرهوفشتاد "أحاول أن أكون رجلاً مهذبًا حيال سيدة، لن استخدم اذن كلمة ابتزاز ولن افكر فيها حتى. إن أمن جميع المواطنين هو موضوع بالغ الخطورة لتتم مقايضته بموضوع آخر".

لكن الحكومة البريطانية نفت أي محاولة للابتزاز. وقال الوزير المكلف التفاوض حول بريكست ديفيد ديفيس عبر هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) "ليس الامر تهديدًا، انه استنتاج مفاده ان عدم التوصل الى اتفاق بين الجانبين سيضر بكليهما. انها حجة تفاوضية".

من جهته، تساءل اناند مينون استاذ السياسة الأوروبية في معهد كينغز كولدج في لندن عمّا "اذا كانت اضافة هذه الفقرة أمرًا في محله"، لان فحوى الرسالة التي تريد لندن ايصالها تتجلى في بقية النص، و"لم تكن ثمة حاجة الى صياغتها في هذا الشكل النافر".

واضاف الخبير "لن اقول انه تهديد. انه ربط. فهل سيكون فاعلاً؟" معتبرًا أن "لهجة (الرسالة) تعكس توتر" تيريزا ماي.&

"الجزرة والعصا"

تضع رئيسة الوزراء مستقبل بلادها على المحك في المفاوضات مع الأوروبيين ويبدو موقفها معقدًا. فرغم انها تتمتع راهناً بشعبية قياسية في مواجهة معارضة عمالية ضعيفة، فهي تتعرض لضغوط الجناح المتطرف داخل حزبها، والذي يطالب ببريكست "قاس" حتى لو كلفه ذلك الخروج من دون اتفاق.

واستخدمت صحيفة "ذي تايمز" المحافظة الخميس عبارة "الجزرة والعصا"، لافتة الى ان "المملكة المتحدة يمكن ان تتبنى موقفاً متشدداً عند الضرورة" مؤكدة ان "كل اشارة الى التعاون الاقتصادي تكاد تكون مرتبطة بالتعاون في المجال الامني".

وحجة الامن ورقة رابحة جدًا للندن في هذه المفاوضات. فبريطانيا هي احد اكبر المساهمين في الشرطة الأوروبية (يوروبول) ولديها خبرة كبيرة في مجال مكافحة الارهاب.

لكن المصلحة على هذا الصعيد ينبغي ان تكون متبادلة.&وفي ما يتجاوز شروط ما قبل التفاوض، لا يزال لدى المحللين امل كبير بتوافر نية سليمة مشتركة.

وقال ايين بيغ الباحث في "لندن سكول اوف ايكونوميكس" لوكالة فرانس برس، "ستتوافر ارادة قوية لضمان استمرار التعاون، وخصوصًا بعد هجوم لندن الاسبوع الفائت والمخاوف من وقوع اعتداءات في امكنة أخرى".

وأسفر اعتداء لندن عن اربعة قتلى واكثر من خمسين جريحًا الاربعاء الفائت، حين دهس رجل بسيارته مجموعة من المارة قبل ان يطعن شرطياً، في اسلوب يذكر بهجمات نيس جنوب فرنسا وبرلين.

وأبدت كاثرين باتار استاذة القانون الأوروبي في جامعة كيمبريدج تفاؤلاً اكبر، معتبرة انه "سيكون اكثر سهولة التوصل الى اتفاق في هذا المجال" منه في مجالات أخرى.

وأضاف بيغ ان الامن "هو ايضا ما يؤمنه حلف شمال الاطلسي، واحدى المقايضات التي على (بريطانيا) استخدامها هي قدراتها مثلاً على التحرك في اطار الاطلسي".

وقال تشارلز غرانت مدير مركز الاصلاح الأوروبي للابحاث ان "وصول دونالد ترامب يمكن ان يساعد المملكة المتحدة عبر منح الأوروبيين سببًا اضافيًا يجعلهم يحافظون على حضورها"، وخصوصًا ان مواقف الرئيس الاميركي من الاطلسي لا تدعو الى التفاؤل.