لندن: بدأت عملية بريكسيت رسمياً،&وتواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الآن مهمة لا تُحسد عليها هي تسوية الطلاق من الاتحاد الاوروبي والبحث عن سبل التعويض عن اثمان هذا الخروج التي قد تكون باهظة.&

ويرى محللون أن صدمة قوية تنتظر مؤيدي بريكسيت أشد وطأة من الخسارة "الجسيمة" لامكانية دخول السوق الاوروبية الموحدة ، على حد تعبير مجلة الايكونومست ، وهي سقوط وعدهم بانبعاث بريطانيا سياسياً من جديد.& ذلك أن خطابية معسكر بريكسيت كانت تتمحور حول استعادة "السيادة" البريطانية من تكنوقراط بروكسل، لكنّ مؤيدي بريكسيت قدموا ايضاً رؤية تحن الى أمجاد بريطانيا يوم كانت لاعباً كبيراً على الساحة الدولية ، كما يكتب ايشان ثارور في صحيفة واشنطن بوست مشيراً الى ان ماي "زمَّرت لفجر ظهور "بريطانيا عالمية" جديدة" متخففة من التزاماتها القارية وقادرة على إيجاد تفاهمات جديدة مع مناطق العالم الأخرى وخاصة مستعمراتها السابقة. &

تعزيز العلاقات التجارية

واتضح مؤخراً أن ماي تسعى الى تعزيز العلاقات التجارية مع العديد من دول الكومنولث وخاصة افريقيا في خطوة وصفها مسؤولون في الحكومة البريطانية، لم تُكشف هوياتهم، بأنها تهدف الى اقامة "امبراطورية ثانية". &

صحيح أن الامبراطورية البريطانية مهدت الطريق امام قوى العولمة والهجرة التي يعارضها مؤيدو بريكسيت بشدة.& ولكن بريكسيت سيوجه "ضربة موجعة الى دول الكومنولث التي تصدر بضائعها الى بريطانيا، والتي 32 دولة منها، غالبيتها في افريقيا ومنطقة الكاريبي، مشمولة باتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي" ، كما لاحظت صحيفة فايننشيال تايمز.& وسيتعين على هذه الدول أن تدفع بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي 800 مليون دولار سنوياً من الرسوم الاضافية لكي تدخل صادراتها السوق البريطانية، بحسب تحليل سكرتارية الكومنولث نفسها. &

وما يبدد أي& احلام امبراطورية تراود مؤيدي بريكسيت حقيقة أن دول الكومنولث لا تحتاج الى بريطانيا اليوم.& فالصادرات الاسترالية الى سيدتها الكولونيالية السابقة لا تزيد على 1.4 في المئة من اجمالي تجارتها.& وكندا التي تشترك بحدود طويلة مع الولايات المتحدة تنظر الى الجنوب وليس الى الشرق.& والهند ، جوهرة التاج الامبراطوري البريطاني كما كانت تُسمى ، لديها اقتصاد يقرب حجمه من الاقتصاد البريطاني، واقطاب المال الهنود يملكون الآن عددًا من أكبر الشركات البريطانية.& &

جذور بريكست

وقال المؤرخ البريطاني ديفيد اولوسوغا في صحيفة الغارديان إن افريقيا الناطقة بالانكليزية لا مكان فيها للصادرات البريطانية.& واضاف "ان الدراجات النارية على طرق اكرا ولاغوس دراجات صينية من تجميع معامل محلية بآلات مستوردة مباشرة من شاندونغ".& ولفت المؤرخ اولوسوغا الى أن دبي وجهة سياحية لأثرياء افريقيا لا تقل جاذبية عن لندن. &

وكتب الأكاديمي البريطاني توم وايمان في عمود صحفي لاذع "أن جذور بريكسيت تكمن في حنين امبراطوري وخرافات بشأن الاستثنائية البريطانية ظهرت منذ عام 2008 على الضد من الواقع المتمثل في ان بريطانيا لم تعد قوة دولية كبرى.& وان المسحورين بالحنين الى الامبراطورية اصبحوا الآن هم السحرة بعد ان تمكنوا بطريقة ما من ايجاد تفويض لتحويل بريطانيا على صورتهم".

وعندما لا يتحدث فرسان بريكسيت عن الحنين الى الامبراطورية يتوجهون الى تركة ونستون تشرتشل وجيله الذي الحق الهزيمة بالمانيا النازية.& فحين سُئل ديفيد ديفيز وزير الدولة لشؤون بريكسيت كيف ستتمكن بريطانيا من ادارة الفوضى الناجمة عن طلاقها من الاتحاد الاوروبي أجاب بفخر "ان جهاز الخدمة المدنية عندنا استطاع ان يتعامل مع الحرب العالمية الثانية، وهو&يستطيع ان يتعامل بسهولة مع هذه القضية". &

تاريخ بريطانيا

من الجائز ان تقدم ذكريات الماضي التليد والامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس مادة للخطابية السياسية الرنانة، ولكنها لا تصمد امام التاريخ.& ولاحظ كثيرون ان تركة بريطانيا الامبراطورية الحقيقية من القهر والاعتداء والاكراه والاستغلال ، نادراً ما تُذكر بين البريطانيين. &

وكتب المعلق غيديون راكمان "ان أكثر الاشياء اثارة للاهتمام في تاريخ بريطانيا الحديث بنظر مؤرخ من المريخ هو ان البلد اقام امبراطورية عالمية شاسعة بكل تأكيد ولكن بنظر البريطانيين أنفسهم فإن نسج رواية وطنية تتمحور حول الحرب ضد النازيين مفهوم سايكولوجياً وليس الامبراطورية.& فهو اتاح لبريطانيا ان تبني صورة وطنية عن نفسها بوصفها مدافعة عن الحرية وبلداً صمد في مواجهة تحديات كبيرة... وليس بوصفه قاهراً امبريالياً". &

واعتبر راكمان أن الاعتراف بهذا التاريخ سيكون بداية طيبة "إذا أرادت ماي حقاً ان تصنع مستقبلاً لبريطانيا "عالمية"".&

&

أعدّت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف عن "واشنطن بوست".& الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2017/03/31/brexit-and-britains-delusions-of-empire/?hpid=hp_hp-cards_hp-card-world%3Ahomepage%2Fcard&utm_term=.71b88fd904d7

&

&