بريزبين: واصلت الفيضانات اجتياح أجزاء من شرق أستراليا، حيث تسعى فرق الطوارئ إلى إعادة المياه والكهرباء إلى المناطق التي ضربها الإعصار الأحد، وسط توقعات بأن تستمر الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته اشهرا عدة.

ولقي شخصان على الأقل مصرعهما، وما زال كثيرون في عداد المفقودين، بعدما غمرت المياه أجزاء واسعة من ولايتي كوينزلاند ونيو ساوث ويلز، ما أسفر عن غرق منازل وإجلاء عشرات آلاف الأشخاص.

وضرب الإعصار ديبي، وهو من الدرجة الرابعة، في شمال شرق أستراليا الثلاثاء، بين بوون وايرلي بيتش، واقتلع الأشجار وأسفر عن أضرارا فادحة. وتراجع الإعصار إلى درجة عاصفة استوائية لدى وصوله إلى الجنوب الشرقي مع رياح قوية وأمطار غزيرة ضربت الساحل الشرقي لسيدني قبل ان يتجه إلى بحر تاسمانيا.

ورغم السماء الصافية، بقيت مدن عدة في حالة تأهب للفيضانات، فيما لا تزال أخرى غارقة بالمياه. ولوغان التي تقع في جنوب بريزبين تعكس الوضع تمامًا، إذ أن الفيضانات تؤثر على بعض المناطق، فيما انحسرت في أجزاء بدأت عمليات التنظيف مع انخفاض المياه.

وقال رئيس بلدية لوغان لوك سميث الأحد إن "الأمر غير مسبوق بالنسبة إلينا"، محذرا من أن المدينة لا تزال عرضة للفيضانات مع بقاء نهر رئيس بمستوى مياه مرتفع. وأضاف خلال حديثه عن كلفة الأضرار المحتملة أن لا احد يعرف ذلك في هذه المرحلة.

وفي روكهامبتن في وسط شرق كوينزلاند، كان السكان يستعدون لأكبر فيضانات يشهدونها منذ العام 1954، مع بلوغ مستوى الذروة في وقت متأخر الأربعاء أو في وقت مبكر الخميس. وعثرت الشرطة الجمعة على جثة امرأة جرفتها الفيضانات قرب جنوب حدود كوينزلاند.

وكانت بلدة ليسمور الاكثر تضررا جراء الفيضانات الجمعة مع اصدار اوامر لسكان تويد هيدز وكينغسكليف وموريلوباه بالاجلاء. وفي المناطق الشمالية لا تزال عملية اعادة اصلاح شبكتي المياه والكهرباء جارية.

وفي المناطق التي تضررت كثيرا مثل ماكاي وبوون وجزر ويتصندايز حرم نحو اربعين الف شخص من الكهرباء وكانوا ينتظرون السبت اعادة اصلاح الشبكة.

وقام الجيش بتعبئة 1300 جندي لعملية رفع الانقاض مع تولي مروحيات وطائرات عملية اعادة اصلاح البنى التحتية وتأمين المواد الغذائية الاساسية والمياه والوقود.

واعلن مجلس التأمين الاسترالي ولايتي كوينزلاند وشمال نيو ساوث ويلز منطقتين منكوبتين مع اضرار تصل قيمتها الى 770 مليون دولار اميركي.

لوغان غمرت
اعتاد سكان منطقة نورث ماكلين في شرق استراليا على الفيضانات. لكن قلائل منهم بامكانهم ان يتذكروا طوفانا شبيها بما حدث في الايام الاخيرة. وادت الامطار الغزيرة الناجمة من عاصفة ديبي الاستوائية التي اجتاحت شمال شرق استراليا، الى فيضانات مدمرة في ولايتين، وأرغمت عشرات الاف الاشخاص على النزوح.

وقد استيقظت كايسي بنتلي صباح الجمعة، ووجدت المياه تحت قدميها. لكن مستوى نهر لوغان كان يرتفع بوتيرة، سرعان ما أدت الى بلوغ المياه حدود نوافذ منزلها، الذي الذي رممته اخيرا. وسارع جيران الى نجدتها، لكنها لم تنقل معها سوى بعض الخيول وكلب. بحسرة قالت كايسي (47 عاما) الميكانيكية، بينما كانت تنظر الى بيتها الذي كادت ان تغمره المياه الموحلة، "كل ما املكه بقي هناك، وبات مفقودا". واضافت "لا اعرف ماذا سأفعل، والى اين ساذهب، واين سأضع الخيول".

اجتاح الاعصار ديبي، من الدرجة الرابعة على سلم مكون من خمس درجات، برياحه المدمرة ولاية كوينزلاند الثلاثاء. واقتلعت الرياح مئات الاشجار وألقت الامواج بالقوارب على اليابسة. وسرعان ما تحول الاعصار ديبي الى عاصفة استوائية، لكنه واصل، لدى توجهه نحو الجنوب الشرقي، ضخ كميات هائلة من المياه على سواحل نيو ساوث ويلز وجنوب كوينزلاند وسيدني (جنوب شرق)، قبل ان يتلاشى في بحر تاسمانيا.

مساعدة متبادلة
تبددت الغيوم، واستعادت السماء صفاءها، وواصلت مياه الانهار الارتفاع لتبلغ احيانًا مستويات غير معروفة منذ عقود. ودعت الشرطة الناس الى الابتعاد عن مجاري المياه، محذرة اياهم من محاولة اجتياز الطرق المغمورة. وعثر على جثتي امرأتين الجمعة. واعتبر ثلاثة اشخاص من جهة اخرى في عداد المفقودين في كوينزلاند. وتجري الشرطة ايضا تحقيقات لمعرفة ما اذا كانت الوفيات ناجمة من العاصفة.

كما ان منطقة نورث ماكلين، في جنوب بريزبين، عاصمة الولاية، معتادة على الفيضانات. ويذكر نصب تذكاري في احدى حدائقها العامة انها شهدت ما لا يقل عن سبعة فيضانات في العقود الاخيرة. واكد عمدة لوغان سيتي، لوك سميث الاحد ان "هذه الفيضانات لا سابق لها".

وتتذكر بلايز ارشيباد (13 عاما) الطوفان الاخير العام 2013 عندما "ارتفعت المياه الى وراء الاسطبلات. لكن في هذه المرة، فقد غمرت المياه الاسطبلات". وقد انقذت كايسي بنتلي حيواناتها، لكن الجميع لم يتمكنوا من انقاذ حيواناتهم، كما تؤكد على ذلك جيفة عجل لم يتمكن من الافلات من ارتفاع المياه.

واحتاج رجال الانقاذ الى قارب لانتشال العجل النافق الذي كان عالقا بين غصون شجرة. وقال لينوس باور النائب في برلمان كوينزلاند ان "الناس في لوغان يتحلون فعلا بالقوة والشجاعة. ففي كل مرة نتحد ونساعد بعضنا". واضاف "في هذا القطاع من حوض لوغان، خسر العديد من الناس منازلهم". وختم قائلا ان "البعض لا يعرفون بعد انهم خسروا منازلهم، لأنهم التجأوا الى اصدقاء. لكنهم سيعرفون ذلك عندما يعودون".