ماذا يقال عن بلد والسياسيين الذين فيه، عندما يكون أحد المرشحين الثلاثة الكبار في الانتخابات مجرد شخصية وهمية تهكمية؟

في الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية، يخوض ليوبيسا بريليتاسيفيتش سباقاً رئاسياً في صربيا في وجه لاعبين سياسيين معروفين. ومن بينهم الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، فوك جيرميك؛ والزعيم المتطرف للحزب الراديكالي الصربي، فويسلاف سيسيلي؛ ووزير الاقتصاد السابق ساسا رادولوفيتش.

وقد جمع بريليتاسيفيتش عدد أصوات أكبر من كل منافسيه، وهذا ليس سيئًا لرجل غير موجود في الحقيقة.

وبالنسبة للدعاية الكبيرة المحيطة بهذا الترشيح الرئاسي، قد يتطلّب الأمر اضطراباً واسع النطاق لم يسبق له مثيل، لمنع أليكساندر فوسيتش من أن يصبح رئيس الدولة، إذ يبدو أنّ رئيس الوزراء الحالي هو الأوفر حظاً لتخطّي عتبة الـ 50٪ والفوز في الجولة الأولى. لكن الرجل على الحصان الأبيض يشكّل قصة لا تقاوم.

والجدير بالذكر أنّ مخترع قصة ليوبيسا بريليتاسيفيتش هو طالب يبلغ من العمر 25 عاماً، واسمه لوكا ماكسيموفيتش. وقد ابتكر هذه الشخصية في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي فى ملادينوفاك، إحدى ضواحي العاصمة الصربية بلغراد. &

كان الطالب وأصدقاؤه مذهولين كالآخرين عندما نال بريلتاسيفيتش 20٪ من الأصوات. فهذه الشخصية كان ينبغي أن تكون مجرد دعابة - محاكاة ساخرة لسياسي انتهازي. واسم بريليتاسيفيتش هو لعب على الكلام: بريلاتا prelatac &هي كلمة تستخدم لوصف شخصية سياسية لا تدعم حزباً واحداً، وذلك &بهدف تحقيق مكاسب سياسية. &&

أما البدلة البيضاء التي لا تزال موجودة، و لقب "بيلي" Beli (الأبيض)، فتقوم أيضًا بإهانة السياسيين الذين يعدون بالنزاهة في الحملة الانتخابية، لكنهم يتجهون مباشرة إلى الحضيض بمجرد انتخابهم.

وفي المقابل، يلتزم بريلتاسيفيتش وجماعته ببراعة بتقديم وعود كاذبة. وكان أحد المقترحات المثيرة للدهشة هو خطة لفتح قسم القتل الرحيم للمتقاعدين في مستشفى محلي، لخفض تكلفة رعاية المسنين.&

وضربت هذه المحاكاة الساخرة على الوتر الحساس، فأصبح حزب بريلتاسيفيتش، الذي يؤمن بمبدأ "هل ذقت مخلل الملفوف؟"، أكبر مجموعة معارضة فى مجلس ملادينوفاتش الذى يتضمّن 12 مقعدًا.

ويبدو أن نداءه ينتشر في جميع أنحاء البلد، ليطال الإصلاحيين الاقتصاديين والمتمردين على حد سواء.

وقد استجاب لوكا ماكسيموفيتش، الشخصية البديلة لبريلتاسيفيتش، بارتياح شديد مع تصنيفات الاستطلاع المزدوجة، متهماً السياسيين الصربيين بأنهم "قذرون وفاسدون"، ومعلنًا أن الوقت قد حان "على الأقل لمحاولة القيام بشيء لتغيير ذلك".&

أما إذا كان مرشح كوميدي، لا يعرف شيئًا يذكر عن عالم السياسة، قادراً على تعزيز تحليل لأوجه القصور في السياسة الصربية، فهذه مسألة أخرى.

وفي هذا السياق، تراود المحلل السياسي المخضرم بوسكو جاكسيك مشاعر مختلطة، حيث يقول: "هو يملك تأثيرين. يمكنه تشجيع الناخبين الشباب الذين لا يرغبون في الذهاب إلى صناديق الاقتراع. إذاً، فهو قادر بأسلوبه التهكمي أن يحرّكهم. لكنّ التأثير الثاني هو انه يعتمد على الأشخاص غير الراضين".

وهو يعتقد أنّ أليكساندر فوسيتش المرشح الأوفر حظاً، ليس هو من يخسر الأصوات، بل أبرز منافسيه، مثل أمين المظالم السابق ساسا يانكوفيتش، ووزير الخارجية السابق فوك جيرميك.

وحذّر قائلاً: "هذه لحظة خطيرة والوقت ليس مناسبًا للالعاب والفكاهة".

وعلى الأرجح سيكمل الكسندر فوسيتش، ، انتقالاً سلسًا من مكتب رئيس الوزراء الى مكتب الرئاسة. وسترافقه قاعدة السلطة في صربيا.

ولكن ربما، فضلاً عن إثارة الضحك، سوف يرفع ليوبيسا بريليتاسيفيتش الوعي بأن السياسة الصربية لديها مشكلات تحتاج إلى دراسة جدية.&

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير نقلاً عن "بي بي سي". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:
http://www.bbc.com/news/world-europe-39442216