الرباط: لم تدع جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربيةً (شبه المحظورة) فرصة تنصيب الملك محمد السادس لحكومة سعد الدين العثماني، الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية أمس الأربعاء، تمر من دون أن توجه سهام نقدها للمشهد السياسي والنموذج المغربي، معتبرة أن "ما يقع اليوم ليس إلا التعبير الحقيقي عن الأوهام التي بشر بها دستور 2011، والملكية الثانية التي تحدث عنها البعض، والاستثناء المغربي الذي تغنى به آخرون".

وسجلت الجماعة، في افتتاحية نشرها موقها الالكتروني أنه "آن أن ينتهي المسلسل الممجوج للمرحلة الرديئة؛ فما بين 7 أكتوبر و5 أبريل تفاصيل حكاية استبداد تخلى عن "مداراته المقنَّعة" ليخوض معركة الترويض والارتداد والإذلال بوجهه السافر المكشوف".

وأضافت الجماعة مؤكدة "موقفنا من طبيعة النظام الذي يشكل الحكومات على عينه كان ويزال واضحا، وقراءتنا لِلَحظات مفصلية عرفها البلد، التناوب التوافقي والعهد الجديد ودستور 2011، أثبتت التجارب والسنين صحتها وسلامتها؛ فالاستبداد المغربي يعطي ليأخذ ويمنح ليمنع ويغير ليبقى".

وزادت الجماعة التي توصف بانها أكبر تنظيم معارض في المغرب، موضحة في قراءتها للمشهد "يستمر الاستبداد هو هو من دون تغيير أو إصلاح، تتناوب الوجوه والأدوات والمراحل والشخصيات ولا يتخلى عن روحه المخزنية. بينه وبين الديمقراطية المدعاة خصومة مُبينة وعداوة مقيمة". وأضاف المقال "ما يقع اليوم يؤكد ما سبق أن قلناه، وقاله غيرنا من المنصفين، من أن الانتخابات في المغرب لا تؤدّي الدور الذي تعارفت عليه الدنيا، ومن أنها محطة للبهرجة والتسويق الخارجي وآلة للإلهاء والتنفيس الداخلي، ومن أن وسائلها من لائحة وتقطيع ونمط وعتبة وإشراف… لا تفضي إلا إلى التحكم في الخرائط والمآلات لتكون المؤسسات المنتخبة الصغيرة في خدمة المؤسسة غير المنتخبة الكبيرة".

وفي انتقاد واضح لحزب العدالة والتنمية ومن ورائه حركة التوحيد والإصلاح الحليف الدعوي لحزب رئيس الحكومة الذي يبنى خيار المشاركة والإصلاح من داخل المؤسسات، اشارت الجماعة الى أن ما يقع اليوم "يضع خيار الإصلاح من الداخل في النفق المغلق والطريق المسدود مجددا؛ ذلك أن محاولة التغيير من داخل قواعد النظام المغلق، التي يضعها مهندسوه، ستبقى دائما محكومة بالفشل الكلي، وإن ظن أصحابه النجاح الجزئي أو اللحظي، فقواعد اللعبة المخزنية مصاغة لضمان الاستمرار بنكهة التغيير في حال الضرورة وبقاء الاستبداد بلبوس الديمقراطية عندما يقتضي الحال".

ومضت الجماعة في نقدها الحاد للإسلاميين الذين يختلفون معها في المشروع والمنهج "إن الإصلاح من الداخل، أو الإصلاح في ظل الاستقرار، كما يسميه أنصاره ،يكون للحديث عنه معنى إن كان يفضي إلى امتلاك أدوات التماس المباشر مع الشأن العام عبر السياسات العمومية التي تخدم المواطنين، والتي تتيحها الدولة عبر مدخل الانتخابات. 

وزادت الجماعة قائلة "الإصلاح من الداخل" لا يعدو أن يكون كلمة تقال لا حقيقة لها على الأرض، ومطب ينال من مصداقية القائلين به مقابل دعم مجاني لنظام يأبى الإصلاح"، وهو ما يمثل تشفيا واضحا من الجماعة في ابن كيران وأتباعه وما آلت إليه وضعيتهم بعد ابعاده وقبول سلفه بالشروط التي رفضها في مفاوضات تشكيل الغالبية الحكومية الجديدة.