إيلاف - متابعة: أعلن السيسي الذي يتولى السلطة منذ 2014، مساء الأحد حال الطوارئ في البلاد ثلاثة أشهر، وقد نالت موافقة الحكومة. وافاد مرسوم للرئيس المصري نشر في الجريدة الرسمية ان "حالة الطوارئ دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة الواحدة ظهرا (11,00 ت غ) في جميع انحاء البلد لمدة ثلاثة اشهر".

يتعيّن على رئيس الدولة أيضا الحصول على موافقة البرلمان في غضون سبعة أيام. لكن الامر يبقى شكليا، لأن غالبية النواب تؤيد السيسي. وتبنى تنظيم داعش "هجومي الكنيستين في مدينتي طنطا والاسكندرية" اللذين أسفرا الاحد عن 45 قتيلا، كاشفاً أن انتحاريين نفذا الهجومين.&

ووافقت الحكومة على "قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر اعتباراً من الساعة الواحدة من مساء الإثنين". وقالت الحكومة في بيان إن "القوات المسلحة وهيئة الشرطة ستتولى اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين".

وقال النائب يحيى كدواني عضو لجنة الدفاع والامن القومي في مجلس النواب لوكالة فرانس برس ان "الغالبية في البرلمان ستوافق على حالة الطوارئ على الارجح" لان "الوضع يتطلب ذلك لاحلال الامن بالكامل". وتوسّع حال الطوارئ سلطة الشرطة في توقيف المشتبه بهم ومراقبة المواطنين وتحدّ من الحريات العامة في التجمع والتنقل.&

الى ذلك، اعلنت الحكومة في بيان ان عائلة كل ضحية ستتلقى نحو 5200 يورو بمثابة تعويض فضلا عن راتب شهري قيمته 1500 جنيه (78 يورو).

على وقع صرخات الحسرة على فقدان الأحبة، ودّع الأقباط ضحاياهم الذين قتلوا في الكنيسة المرقسية في مدينة الإسكندرية الساحلية في شمال البلاد، مطالبين بإقالة وزير الداخلية بسبب ما وصفوه بالتقصير الأمني خصوصًا في ما خص كنيسة طنطا.

وأكد الاقباط على هامش مراسم التشييع تصميمهم على الاستمرار في الذهاب الى الكنائس "والصلاة فيها مدى الحياة" رغم تعرّضهم لثلاثة اعتداءات دامية في أربعة أشهر.

وفي دير مار مينا العجائبي، الذي يبعد حوالى 50 كلم جنوب غرب الإسكندرية، وضعت سبعة نعوش خشبية تحوي جثامين الضحايا على المذبح، فيما دوى التصفيق في القاعة تحية لأرواح من وصفهم جميع الحاضرين بـ "الشهداء". واطلقت نساء اتشحن بالسواد صرخات تعكس ألما حارقا، فيما كانت أخريات ينتحبن في صمت.

عقب الصلاة نقلت النعوش على دقات الطبول الى المدافن الواقعة داخل الدير، فيما علقت سيدة بحزن بالغ "انهم يزفون الشهداء الذين ستقام لهم زفة أخرى في السماء.. ما اجمل هذا".

واسفر اعتداء في طنطا في محافظة الغربية في دلتا النيل في شمال البلاد عن مقتل 28 مسيحيا اثر تفجير داخل الكنيسة أثناء قداس احد الشعانين، وسقط 17 قتيلا بينهم اربعة شرطيين في تفجير اخر امام بوابة الكنيسة المرقسية في الإسكندرية بعد أقل من ثلاث ساعات. وتبنّى تنظيم داعش "هجومي الكنيستين في مدينتي طنطا والاسكندرية"، كاشفاً أنّ انتحاريين نفذاهما.&

تقصير أمني
اثناء الدفن اطلق المشيعون شعارات تطالب بإقالة وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، ورددوا مرارًا: "ارحل يا عبد الغفار". كما صاحوا بملء حناجرهم: "مسيحيون ليوم الدين"، في إشارة الى ان التهديدات لن تزعزع ايمانهم مهما كانت.

وقال مجدي صبحي (33 عامًا)، الذي كان ضمن اللجنة المسؤولة عن تنظيم مراسم التشييع، لوكالة فرانس برس، إن "الأمن قصّر تقصيرًا شديدًا في طنطا، ولكن ليس في الإسكندرية". غير أن صباح وهي سيدة في الخامسة والثلاثين من عمرها فقدت ابن عمها في التفجير خالفته الرأي وقالت " طبعا لا يوجد امن، لو كان هناك امن لما حدث هذا".

وفيما كان يدلف من باب الكنيسة قال مينا، وهو موظف حكومي في الثانية والخمسين من عمره، "اذا كان الهدف من الاعتداءات هو أن نكفّ عن الذهاب الى الكنائس... فهذا لن يحدث. سنظل نصلي مدى الحياة".

الحلقة الأضعف
وقالت صباح في السياق نفسه "سنظل نذهب الى الكنيسة. لقد اعتدنا على هذه الامور. في كل مناسبة وفي كل عيد تفجير"، في إشارة إلى التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة ملاصقة لكاتدرائية الاقباط الارثوذكس في وسط القاهرة وأوقع 29 قتيلا في ديسمبر الفائت. وتابعت بتحد "نحن مستعدون للانفجارات، وربنا موجود".

ورغم أن الاقباط الارثوذكس لا يقيمون اي قداس جنائزي خلال اسبوع الالام، الذي بدأ باحد الشعانين، الا أن الصلاة أقيمت على أرواح الضحايا.

وبدا المشاركون في الجنازة غير معنيين كثيرًا بالاجراءات التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساء الأحد، وأبرزها اعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة اشهر، ولكن معظمهم على اقتناع بأنهم مستهدفون لانهم "الحلقة الاضعف".

وفي فبراير الماضي، اضطرت عشرات الاسر المسيحية الى مغادرة العريش في شمال سيناء اثر تزايد الاعتداءات على الاقباط في شمال سيناء ومقتل سبعة من ابناء هذه الطائفة في شبه الجزيرة الملاصقة لقطاع غزة وإسرائيل. وهدد التنظيم المتطرف بتنفيذ مزيد من الهجمات ضد الأقباط.&وقال شرف، وهو موظف حكومي قبطي (52 عاما)، "انهم يستهدفون البلد، والاعتداء على الشرطة لا يأتي بنتيجة كبيرة، وهم يريدون زعزعة الاستقرار، والأقباط هم الحلقة الأضعف".

وللمسلمين حصتهم
لم تقتصر الجنائز على المسيحيين فقط، إذ شيّع جثمان شرطية مسلمة هي العميد نجوى الحجار قتلت في تفجير الإسكندرية ضمن أربعة شرطيين آخرين قتلوا في التفجير. &كذلك جرى تشييع عريف الشرطة المسلمة أمنية رشدي في الإسكندرية، بحسب ما بثته قناة "اكسترا نيوز" الفضائية الخاصة.

وكتبت صحيفة "الوطن" المستقلة في عنوان رئيس بالاسود الاثنين "اسبوع آلام كل المصريين". وطبقت حالة الطوارئ لعقود طوال حكم الرئيس السابق حسني مبارك، لكنها ألغيت في مايو 2012 إبان حكم المجلس العسكري الذي خلف مبارك. وقد أعيد العمل بها لشهر بعد اقالة الرئيس الاسلامي محمد مرسي، بينما كانت قوات الامن تقمع بعنف انصاره.

وهي مطبقة أصلًا منذ نهاية العام 2014 في شمال شبه جزيرة سيناء، حيث ينشط الفرع المصري من تنظيم داعش "ولاية سيناء". ويجري تجديدها كل ثلاثة أشهر.

حماية كاملة
وأعلن السيسي حالة الطوارئ مساء الاحد بعد ساعات على اعتداءين لتنظيم داعش على كنيستين للاقباط في الاسكندرية وطنطا في شمال القاهرة، خلال الاحتفالات بأحد السعف (الشعانين).

وأدى الهجومان الى سقوط 45 &قتيلا في أكبر حصيلة لهجمات جرت في السنوات الاخيرة ضد الاقباط الذين يشكلون عشرة بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة. وبعدما أمر بانتشار الجيش لحماية "المؤسسات الحيوية" للبلاد، طالب رئيس الدولة باجراءات "لتأمين الحماية الكاملة للحدود".

برر النائب كدواني ذلك بالقول ان "حالة الطوارئ فرضت في فرنسا، في مصر قبل ذلك بفترة طويلة لمواجهة الارهاب". وتواصلت الاثنين الادانات للاعتداءين. وكتب وزير الخارجية الإيراني في تغريدة على تويتر "ندين الإعتداء الإرهابي الغاشم علی الكنائس المصرية ونقدم تعازينا لاشقائنا المصریین. إن المنطقة بأمسّ الحاجة الى الوحدة لمواجهة الإرهاب والتطرف".

محزن جدًا
وفي الاسكندرية امام الكنيسة المرقسية التي فجر انتحاري "مزود بحزام ناسف" نفسه أمامها متسببا بمقتل 17 شخصا وإصابة 48 آخرين، يلتقط المحققون صورا للمحال التجارية التي تحطمت واجهاتها الزجاجية تماما. وجاء عدد من النسوة اللواتي ارتدين الاسود لحضور القداس وكن يبرزن هوياتهن لرجال الامن ليتمكن من الدخول.

وقالت سيدة في الاربعين من العمر "أشعر بحزن كبير وأنا عاجزة عن الكلام". ووقع الهجوم الثاني في طنطا في دلتا النيل على بعد نحو مئة كيلومتر عن القاهرة في كنيسة مار جرجس. وقد أسفر عن سقوط 28 قتيلا و78 جريحا، بحسب وزارة الصحة التي أعلنت وفاة أحد المصابين متأثرا بجروحه.

ولا يزال 35 مصابا يتلقون العلاج في مشافٍ في القاهرة، بينهم 11 شخصا في حالة حرجة، بحسب وزارة الصحة. ومساء الأحد، أحضرت جثامين الضحايا في نعوش خشبية زيّنت بصلبان ذهبية إلى ساحة كنيسة طنطا التي احتشد فيها مئات الأقباط فيما كان قسيس يتلو ترانيم في مكبر للصوت على الجثامين المسجاة أرضا.

باب للقمع العشوائي
يأتي الاعتداء على الكنيستين فيما تستعد القاهرة لاستقبال البابا فرنسيس في 28 و29 أبريل الجاري. ومن المقرر أن يحتفل الحبر الأعظم بقداس في العاصمة المصرية ويلتقي شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني. وأعلن المسؤول الثالث في الفاتيكان في مقابلة نشرت الاثنين ان البابا فرنسيس سيبقي على زيارته لمصر المقررة في أواخر ابريل رغم الاعتداءين. ويشكل أقباط مصر كبرى الطوائف المسيحية في الشرق الاوسط وواحدة من أقدمها.

ورأى مصطفى كامل السيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ان فرض حالة الطوارئ يثير مجددا القلق، بينما تقمع كل الاصوات المعارضة. وقال "في عهد السيسي نرى أن عمليات التوقيف والمحاكمات تطال أيضا اشخاصا لا علاقة لهم باعمال ارهابية"، في اشارة الى ناشطي المعارضة.


&