اسطنبول: وافقت غالبية ضئيلة من الأتراك الأحد على توسيع صلاحيات الرئيس رجب طيب اردوغان، خلال استفتاء يسبب انقسامًا حادًا في البلاد.

لكن نتائج هذا الاستفتاء يمكن أن تؤثر على مسقبل البلاد على كل الاصعدة.

والاستفتاء الذي اجري بعد 94 عامًا على تأسيس مصطفى كمال اتاتورك للجمهورية التركية شكل خطوة كبرى يمكن أن تؤدي الى استقطاب المجتمع وتؤثر على العلاقات مع الغرب، وكذلك على النزاع الذي استؤنف مؤخرًا مع المتمردين الاكراد.

في ما يلي خمسة أسئلة حول التأثير المحتمل لهذا الاستفتاء على مستقبل تركيا:

مزيد من الديموقراطية أم العكس؟

من خلال فوزه في الاستفتاء، سيمتلك أردوغان سلطة معززة إلى حد كبير، وسيبقى نظريًا في السلطة حتى العام 2029. وستكون السلطة التنفيذية متركزة في يد رئيس الجمهورية، وسيُلغى منصب رئيس الوزراء.

ويرى مؤيدو أردوغان أن هذا الإجراء ضروري لضمان استقرار الحكومة والفصل بحدود واضحة مع السلطتين القضائية والتشريعية.

لكنّ معارضيه يقولون إنه لن تكون هناك بعد الآن سلطة مضادة في هذا النظام الجديد، مما يمهد الطريق لنظام استبدادي.

وقال ألان ماكوفسكي من مركز التقدم الأميركي "أميركان بروغرس" إن هذا النظام الرئاسي "يجمع قوّة غير مسبوقة في يد رجل واحد".&

أي مستقبل مع أوروبا؟

تدهورت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الأخيرة من حملة الاستفتاء، واتهم اردوغان بعض البلدان "بممارسات نازية".

وقال اردوغان إن عملية ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي والمتوقفة منذ سنوات، ستطرح "على الطاولة" بعد الاستفتاء. كما تحدث الاحد عن احتمال اجراء استفتاء على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، وهو ما يعتبر خطًا أحمر بالنسبة إلى بروكسل.

وقال مارك بييريني من مركز "كارنيغي أوروبا" إن "التكتيك القائم على مهاجمة الاتحاد الأوروبي باستمرار (...) من أجل أغراض سياسية داخلية بلغ السقف الآن".&

وبهذا الفوز، قد يميل اردوغان الى دفن مسألة عضوية بلاده في الاتحاد الاوروبي وتغليب العلاقات التجارية، من خلال تعزيز الاتحاد الجمركي على سبيل المثال.

&حرب أو سلام مع الأكراد؟

منذ انهيار الهدنة التاريخية مع حزب العمال الكردستاني في صيف 2015، غرق جنوب شرق تركيا في دوامة من المواجهات الدامية بين قوات الامن التركية والانفصاليين الاكراد.

وترافق الهجوم العسكري، الذي شنته أنقرة، مع ازدياد قمع الاوساط السياسية والاعلامية المؤيدة للاكراد بتهمة أنشطة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

ومع الانتصار المحدود للمعسكر المؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس، قد يضطر اردوغان إلى اعتماد نهج أكثر "تصالحاً" في "المسألة الكردية"، بحسب ما تقول أصلي أيدنتنباس، الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

ومع ذلك، لا يزال الخطاب السائد حاليًا هو المواجهة، وتتحدث وسائل إعلام قريبة من السلطة أن هناك عملية برية ستنطلق بعد الاستفتاء ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

مصالحة أو استقطاب؟

في السنوات الاخيرة، شهد المجتمع التركي استقطابًا كبيرًا حول شخصية اردوغان. وخلال حملة الاستفتاء، قام الرئيس التركي بـ"شيطنة" معارضيه، الذين اتهمهم بالتواطؤ مع "الإرهابيين" و"الانقلابيين".

وقال المحلل سونر كاغابتاي من مركز "واشنطن اينستيتيوت" إنّ اردوغان "فاز في (الاستفتاء)، لكن في نهاية المطاف فإن نصف البلاد يحبه، والنصف الآخر يكرهه. هذا هو أصل الازمة التركية الحديثة".

ومع ذلك، فقد أظهر اردوغان الذي تحالف مع القوميين المتطرفين لكسب معركة الاستفتاء، براغماتية كبيرة في الماضي. ويتوقع بعض المراقبين أنه سيتبنى خطاباً أهدأ بعد الاستفتاء.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الاحد في خطاب الانتصار: "الآن جاء وقت التضامن والوحدة وأن نكون جميعنا تركيا".&

نمو اقتصادي أم تراجع؟

توقعت الأسواق بحذر كبير فوز مؤيدي الاصلاحات على امل أن يعود الاستقرار الغائب عن تركيا، التي تشهد منذ عام ونصف العام سلسلة اعتداءات، وهزتها محاولة انقلابية في يوليو.

إلا أن التوقعات للامد المتوسط أكثر ضبابية. فضعف ثقة المستثمرين في المؤسسات واستقطاب متزايد في المجتمع وتأخر الاصلاحات الهيكلية، كلها عوامل يمكن أن تؤثر على النمو.

ورأى خبراء اقتصاديون في "مجموعة بي جي سي بارتنرز" في اسطنبول قبل الاستفتاء أن "الاسواق يمكن ان ترحب لأمد قصير" بفوز "النعم" في الاستفتاء. الا انهم رأوا أن النمو "قد يتوقف وتأثيرات النظام (الرئاسي) على الامد الطويل ما زالت مجهولة".