لندن: صحيح أنّ أمستردام معروفة بالزنبق والدراجات الهوائية، لكنّها تشتهر أيضاً بأعلى نسبة بدانة في هولندا، حيث يعاني خُمس أطفالها من زيادة الوزن واحتمال التعرض لمشكلات صحية مستقبلية.

ويبدو أن البرنامج ينجح من خلال إصابة أهداف متعددة في الوقت نفسه - في تشجيع مياه الصنبور، إلى أنشطة ما بعد المدرسة، وصولاً إلى رفض رعاية كوكا كولا أو ماكدونالدز للأحداث القائمة في المدينة.&

ويقود البرنامج &نائب عمدة حيوي يلاقي دعماً إجماعياً من السياسيين في المدينة. فمن العام 2012 إلى العام 2015، انخفض عدد الأطفال الذين يعانون زيادة الوزن والبدانة بنسبة 12%. والمدهش أكثر بعد، أن أمستردام قد نجحت في فعل ما لم يتمكّن أي أحد آخر من القيام به، لأن الانخفاض الأكبر كان على صعيد المجموعات الاجتماعية والاقتصادية الأدنى مستوى.&

فالبرنامج يغيّر حياة الناس لا سيما في أحياء مثل بيجلمر في الجنوب الشرقي. ويقول ويلبرت سوات، منسق ومعلم رياضة في مدرسة دي أكتسبرونغ الابتدائية، إنّ بيجلمر حيّ سيئ السمعة وهذا هو السبب الذي دفعه ومعلّمين آخرين إلى العمل هناك: "هنا يمكننا أن نحدث فرقا".

&

قياس وزن الأطفال وطولهم كل عام - الغاردين

&

الماء والحليب والخضار

هذه المدرسة، التي كانت في العام 2007 بين أكثر ثلاثة مراكز تضمّ أطفالاً يعانون زيادة الوزن في أمستردام، أصبحت الآن واحدة من 100 مدرسة تشكّل محور التركيز الرئيس لبرنامج البدانة. ويتم فيها قياس وزن الأطفال وطولهم كل عام. ومع أنّ بعض الأهل اعترضوا في البداية، لكنّ الأمر صار طبيعياً الآن. وكذلك بالنسبة إلى ماء الصنبور.&

وقال سوات: "يجب على جميع الاطفال جلب المياه او الحليب الى المدرسة. وليس العصير. وقد استاء الكثير من الآباء والأمهات حقا من هذا القرار. فأجرینا مناقشات جادة معھم ".&

کان الأهل یعتقدون أن العصیر أو حتی شراب الاسكواش کان أکثر صحة لاحتوائه على الفواكه. لكنّ المدرّسين أخبروهم عن السكر الذي فيه، فتقبّلوا الأمر. وشكّل منع ولائم أعياد الميلاد مثل الكعك والعصير مشكلة كبيرة أيضاً، فأنشأت المدرسة ملفاً يضمّ الأمور الصحية مثل البرتقال والجزر، حتى أنّها اتّفقت مع ماكدونالدز المجاور حتى لا يسمح لأي طفل بدون أهله بأن يشتري غير تفاحة، فالبطاطا المقلية ممنوعة.

ومن بين الهبات المقدّمة إلى المدرسة، هبة أوروبية توفر نوع فاكهة أو خضار لكل الأطفال خلال 3 أيام من الأسبوع. والبراد مملوء بالجزر والفجل التي ينبغي على الطفل تجربتها لو حتى لمرّة واحدة.

الوضع النفسي

الأطفال الصغار هم محور جهود مكافحة البدانة لأنه من الأسهل منعهم من زيادة وزنهم بدلا من محاولة معالجة هذه الزيادة في ما بعد. هناك حوالى 2000 طفل يعانون البدانة المفرطة في أمستردام وهم يشكلون التركيز الأولي.&

وفي هذا الإطار، دانا بيجفوت، وهي ممرضة ومستشارة عائلية تعمل في مدرسة ثانوية في المنطقة وتهتم بحالة المراهقين، تخبر قصصاً حزينة يائسة. رومانا، 14 عاما، أصيبت بفشل الكبد بسبب وزنها وكانت تعاني الاكتئاب وانخفاض تقدير الذات. وتتحدث بيجفوت عن عائلات مختلة وظيفياً حيث يعتقد الآباء أن الطفل يستطيع أن يدير أموره بدون مساعدة. وقالت: "أريد أن أعرف كيف هم في حياتهم - بصحتهم النفسية وتقديرهم لذاتهم".&

والدا رومانا مطلقان، وقال والدها، الذي نال حق الحضانة، إن الأم كانت ممسوسة – وأخبر "الكثير عن السحر الأسود والفودو". كان سائق سيارة أجرة، ونادرا ما تواجد في المنزل غير أنّه منع ابنته من الخروج وحدها. وعند سؤالها عن أكثر شيء ترغب فيه، أجابت رومانا: "أريد أن أتمكّن من ارتداء الجينز بسهولة وأن أشعر برضى أكبر عن نفسي".

دروس في الطبخ الصحي

وفي الجزء الشرقي من المدينة، تجد صفوف طبخ للأهل والأولاد في أحد المراكز الاجتماعية، ووفقاً لأميرة الأشقر، متطوعة أصلها من مصر، "يأتون كل أسبوع معاً ليطهوا مأكولات صحية- من أجل تغيير وصفاتهم التقليدية". 8 فتيات وصبي واحد، البعض منهم يعاني الوزن الزائد، يعدّون &ما يسمّونه كعك المافن لكنّه مصنوع من البيض والشوفان والكوسا والفلفل وخضروات أخرى. وأضافت الأشقر أيضاً أشكالاً صحية للطاجن والكسكس. وبرأيها، أرادت العائلات أن تتناول أطعمة صحية، لكنّها لم تكن تعرف كيف.

منع رعاية الوجبات السريعة

إريك فان دير بورغ، نائب عمدة الرعاية الصحية والرياضة الذي أطلق البرنامج، نشأ لمدة ثماني سنوات في حيّ بيجلمر ويقول إنه يفضل العيش في تلك الأحياء. وأشار قائلاً: "لا اريد ان اعيش في منطقة الكل فيها ثري، وكلهم يرتدون الملابس&نفسها ولديهم الكلاب نفسها وتصفيفة الشعر".

وتجدر الملاحظة إلى أنّ فان دير بورغ هو أقرب شخص إلى الجناح الأيمن في أمستردام، وهو ينتمي الى حزب الشعب من اجل الحرية والديمقراطية (VVD) الليبرالي المحافظ، وباقي السياسيين في المدينة يميلون إلى اليسار، لذلك ليس هناك اتهامات بـ"الدولة الحاضنة"، على الرغم من أن البرنامج هو نوع من التدخل الملحوظ. &

وقد اعتمد سياسة صارمة في الإعلان عن الأحداث الرياضية، علماً أنّ المدينة هى الراعي الرئيس لبطولة كرة السلة الاوروبية فى يوليو. وأوضح قائلاً: "لقد قلنا للمنظم، لا يمكن أن تؤدّي "مونستر" [مشروب الطاقة] أو برغر كينغ دور الشراكة في رعاية الحدث". ويتم عقد صفقة عدم الاتفاق نفسها مع الهوكي الأوروبي والبطولات العالمية للتزحلق على الجليد. وهم يتحدثون إلى المطاعم والمرافق الرياضية حول بيع الأغذية الصحية وحظر إعلانات الكولا داخل الملاعب التي تملكها المدينة.

النوم ضروري

جزء مهم آخر من البرنامج هو النوم. ويفسّر فان دير بورغ: "من المهم جدا الحصول على قسط كاف من النوم."

وفي هذا السياق تلفت مديرة البرنامج كارين دن هرتوغ إلى أن قلّة النوم تتسبّ بخلل في هرموناتك. "سوف تصاب بجوع شديد. هرموناتك هي التي تتحدث إليك ". وهم يعملون على تنظيم نقاشات مع الأهل حول أنماط نوم الطفل من خلال قادة المجتمع.

وأثارت دراسة نموذج أمستردام إعجاب الأستاذة كورينا هوكس، مديرة مركز السياسة الغذائية في جامعة سيتي فعلّقت قائلة: "هم لم يقولوا فلنفرض ضريبة على الصودا – بل كانوا يفكرون في كيفية اتصال الناس ببيئتهم. ذهبوا إلى الأهل وفهموا مواقفهم واشتركوا في البرامج التعليمية لتغييرها. علينا ان نفهم لماذا يتخذ الناس قراراتهم ونتكيّف وفقا لذلك".

بعض السياسات التي تستخدمها أمستردام للقضاء على البدانة:

• منع جلب العصير إلى المدارس والاستثمار في المزيد من نوافير المياه في جميع أنحاء المدينة
• دروس الطبخ لتعليم أصناف صحية من الأطباق الإثنية: البيتزا بالبروكلي والكباب مع الدجاج الخالي من الدهون بدلا من لحم الخنزير، والعسل والتمر بدلاً من السكر
• رفض المدينة لرعاية أي حدث مشترك بتمويل من شركة وجبات سريعة&
• تشجيع الأهل علی وضع الأطفال الصغار علی دراجات بدون دواسات بدلا من توصیلھم في العربات
• التركيز على أول 1000 يوم من حياة الطفل، بما في ذلك تقديم المشورة للنساء الحوامل والأمهات
• تشجيع أفراد العائلة على تناول العشاء معاً
• الانتساب إلى مركز الرياضة وتنظيم أنشطة مدعومة للأسر ذات الدخل المنخفض

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير نقلاً عن "ذا غارديان". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:
https://www.theguardian.com/society/2017/apr/14/amsterdam-solution-obesity-crisis-no-fruit-juice-enough-sleep?CMP=oth_b-aplnews_d-2