باريس: أقبل الفرنسيون الأحد على مراكز الاقتراع وسط تدابير أمنية مشددة بعد الاعتداء الأخير في قلب باريس، للإدلاء بأصواتهم في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية حاسمة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، ووسط ترقب شديد لنتائج يصعب التكهن بها.

واعلنت وزارة الداخلية الفرنسية ان نسبة المشاركة في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية الاحد بلغت عند الساعة 17,00 بتوقيت فرنسا (15,00 ت غ) 69,42 بالمئة، مسجلة تراجعا طفيفا مقارنة بالجولة الاولى لعام 2012 (70,59 بالمئة).

لكن هذه النسبة تبقى من افضل نسب المشاركة خلال الاربعين سنة الماضية.

وقال أندريه بويي المتقاعد البالغ من العمر 67 عاما في منطقة كاليه (شمال) "من المهم أن نصوت، لكن ليس لدينا كثير من الخيارات الجيدة، وبالتالي صوتت لصالح الأقل سوءا".

ويبقى مستوى التعبئة بين الناخبين البالغ عددهم 47 مليونا، عنصرا أساسيا في هذه الانتخابات، في وقت كان ربعهم لا يزال مترددا في حسم خياره حتى اللحظة الأخيرة قبل الدورة الأولى.

ومن أصل 11 مرشحا يتواجهون في هذه الدورة، تشتد المنافسة بين أربعة منهم يتصدرون نوايا الأصوات، وفي طليعتهم الوسطي الشاب إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، يتبعهما بفارق طفيف المحافظ فرنسوا فيون وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

خطر اعتداءات&

بعد ثلاثة أيام من الاعتداء على جادة الشانزيليزيه الذي تبناه تنظيم داعش&وأدى إلى مقتل شرطي، تم نشر خمسين ألف شرطي وسبعة آلاف عسكري في جميع أنحاء البلاد لضمان حسن سير عمليات الاقتراع.

ودعا الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند الذي لم يترشح لولاية ثانية الناخبين الى "الاثبات ان الديموقراطية اقوى من كل شيء"، وذلك لدى الادلاء بصوته صباح الاحد في تول، معقله الانتخابي السابق وسط فرنسا.

وتعيش فرنسا التي شهدت منذ مطلع 2015 سلسلة اعتداءات نفذها جهاديون أوقعت 239 قتيلا، تحت تهديد الإرهاب. وهي أول انتخابات رئاسية تجري في ظل حال الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 نوفمبر 2015 في باريس.

وقال الموظف الباريسي سامبا باتيلي البالغ 41 عاما ان "الاعتداءات لن تؤثر على خياري. فهذا كل ما يريده المتشددون".

ومن المقرر أن تقفل مراكز الاقتراع الاخيرة الساعة 18,00 ت غ. وسيتواجه المرشحان اللذان يتصدران نتائج الدورة الأولى مساء الأحد، في الدورة الثانية في 7 مايو.

وأدلى جميع المرشحين بأصواتهم قبل الظهر، فصوت إيمانويل ماكرون في توكيه المنتجع الساحلي في منطقة النورماندي، وبدا مرتاحا فيما وفد برفقة زوجته بريجيت، فيما صوتت مارين لوبن في إينان-بومون، معقلها في شمال فرنسا.

وتراهن لوبن (48 عاما)، رئيسة حزب الجبهة الوطنية، على الموجة الشعبوية التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ودفعت بريطانيا إلى اختيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، للفوز في الانتخابات.

وتصف هذه المحامية نفسها بأنها "وطنية: قبل أي شيء، ترغب في سحب بلادها من اليورو ومن نظام التنقل الحر في فضاء شنغن الأوروبي، وفق برنامج قد يسدد، برأي المراقبين، الضربة القاضية إلى اتحاد أوروبي بات في وضع هش بعد بريكست.

في المقابل، يعرض ماكرون (39 عاما)، أصغر المرشحين سنا، برنامجا ليبراليا سواء في الاقتصاد أو المسائل الاجتماعية، وبنى حملته على خط مؤيد لأوروبا.

وحقق وزير الاقتصاد السابق (2014-2016) الحديث العهد في العمل السياسي، شعبيته على أساس رفض الأحزاب التقليدية والرغبة في التجديد التي عبر عنها الفرنسيون، محددا توجه حركته "إلى الأمام!" بأنه "ليس من اليمين ولا من اليسار".

مفاجآت وتقلبات&

وكانت الحملة الانتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات في المواقف، فشهدت سقوط المرشحين الرئيسيين الذين كانوا يشغلون الساحة السياسية منذ عقد الواحد تلو الآخر، ومن ابرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خرج من السباق منذ الانتخابات التمهيدية لليمين.

واضطر الرئيس المنتهية ولايته الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى التخلي عن الترشح لولاية ثانية في ظل شعبية متدنية أضعفت موقعه، في سابقة في فرنسا منذ أكثر من ستين عاما.

وفشل رئيس وزرائه مانويل فالس في الفوز بالترشيح الاشتراكي، وقد هزم في الانتخابات التمهيدية أمام مرشح أكثر اتجاها إلى اليسار هو بونوا آمون.

وفي مفاجأة أخرى من جانب اليمين، تراجع المحافظ فرنسوا فيون الذي كان الأوفر حظا بعد فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية لحزبه، في استطلاعات الرأي بعد الكشف في نهاية كانون الثاني/يناير عن فضيحة وظائف وهمية في البرلمان استفادت منها زوجته واثنان من أولاده.

وبالرغم من توجيه التهمة إليه في آذار/مارس باختلاس أموال عامة، رفض سحب ترشيحه، مراهنا على خبرته في السياسة وصموده بوجه هذه القضية من أجل الوصول إلى الدورة الثانية.

وشهد الشوط الأخير من السباق مفاجأة أخيرة كانت تقدم مرشح آخر "من خارج الأحزاب" هو جان لوك ميلانشون، الاشتراكي السابق الذي جمع اليسار المتطرف تحت شعار "فرنسا المتمردة"، الذي نجح في تخطي الفارق مع فيون في استطلاعات الرأي.

ومع تقدم هذا الخطيب المفوه المستعد لإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي إن لم يصلح التكتل أنظمته، تعززت الشكوك بشأن نتيجة هذه الانتخابات التي تلقى متابعة حثيثة في الخارج.

وأدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدلوه في النقاشات قائلا إن الاعتداء الاخير في باريس سيكون له "تأثير كبير" على الانتخابات و"سيساعد على الأرجح" لوبن التي لا تخفي إعجابها بترامب.

أما سلفه باراك أوباما، ففضل مهاتفة إيمانويل ماكرون ولو انه امتنع عن تقديم دعمه رسميا للمرشح الطامح لأن يصبح أصغر رئيس فرنسي سنا.

&


&