إيلاف من بيروت: لا يخفى أنّ مارك زوكربيرغ يعلق آفاق فيسبوك على تكنولوجيا الواقع المعزز، التي تقوم بإسقاط الصور الرقمية في العالم الحقيقي، مثل فلاتر الكاميرا في سناب شات.

وفي مؤتمر F8 الذي يعقد هذا الأسبوع، ضاعف زوكربيرغ رهانه على الخطة الرئيسة الطموحة التي وضعتها الشركة للسنوات العشر المقبلة، والتي تم الكشف عنها للمرة الاولى في العام 2016. ووفقاً لهذا الجدول الزمني، يتوقع فيسبوك في العقد المقبل تحويل الذكاء الاصطناعي، والقدرة على الاتصال بالإنترنت أينما كان، والواقع المعزّز والوهمي، إلى أجزاء قابلة للتطبيق في أعمالها.

ولتسريع نهوض تقنية الواقع المعزز، الذي يشكّل جزءاً كبيراً من الخطة، كشف زوكربيرغ عن منصة تأثيرات الكاميرا – وهي في الأساس مجموعة من الأدوات التي يستخدمها مطورون خارجيون لبناء تطبيقات الواقع المعزز، علماً أنّه يمكن الوصول إليها من خلال الكاميرا الموجودة في فيسبوك. وهذا من شأنه أن يفتح نظريًا الباب أمام فيسبوك لاستضافة الظاهرة التالية مثل "بوكيمون غو".

صحيح أنّ هذا الإعلان يبدو غير ضار، ولكن لا تنخدع بالمظاهر- فـ فيسبوك يضع نفسه مجدداً في تنافس مباشر مع غوغل وآبل، في محاولة لإنشاء كون موازٍ آخر من التطبيقات والأدوات التي لا تعتمد على أسواق الهواتف الذكية. وتشير نيويورك تايمز إلى أنّ زوكربيرغ أصيب بخيبة أمل لفترة طويلة، لأن فيسبوك لم يبنِ نظام تشغيل موثوقاً للهواتف الذكية.

وهذه المرة، يعلن فيسبوك أيضًا الحرب على الجميع تقريباً في قطاع التكنولوجيا. وفي حين أن ما يتحدث عنه فيسبوك اليوم سوف يحتاج إلى ما لا يقل عن عقد من الزمن ليتطوّر بشكل كامل، فهو مجرد معلم جديد في المسيرة البطيئة نحو وفاة الهاتف الذكي، وصعود مستقبل أغرب وأكثر جموحاً بعد. 

ما الحاجة إلى شراء تلفاز؟

وخلال مؤتمر F8 يوم الثلاثاء، بينما كان زوكربيرغ يقدّم عرضاً عن رؤية الشركة للواقع المعزز - على شكل نظارات عادية يسهل ارتداؤها - أظهر كيف يمكن الحصول على "شاشة" افتراضية في غرفة المعيشة، أكبر من أكبر شاشة تلفاز لديك.
وقال زوكربيرغ لـ USA Today قبل كلمته الرئيسة في المؤتمر: "نحن لسنا بحاجة إلى تلفزيون مادي، ويمكننا شراء تطبيق "تلفزيون" بقيمة دولار واحد ووضعه على الحائط ومشاهدته. واضاف: " أمر مدهش حقًا حين تفكر كم من الاشياء المادية لدينا مع أنّه ليس من الضروري أن تكون مادية".

هذا منطقي، إذا افترضنا أنّك تحبّ فكرة ارتداء جهاز كمبيوتر على وجهك (وأن تقبل بأن يكون فيسبوك وسيطاً في كل ما تراه وتسمعه). 

ولكن لا يطال الأمر أجهزة التلفاز فحسب، فقد تمتدّ هذه الفلسفة إلى الهواتف والساعات الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية أو أي شيء آخر يحتوي على شاشة أو يعتمد على واحدة للعمل. حتى أنّ زوكربيرغ، مرّر عرضاً عن تركيبٍ لفن الشارع، يكون على شكل جدار فارغ إلى أن تلقي عليه تطبيق كاميرا فيسبوك للكشف عن لوحة جدارية.

وبالنسبة إلى ميكروسوفت، التي سبق أن دخلت بحذر في هذا المجال مع نظارات هولولنس الثلاثية الأبعاد، فهذا أمر مفروغ منه. فرئيس هولولنس أليكس كيبمانريسنتلي قد اعتبر زوال الهاتف الذكي "نتيجة نهائية طبيعية" للواقع المعزز والتقنيات المرتبطة به.

حرب العوالم

المشكلة، بطبيعة الحال، هي أن جزءًا كبيرًا من اقتصاد العالم يتوقف على إنتاج الهواتف، والتلفاز، والأجهزة اللوحية، وجميع تلك الأشياء الأخرى التي يعتقد فيسبوك أنّه يمكن استبدالها بهذه التكنولوجيا.

ولكن، حتى زوكربيرغ يقر بأن الطريق طويل أمامهم. ومع ذلك، فإذا نجحت منصة آثار الكاميرا هذه في جذب مجموعة من المستخدمين، يمكن اعتبارها خطوة ذكية. والتطبيقات التي بنيت لكاميرا فيسبوك اليوم يمكن أن ينتهي بها المطاف كالإصدارات الأولى للتطبيقات التي قد تستخدمها مع تلك النظارات.

على المدى القصير، إنّ عمل فيسبوك على تكنولوجيا الواقع المعزز سوف يبدو مثل نوع من التنافس مع سناب شات – وهو كذلك بشكل مبطّن. والجدير بالذكر أنّ فيسبوك يحتاج إلى حب بين المطور والمستخدم، لذلك ينبغي أن يتابع تقديم المتعة والأدوات المضحكة حتى لا يتوقف الناس عن استخدام تطبيقاته. 

ولكن على المدى الطويل، هذا يضع فيسبوك في مواجهة مع كل الباقين للدخول في عصر نوع جديد من الحوسبة - وإلى حد كبير، فكل شركة التكنولوجيا هناك سوف تقع في مرمى النيران، بينما تقوم آبل وغوغل ومايكروسوفت وغيرها، بالتسرّع في ردودها على هذا التهديد الوجودي للغاية، الذي يعتبر في الوقت نفسه ذات مغزى.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير نقلاً عن "وي فوروم". المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:
https://www.weforum.org/agenda/2017/04/mark-zuckerberg-the-end-of-smartphones-and-tvs-is-coming?utm_content=buffercbe81&utm_medium=social&utm_source=facebook.com&utm_campaign=buffer