إيلاف - متابعة: شن الطيران التركي الثلاثاء غارات جوية على مواقع للقوات الكردية في شمال شرق سوريا، موقعًا عشرين قتيلًا على الأقل، في تصعيد دفع الأكراد إلى مطالبة التحالف الدولي الداعم لهم بالتدخل لوقف اعتداءات أنقرة.

وأعلنت تركيا أيضًا استهداف "مجموعة ارهابية" متحالفة مع حزب العمال الكردستاني في شمال غرب العراق، حيث قتل ستة عناصر من قوات البشمركة الاكراد كانوا موجودين في المكان المستهدف.

وأفادت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان الثلاثاء ان "طائرات حربية تركية قامت بشن هجوم واسع النطاق على مقر القيادة العامة لوحدات حماية الشعب، حيث يتواجد مركز الإعلام والاذاعة ومركز الاتصالات وبعض المؤسسات العسكرية" في محافظة الحسكة. ويقع المقر بالقرب من مدينة المالكية الواقعة في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا.

وشاهد مراسل لفرانس برس في الموقع المستهدف ابنية مدمرة بالكامل وعمال انقاذ يعملون على البحث عن الضحايا تحت الانقاض. ووقف مقاتلون من وحدات حماية الشعب فوق الانقاض يراقبون حجم الدمار الذي طال المكان، حيث تحطمت سيارات بشكل كامل، وانهار الجزء العلوي من احد اعمدة الارسال.

وعملت الجرافات على رفع الانقاض في الموقع الذي علت فيه اعلام الوحدات الصفراء اللون وتتوسطها نجمة خماسية حمراء.وتجمع عشرات الاشخاص، من نساء ورجال، قرب الموقع المستهدف. وهتف هؤلاء "يسقط اردوغان " و"تعيش يي بي جي" (مختصر وحدات حماية الشعب بالانكليزية YPG).

أوقع القصف وفق ما قال المتحدث الرسمي باسم الوحدات ريدور خليل لفرانس برس "عشرين شهيدا و18 جريحا من مقاتلي الوحدات، ثلاثة منهم في حالة حرجة، اضافة الى اصابة مدنيين اثنين بجروح". وكانت حصيلة سابقة للمرصد السوري لحقوق الانسان افادت بمقتل 18 شخصا من الاكراد.

وذه الغارات هي الاولى لتركيا في سوريا منذ إعلانها في مارس انتهاء عملية عسكرية غير مسبوقة شنتها دعما لفصائل معارضة بعنوان عملية "درع الفرات" في شمال البلاد. وأعلن الجيش التركي في بيان ان غاراته هدفت الى "تدمير أوكار الارهاب التي تستهدف بلادنا"، مؤكداً عزمه مواصلة العملية "حتى يتم تحييد آخر إرهابي".

وتسببت الغارات التركية على مواقع في جبال سنجار في شمال غرب العراق، بمقتل ستة عناصر من قوات الامن الكردية، وفق ما ذكر الامين العام لوزارة البشمركة في حكومة اقليم كردستان العراق جبار ياور لفرانس برس. وبحسب ياور، كان القصف يستهدف مقاتلين أيزيديين متحالفين مع حزب العمال الكردستاني، وبالتالي أصاب "عن طريق الخطأ" قوات تابعة لحكومة اقليم كردستان.

"ضمانات" من التحالف
وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا دعماً عسكرياً من التحالف الدولي بقيادة واشنطن بعدما أثبتت فعالية في قتال تنظيم الدولة الاسلامية وتمكنت من طرد الجهاديين من مناطق عدة. وبعد ساعات من القصف التركي، تفقد مسؤول اميركي من التحالف الدولي الموقع المستهدف برفقة قياديين اكراد.

وشدد ريدور خليل على أن التحالف "يتحمل مسؤولية كبيرة وعليه أن يقوم بواجبه في حماية المنطقة كوننا شركاء في محاربة داعش"، معتبرا انه "لا يمكن لتركيا ان تقصفنا والا يصدر موقف من التحالف".

واعتبر قيادي كردي سوري رافضا الكشف عن اسمه لفرانس برس أنه "من غير المعقول ان نحارب على جبهة باهمية الرقة (معقل تنظيم داعش في سوريا) ويقصفنا الطيران التركي في ظهرنا". وأضاف "نحن بحاجة الى ضمانات أكثر من قوات التحالف والى موقف واضح ومعلن (...) في انه بامكاننا اكمال عملية الرقة من دون ان نكون مستهدفين في خطوطنا الخلفية".

وتصنف تركيا الوحدات مع جناحها السياسي حزب الاتحاد الديموقراطي منظمة "ارهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردا ضدها منذ ثمانينات القرن الماضي على الاراضي التركية.

في اسطنبول، قال رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية سنان اولغن لفرانس برس ان الضربات التركية تربط "باعتبارات سياسية محلية بعد انتهاء عملية درع الفرات". وتابع "أظن ان تركيا ستقيّم التداعيات الدبلوماسية لهذه الضربات قبل بلورة خطة عملها" المقبلة.

قتلى في ادلب
يأتي التصعيد التركي في شمال شرق سوريا غداة تمكن قوات سوريا الديموقراطية من دخول مدينة الطبقة في محافظة الرقة (شمال) بعد اسابيع من حصارها.

وبحسب المرصد، تدور معارك عنيفة الثلاثاء في القسمين الجنوبي والغربي من المدينة بعد ليلة تخللتها غارات كثيفة للتحالف الدولي على مواقع الجهاديين الذين يسيطرون على المدينة منذ العام 2014.

وتحظى مدينة الطبقة بأهمية استراتيجية مزدوجة، باعتبار انها تفتح طريق قوات سوريا الديموقراطية الى الرقة، وتضم سداً مائياً هو الاكبر في البلاد.

وتقع الطبقة على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات على بعد نحو خمسين كيلومترا غرب مدينة الرقة. وتندرج السيطرة عليها في إطار حملة "غضب الفرات" التي بدأتها قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف في نوفمبر لطرد الجهاديين من الرقة.

في شمال غرب سوريا، قتل 12 شخصا على الاقل الثلاثاء جراء غارات "يرجح انها روسية" استهدفت قرية الدويلة في ريف ادلب الشمالي الغربي، بحسب المرصد.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن "بعد نقل القتلى والجرحى الى مستشفى ميداني في بلدة كفر تخاريم المجاورة، استهدفت غارات محيط المستشفى، ما ادى الى خروجه عن الخدمة بعد تضرر المبنى والمعدات". &ويسيطر ائتلاف فصائل مقاتلة أبرزها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) منذ صيف العام 2015 على كامل محافظة ادلب التي غالبا ما تتعرّض لغارات جوية سورية وروسية.


قلق أميركي إزاء الضربات

تعقيبا اعلنت وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء ان الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق" ازاء الضربات الجوية التركية التي استهدفت قوات كردية في العراق وسوريا.

وقال المتحدث باسمها مارك تونر "نشعر بقلق عميق ازاء قيام تركيا بشن ضربات جوية في وقت سابق اليوم في شمال سوريا وشمال العراق من دون تنسيق مناسب سواء مع الولايات المتحدة او التحالف الدولي الاوسع لهزيمة داعش". واضاف "لقد عبرنا عن هذا القلق للحكومة التركية مباشرة".

وتركيا حليف للولايات المتحدة وعضو في الحلف الاطلسي، ومن المتوقع ان تحرص واشنطن على عدم التفريط بها كشريك خوفا من فقدان دعم أنقرة في مكافحة الجهاديين. في الوقت نفسه، يعمل مستشارون عسكريون اميركيون مع القوات الكردية ضد الجهاديين، الامر الذي يثير استياء تركيا التي تعتبر هؤلاء الأكراد جماعة "إرهابية". وتابع المتحدث "انها معركة معقدة للغاية، ونحن ندرك ذلك". واضاف "لكن هذا النوع من التحرك يقوّض بصراحة جهود التحالف ضد" الجهاديين.

بدورها، تطرقت وزارة الدفاع الأميركية الى الحادث بحذر. وقال مسؤول عسكري لوكالة فرانس برس "لا نريد قيام بعض شركائنا باطلاق النار على البعض الاخر من شركائنا". واضاف مشترطا عدم ذكر اسمه "علينا التحقق بالضبط ممن اصيبوا، لا نعرف ذلك حتى الآن. نعرف أين وقعت الضربات لكننا لا نعرف من هم القتلى".

&
&