سيطرت القوات الحكومية العراقية على مزيد من أراضي الموصل يوم الثلاثاء، وطردت مسلحي تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية من حي التنك، أحد أكبر أحياء المدينة من ناحية المساحة، ويقع في الشطر الغربي منها.

وأعلن الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، قائد عمليات "قادمون يانينوى"، أن القوات حررت حي التنك بالكامل في الساحل الأيمن من المدينة، وكبدت مقاتلي التنظيم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.

وقال الفريق عبد الغني الأسدي، قائد قوات مكافحة الإرهاب بالجيش العراقي، إن قواته تستخدم خطط الحصار والتسلل لطرد مقاتلي تنظيم الدولة من البلدة القديمة في الموصل.

ونقلت وكالة رويترز عن الأسدي أن قواته تسعى لتقليل الخسائر في صفوف مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في الضاحية القديمة المزدحمة.

وقال مراسل رويترز إنه سمع دوي انفجار سيارتين مفخختين، أثناء حديثه مع الفريق الأسدي في مقره، وإنه شاهد دخانا كثيفا يتصاعد من مكان الانفجار.

وقال الأسدي: "أغلب البيوت في المدينة القديمة عتيقة، وشوارعها وأزقتها ضيقة للغاية. لذلك، وبهدف تقليل الضحايا في صفوف المدنيين، نستخدم أسلوب الحصار. لكن ذلك لا يعني أننا لن ندخل المدينة القديمة".

خطط حذرة

وأضاف الأسدي أن قواته تتجنب الدخول في مواجهات مع مقاتلي تنظيم الدولة، في المواقع التي يحتجز فيها التنظيم مدنيين كدروع بشرية. "ونسنخدم طرقا حذرة للغاية من أجل تحرير شعبنا من داعش".

وتحاصر القوات الحكومية مسلحي التنظيم في الربع الشمالي الغربي من المدينة، بما فيها المدينة القديمة التي يقع فيها مسجد النوري الكبير، الذي ظهر فيه أبو بكر البغدادي حينما أعلن "الخلافة الإسلامية" على أجزاء من أراضي العراق وسوريا.

ويقاوم مسلحو تنظيم الدولة هجوم القوات العراقية باستخدام العبوات الناسفة وهجمات انتحارية بدراجات نارية، وقذائف هاون، وأحيانا قذائف معبأة بغازات سامة.

وفي السياق ذاته، أعلنت قناة العهد العراقية يوم الثلاثاء أن قوات الحشد الشعبي تمكنت من طرد مقاتلي تنظيم الدولة من عدة قرى جنوبي الموصل، وفتحت مخارج آمنة للمدنيين لمغادرة قرى منطقة الحضر.

نازحون من الموصل
Getty Images
تتوقع منظمات إنسانية موجة نزوج جماعي جديدة من الموصل

وتعاني المناطق التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة في مدينة الموصل من نقص في الغذاء والمياه.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو نصف مليون شخص لا يزالون محاصرين في تلك المناطق، من بينهم نحو 400 الف شخص في المدينة القديمة فقط..

موجات نزوح

وقالت ليز غراند، منسقة الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية في العراق، لوكالة رويترز الأسبوع الماضي إن القتال في مدينة الموصل القديمة قد يؤدي إلى "كارثة إنسانية ربما تكون الأسوأ"، خلال ثلاث سنوات من القتال لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من العراق.

وتقدر منظمات إغاثة دولية حصيلة الضحايا من المدنيين والعسكريين بعدة ألاف، وذلك منذ بدء الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تشنها القوات الحكومية العراقية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ونزح أكثر من 330 ألف شخص عن منازلهم من المدينة حتى الآن، وفقا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في تقرير صدر يوم الثلاثاء: "الشركاء الإنسانيون يعدون خططا للطوارئ لمواجهة عدد من احتمالات النزوح المختلفة في غرب الموصل، بما فيه ذلك نزوح جماعي محتمل لنحو 350-400 ألف مدني، أو وضع يشبه الحصار في المدينة القديمة".

وتعد الموصل أكبر مدينة في شمال العراق، وسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في منتصف عام 2014، لكن القوات الحكومية استعادت معظمهما، بما في ذلك النصف الذي يقع شرقي نهر دجلة.

وقال الفريق الأسدي إن المعركة مع تنظيم الدولة "حرب عصابات وليس حربا تقليدية، لذلك لا يمكننا تقدير الوقت الذي ستستغرقه. داعش تقاتلنا من منزل إلى منزل".

وتقدر القوات العراقية عدد مسلحي التنظيم، الذين لا يزالون في الموصل، بنحو 200-300 مسلح، أغلبهم من الأجانب، وذلك مقارنة بنحو ستة آلاف مسلح وقت بدء المعركة قبل أشهر.

وقال الأسدي إن المسلحين "لا يجعلون أنفسهم عرضة للاعتقال. لقد جاؤوا للقتال حتى الموت، وأغلبهم في جحيم الآن".