تشهد مصر حاليًا أزمة سياسية شديدة، بين البرلمان والقضاء، بسبب الموافقة على مشروع قانون يمنح الرئيس عبد الفتاح السيسي الحق في تعيين رؤساء الهيئات القضائية. وهدد القضاة بالتصعيد، وصولًا إلى تدويل الأزمة.

إيلاف من القاهرة: اشتعلت الأزمة السياسية بين مجلس النواب في مصر والقضاء، بسبب مشروع تعديل قانون الهيئات القضائية، بما يمنح الرئيس سلطة تعيين رؤساء الهيئات القضائية المختلفة في مصر، وهي المجلس الأعلى للقضاء، ومجلس الدولة، وهيئة النيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة.

تصعيد

وهدد نادي قضاة مصر بالتصعيد، حتى يتم الرجوع عن مشروع تعديل القانون، وقال النادي وهو بمثابة نقابة القضاة، إنه قرَّر "الدعوة لجمعية عمومية طارئة، يوم الجمعة، 5 مايو 2017، لتدارس القرارات الواجب اتخاذها ضد موافقة مجلس النواب على قانون الهيئات القضائية، الذي وصفوه بالمخالف للدستور، مع طرح استقالة مجلس إدارة النادي احتجاجاً على انتهاك استقلال القضاء".

وعقد مجلس إدارة النادي اجتماعًا طارئًا مساء أمس الأربعاء، وأصدر بياناً شديدًا، تلقت "إيلاف" نسخة منه، دعا فيه "رئيسَ الجمهورية عبد الفتاح السيسي الى عدم التصديق على القانون"، ويعتبر تصديق الرئيس الخطوة النهائية في إقرار القوانين في مصر.

وطالب نادي القضاة "رئيس محكمة النقض بالدعوة إلى عقد جمعية عمومية غير عادية لمحكمة النقض، الاثنين المقبل، الموافق 2 من شهر مايو ، وذلك تنفيذاً لطلب أكثر من 436 عضواً من أعضاء المحكمة"، مشيرًا إلى أن "عدم الدعوة يعطي الحق لأعضاء الجمعية العمومية بعقد الاجتماع في ذات اليوم المحدد، من أجل إعادة تسمية رئيس المحكمة من جديد".

وأعلن النادي أن الجلسة الطارئة اليوم تَقرَّر بها اتخاذ كافة طرق الطعن المقررة ضد القانون الصادر عن مجلس النواب اليوم.

بينما اتخذ مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، قرارًا، في اجتماعه الطارئ أيضًا، الذي عُقد مساء أمس، بـ"عدم الإشراف مستقبلاً على الانتخابات البرلمانية". وطالب "كافة أعضائه بإنهاء الانتدابات الخاصة بالدوائر الحكومية، وخاصة مجلس النواب".

وقال في بيان &له، إن "المجلس بصدد عقد جمعية عمومية طارئة لقضاة مجلس الدولة، مشيرًا إلى أن "كافة الخيارات مفتوحة لمواجهة التغول المتعمَّد على استقلال القضاء بمصر".

ولفت إلى أن "الإجراءات التصعيدية التي من الممكن اتخاذها، تبدأ بالاعتراض على القانون، أو تدويل القضية، ووصولاً لتعليق العمل داخل المحاكم".

وقال المستشار سمير البهي، رئيس نادي قضاة مجلس الدولة، إن "قضية تيران وصنافير تلقي بظلالها على مشروع قانون السلطة القضائية".

وأضاف في تصريح له، أن الهدف من تمرير البرلمان تعديلات طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، هو استبعاد المستشار يحيى الدكروي، من رئاسة مجلس الدولة في 1 يوليو المقبل.

وكان المستشار يحيى الدكروري، رئيس المحكمة الإدارية العليا، أصدر حكمًا ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، في شهر يونيو من العام الماضي، والتأكيد على أن الجزيرتين مصريتين.

ووصف البهي موافقة مجلس النواب على تعديلات القانون بأنها "نقطة سوداء في جبين البرلمان المصري".

وعن خطوات التصعيد، قال: "أتمنى ألا نلجأ لتدويل القضية، هناك بعض الأصوات تنادي بذلك، وإن شاء الله لن نفعل لذلك".

لا مبرر&

ومن جانبها، دافعت النائبة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان عن تعديل القانون، وقالت إن ما أتخذه المشرع نحو التعديلات على قانون السلطة القضائية من حيث تعيين رئيس الجهات والهيئات القضائية يتفق مع صحيح الدستور، مشيرة إلى أن "المشرع لم يمس من بعيد أو قريب عند إعداد مشروع هذا القانون لمهام أو اختصاصات أو السلطات القضائية وإنما ما تعرض له هو عمليه تنظيمية إدارية بحتة".

وأضافت في تصريح لـ"إيلاف" أن "موافقة البرلمان على قانون الهيئات القضائية يأتي متماشيًا مع نص المادة 185 من الدستور التي أوجبت الرجوع إلى تلك الجهات واستطلاع رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها وهذا ما حدث بالضبط"، لافتة إلى أن البرلمان رجع الى هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة والمجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة مرتين، المرة الأولى عند إعداد مشروع القانون والمرة الأخرى عند تعديل نص المادة المطروحة الخاصة بتلك الجهات والهيئات".

وذكرت أن "رفض تلك الجهات والهيئات القضائية مشروع تعديل قانون الهيئات القضائية ليس له أي مبرر، خاصة وأن المشرع غير ملزم بما انتهت إليه الجهات والهيئات القضائية من رأى في قانون السلطة القضائية، وكان يجب على تلك الجهات والهيئات أن تطرح البدائل والحلول التي تراها مناسبة".

ووافق مجلس النواب أمس الأربعاء، بصفة نهائية على مشروع قانون تعديل قانون السلطة القضائية. ويمنح التعديل الجديد، رئيس الجمهورية الحق في تعيين رؤساء الهيئات القضائية.

وجرى تعديل قانون هيئة النيابة الإدارية، لينص على "يعين رئيس هيئة النيابة الإدارية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة نواب رئيس الهيئة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أٌقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله"، ويعطي القانون مهلة لتسميه المرشحين، وإلا سيكون لرئيس الجمهورية تعيين رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة نواب رئيس الهيئة. وتسرى التعديلات نفسها على رؤساء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة.

ويمنح قانون رئيس الجمهورية أيضًا الحق في تعيين رئيس محكمة النقض وهو الذي يشغل بالتبعية منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ونص القانون على: "يعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من نوابه يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أٌقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس المحكمة بستين يوما على الأٌقل، وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور في الفقرة السابق، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة أو ترشح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة في الفقرة الثانية، يعين رئيس الجمهورية رئيس المحكمة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة".