«إيلاف» من لندن: هي ليست فكاهة ولا ضربًا من الخيال. إنها اضطراب نفسي يعرف بـ «متلازمة باريس»، ويصيب اليابانيين خصوصاً، وتتعامل معه السفارة اليابانية في العاصمة الفرنسية بجدية مطلقة.

وقد تبدو "متلازمة باريس" مرضًا يصيب طالبًا جامعيًا جديدًا قرأ الكثير من الكتب العاطفية.

وفي حين أن التسمية توحي بالشباب والمثالية، فإنها يمكن أن تصبح اضطرابًا خطيرًا طال في موسم 2011 السياحي عشرين سائحًا زاروا مدينة النور، بحسب مجلة "ذي اتلانتيك".

وتُستخدم باريس خلفية لأفلام رومانسية أو في الاعلان عن عطور فاخرة، وتُصور جسورها فوق أنهر متلألئة في ساعة الغروب، ويختارها كثير من المتزوجين حديثًا لقضاء شهر عسل لا يُنسى. وتحدث "متلازمة باريس" تحديدًا بسبب وجود مسافة بين الواقع والتوقعات.

السياح اليابانيون هم أولى ضحايا "متلازمة باريس"، التي تصيب في المتوسط نحو 12 زائرًا في السنة. وأصبح هذا المرض مشكلة حتى أن السفارة اليابانية في باريس نفسها فتحت خطًا ساخنًا لمساعدة مواطنيها الذين يعانون "متلازمة باريس". وهو خط متوفر 24 ساعة في اليوم لمساعدة من خيبت المدينة آمالهم في التغلب على صدمتهم الثقافية أو حتى طلب العلاج لمن يحتاجه.

اختلاف الثقافات

تتحمل صناعة السينما قسطًا من المسؤولية عن "متلازمة باريس"، لكنّ هناك سببًا آخر يؤثر في اليابان أكثر من أي بلد آخر. فالثقافة اليابانية معروفة بأدبها الشديد، وإذا كان الزبون دائمًا على حق في الولايات المتحدة فإنه "ملك" في اليابان. وحين يزور سائح ياباني باريس يواجَه بثقافة من الجائز أن يصرخ فيها النادل على الزبون لأنه لا يتكلم الفرنسية. وهذا يمكن أن يقلب مزاج السائح رأسًا على عقب. وفجأة لا تكون المدينة الرومانسية المتألقة قذرة وخطيرة فحسب، بل مدينة لا يُحترم فيها السائح الياباني بآداب السلوك نفسها التي يلاقيها في بلده، ولا سيما أن الإتيكيت مهم في اليابان كخلع الحذاء على عتبة الدار.

لا يعني هذا أن الفرنسيين غير مهذبين، بل إن المدينة مدينة حقيقية مأهولة بسكان حقيقيين، لديهم مشكلات فردية حقيقية لا يريدون تعطيل يومهم من أجل سائح. وهي ليست تلك المدينة الزاخرة بعارضات الأزياء كما تصورها الكثير من الأفلام والاعلانات. ويتوقع الفرنسيون من الزائر أن يعرف شيئًا من لغتهم قبل زيارة بلدهم. ومن المفهوم أن ينزعج الفرنسيون حين ينتظر منهم الزائر أن يكونوا كاملي الأوصاف بلا سابق انذار.

وهم التوقعات

يمكن أن تسبب مواجهة هذا الواقع مشكلات متواصلة، بعضها يُحل بليلة من النوم الهانئ يريح الجسم والعقل. لكن، من أعراض "متلازمة باريس" الأكبر الشعور بالاضطهاد والرهاب والهلوسة والإصابة بتشنجات. وربما يتطلب العلاج دخول المستشفى كما تُعالج أي متلازمة أخرى، وبالطبع ربما يتطلب عدم زيارة فرنسا مرة أخرى.

ما العمل إزاء هذا المرض؟ هناك الأمل غير الواقعي بأن تغيّر باريس طريقتها في تسويق نفسها، وأن تبدأ الافلام بتصوير المدينة على نحو مغاير يسلط الضوء على ما يحدث أحيانًا من اعتداءات على الزوار أو يبين أن معاملة النادل للزائر الأجنبي تعتمد على حسن معاملة الأجنبي للنادل. لكن هذا التغيّر مستبعد والخيار الوحيد المتبقي هو بقاء الزائر متيقظًا أو بالطبع الاستغناء عن زيارة باريس أصلًا.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بيغ ثنك".