باريس: قبل أسبوع من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية، كثفت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان الأحد هجماتها العنيفة على منافسها المرشح الوسطي ايمانويل ماكرون، في محاولة لكسب بعض النقاط على امل الانتصار عليه الاحد المقبل.

وبعد زيارة مفاجئة هذا الاسبوع إلى موظفي مصنع مهدد بالإغلاق، فيما كان خصمها يقابل نقاباتهم، وضعت لوبان إكليلاً من الزهور في مرسيليا (جنوب) على نصب لليهود المرحلين في فترة الحرب العالمية الثانية، من دون إبلاغ الصحافة، قبيل تكريم مماثل مقرر لماكرون.

وأكدت لوبان على قناة "بي اف ام تي في" "انا لا أتاجر بمناسبات إحياء الذكرى. هذه ليست فعاليات إنتخابية"، فيما نددت قريبتها النائبة ماريون ماريشال لوبان "بانتهازية" ماكرون.

في باريس زار المرشح الوسطي نصبي ذكرى المحرقة النازية وضحايا&ترحيل اليهود، قبل إلقاء كلمة مقررة بمناسبة اليوم الوطني لذكرى ضحايا ترحيل اليهود.

وأجرت لوبان زيارة غير مقررة الى غاردان (جنوب) محورها البيئة، حيث دافعت عن رؤيتها لـ"حركة بيئية حقيقية"، في سياق حملة سريعة الوقع تتناقض مع وتيرة خصمها الأكثر روية، من أجل تكذيب استطلاعات الرأي التي تتوقع لها الهزيمة في 7 مايو.

أما المرشح الوسطي الشاب (39 عامًا) المؤيد لأوروبا فهو عازم على خوض ميدان "القيم"، التي&يسعى إلى تجسيدها في مواجهة حزب لوبان، الجبهة الوطنية، المناهض للهجرة ولأوروبا.&

وزار ماكرون هذا الأسبوع قرية، ارتكب فيها النازيون مجزرة خلال الحرب العالمية الثانية، "كي لا ننسى أبدًا (...) أسوأ الصفحات الحالكة من تاريخ فرنسا"، بحسب أقواله.

وتمت استعادة مراحل مظلمة من الحرب العالمية الثانية في الحملة، حيث دار أكثر من جدل حول الجبهة الوطنية، حزب لوبان. وأقيل رئيس الحزب بالوكالة هذا الاسبوع بعد اتهامه بتصريحات قديمة له تنكر المحرقة، نفى صحتها.

أما لوبان فأثارت الاستهجان عندما أعلنت أن فرنسا ليست "مسؤولة" عن حملة اعتقال واسعة النطاق تعرض لها اليهود في باريس في 1942.

إضاعة البوصلة&

مع اقتراب الدورة الثانية، تقلص الفارق قليلاً بين المرشحين، حيث يحظى ماكرون بـ59% من نوايا الأصوات مقابل 41% لمنافسته. غير أن التحالف غير المسبوق الذي أقامته رئيسة حزب الجبهة الوطنية السبت مع نيكولا دوبون إينيان رئيس حزب "إنهضي يا فرنسا" السيادي الصغير، قد يعزز موقعها.

وأعلنت لوبان أنها ستعين دوبون إينيان الذي حصل على 4,7% من الأصوات في الدورة الأولى، رئيسًا للوزراء في حال فوزها في الانتخابات.

واعتبر داعم ماكرون، الوسطي فرنسوا بايرو، تحالف لوبان ودوبون اينيان، "مؤشرًا خطيرًا جدًا" بشأن بلد "أضاع البوصلة".

ونفت المرشحة الأحد وجود أي "تناقض" في موقفها من اليورو، بعدما أكدت السبت في مشروع اتفاقها مع دوبون إينيان أن الخروج من منظومة اليورو، الذي شكل احد ابرز خططها في السنوات الاخيرة، "ليس شرطًا مسبقًا لأي سياسة اقتصادية".

وأوضحت في مقابلة مع صحيفة لوباريزيان أن البلد ستكون لديه "عملة وطنية" للاستخدام اليومي، فيما يبقى اليورو ساريًا للتبادلات الدولية. وأبقت المرشحة الغموض بشأن مهلة هذا الانتقال النقدي، فيما تسعى الى الطمأنة في إجراء يثير انقسام الرأي العام.

في المقابل، ترد دعوات متزايدة من كل الجهات الفرنسية لحض الناخبين على التصويت لماكرون من أجل "حماية قيم الجمهورية".

ورأى دانيال كوردييه السكرتير السابق لجان مولان، أحد أبرز وجوه المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي، في مقابلة أجرتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أن انتخاب مارين لوبان سيكون أمرًا "فظيعًا".

وقال كوردييه (96 عامًا) إن "لوبان في الحياة السياسية الفرنسية تمثل إنكارًا لكل ما قاتلنا من أجله".

وتوجهت حوالى ستين جمعية ومنظمة غير حكومية إلى الفرنسيين، الذين يعتزمون الامتناع عن التصويت، وخصوصًا أنصار المحافظ فرنسوا فيون وممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، فدعتهم إلى التعبئة "في وجه كل الذين يدعون إلى رفض الآخر والانطواء على النفس".

اما البابا فرنسيس فرفض توجيه أي نصيحة انتخابية، ووصف لوبان السبت بانها ممثلة "اليمين القوي"، مضيفًا انه لا يدري "من اين يأتي" ماكرون.