«إيلاف» من بيروت: يحتفل لبنان والعالم اليوم بعيد العمال، في حين تبدو الأزمة الإقتصادية خانقة في لبنان، والعمال يئنون من مضاربة اليد العاملة خصوصًا السورية التي أوجدت حالاً من البطالة لدى العمال اللبنانيين.

وهنأ رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري العمال بعيدهم، مشيرًا إلى أننا "نعلم أن العمال في لبنان، الذين يشكلون الركيزة الأساس في دورة الإنتاج العامة، ليسوا في أحوال ملائمة هذه الأيام، إن كان لجهة معاناتهم بفعل زيادة المضاربات في سوق العمل جراء تدفق العمالة السورية فوق معدلاتها المعهودة بسبب الأزمة السورية، أو لجهة تراجع الدورة الاقتصادية في السنوات الماضية بفعل التجاذبات السياسيّة والفراغ الرئاسي"، كاشفًا أن "حكومتنا وعلى الرغم من عمرها المحدود وتركيزها على مسألة التحضير لمشروع قانون الإنتخابات وإجراء الإنتخابات، لم تألُ جهدًا للإهتمام بمشاكل العمال والتخفيف قدر الإمكان من معاناتهم، وقد بدأت بالفعل اتخاذ جملة إجراءات للحد من المضاربة على اليد العاملة اللبنانية من جهة، وكذلك المباشرة بإعادة تحريك الدورة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات لزيادة فرص العمل من جهة ثانية، ووضع مطلب سلسلة الرتب والرواتب في سلم الأولويات".

وأعرب الحريري عن أمله في أن تشهد الأشهر المقبلة حلولاً للمشاكل والصعوبات التي يعاني منها العمال في حياتهم، وأن تستطيع الحكومة إيلاء المطالب العمالية الاهتمام المطلوب، والعمل ما في وسعها لتوفير المزيد من فرص العمل وتحسين مستوى التقديمات الصحية والاجتماعية، مؤكدًا "أننا سنبذل ما في وسعنا لتحسين مستوى سوق العمل في لبنان لصالحهم، وتوفير الظروف المؤاتية لهم للعيش بكرامة في وطنهم."

في اليوم العالمي للعمال، ما هي أهم مطالب عمال لبنان؟

المضاربة السورية

موريس بلعة يأمل أن تخف المضاربة السورية للعمال في مجمل القطاعات، لأن العامل السوري دخل بقوة إلى كافة المجالات، حيث نراه في المطاعم، ونراه يبيع الخضار والفواكه، وعلى محطات الوقود، وحتى في كل القطاعات التي كانت فقط حكرًا على العامل اللبناني.

ويأمل بلعة أن يتوصل السياسيون إلى قانون انتخابي، مما يشجع أكثر على الاستثمار في لبنان، وتعود الحركة الإقتصادية لتنشط من جديد في مختلف القطاعات العمالية.

&كميل أبو مرعي يطالب بالمزيد من تحسين مستوى المعاشات في لبنان، وبسعي الفرقاء السياسيين على تهدئة الجو لتوفير فرص عمل أكبر في لبنان، حيث لا يضطر العامل اللبناني أن يهاجر من وطنه ويتوجه إلى الخارج من أجل تأمين رزقه وطعامه.

فريال زيادة ترى أن العامل في لبنان يعيش في أحيان كثيرة في وضع لا يحسد عليه، حيث يضطر أن يعمل في أيام العطل الرسمية، والمناسبات الدينية، من أجل توفير أقساط جامعات أولاده، وتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة في لبنان، ولا تنكر زيادة هجمة العمال السوريين على مختلف القطاعات العمالية في لبنان، وترى بضرورة تنظيم الأمر لجهة السماح للعمال اللبنانيين أن ينالوا حقوقهم في هذا المجال.

تاريخ العمال

أما لماذا يتم الاحتفال بـ 1 مايو كعيد للعمال؟ لأنه تاريخيًا، بنيت الحضارة الإنسانية على يد العمال، الذين بذلوا جهودهم الجسدية والفكرية لإعلاء مداميك تلك الحضارة.

ولكن رغم أهمية الدور&الذي يلعبونه، تعرّض العمال لشتّى أنواع القهر والتعذيب والعمل في الظروف القاسية وغير الملائمة، وليس أدلّ على ذلك من نظرة سريعة إلى التاريخ الذي يخبرنا عمّا تعرّض له العمال في أغلب الحضارات القديمة، فكانوا يستعبدون ويستغلون في أعمال قاسية شاقّة دون تأمين مستلزمات راحتهم الحياتيّة، فكانوا يُجبرون على العمل في المناجم وتعبيد الطرق وبناء القصور والأسوار وغيرها.

وقد تنبّه عددٌ من المتابعين في عصر النهضة الصناعية في أوروبا، لما يتعرض له العمال، فرفعوا لواء الدفاع عنهم، وطالبوا بتحسين ظروف العمل، وتأمين متطلبات عيش كريم لهؤلاء العمال، وتمخّض عن تلك التحرّكات والمطالب ظهور عدد من الجمعيات والهيئات والنقابات العمالية.

ففي عام 1869 تأسست في أميركا منظمة "فرسان العمل"، كتنظيم نقابي يسعى إلى تحسين الأمور وتخفيض ساعات العمل، ومع تطوّر الحركة النقابية نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة للعمال عام 1886، وتبنّت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من مايو من ذلك العام يومًا للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثمانٍ في جميع المهن والصناعات، وقد حصلت صدامات بين العمال والشرطة أدّت إلى سقوط عدد من القتلى، وألقي القبض على عدد من قيادات ذلك التحرّك وحوكموا، وأعدم أربعة منهم.

ومنذ ذلك اليوم اتّسع الاهتمام باليوم الأول من مايو، الذي صار ذكرى تستعاد كل عام، وما لبثت أن اُعتبرت يومًا عالميًا للعمال، يُحتفل به في كل أنحاء العالم بهدف لفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم، والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم.