«إيلاف» من القاهرة: يحتفل العمال في مصر والعالم اليوم بعيدهم وسط أجواء تتسم بالضيق، لاسيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وثبات الرواتب، وكشف تقرير صادر عن منظمة مدنية أن العمال خرجوا في 744 احتجاجاً عمالياً منذ مايو 2016 وحتى أبريل الحالي، بسبب ضعف الرواتب وتدني الأحوال المعيشية وإغلاق المصانع، وتدمير بعض الصناعات.

ومنذ بدء مصر في برنامج الإصلاح الاقتصادي، و"تعويم الجنيه" في 3 نوفمبر الماضي، والشعب المصري كله، يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة، ويعتبر قطاع العمال الأكثر تضررًا، لاسيما في ظل إغلاق آلاف المصانع، وتدني الرواتب وسوء بيئة العمل.

وفي مناسبة عيد العمال، أطلق مركز مؤشر الديمقراطية تقريرًا رصد فيه الاحتجاجات العمالية على مدار سنة منذ مايو 2016 وحتى مايو الجاري، وانتهى التقرير إلى أن مصر شهدت 744 احتجاجًا عماليًا منذ مايو 2016 وحتى أبريل الحالى، وشهدت القبض على ومحاكمة 186 عاملاً ، وفصل وإيقاف 2691 بسبب الاحتجاج.

وحسب التقرير، فإن الاحتجاجات العمالية عمت كافة المحافظات الـ 27 المصرية، وتصدرت القاهرة عواصم الاحتجاج العمالي، بعدما شهدت 151 احتجاجًا ، تلتها كفر الشيخ في المرتبة الثانية بـ 68 احتجاجًا عماليًا، فيما جاءت محافظة الشرقية كثالث المحافظات المحتجة،&بعدما شهدت 65 احتجاجًا عماليًا، تلتها الغربية بـ 54 احتجاجًا، ثم الإسكندرية بـ 36 احتجاجاً، والدقلهية بـ 33 احتجاجًا، تلاهم المنوفية بـ 32 احتجاجًا والقليوبية بـ 25 احتجاجًا، وشهدت محافظة الجيزة 12 حتجاجًا عماليًا خلال فترة التقرير.

وأضاف أنه ساهمت القوى العاملة بمحافظات الوجه القبلي بقوة في الحراك الاحتجاجي خلال فترة التقرير؛ حيث شهدت محافظة أسوان 25 احتجاجًا عماليًا تلتها محافظتا&المنيا وقنا التي شهدت كل منهما&24 احتجاجًا، فيما شهدت محافظة الأقصر 18 احتجاجًا عماليًا تلتها محافظتا&أسيوط والوادي الجديد بـ 15 احتجاجاً عماليًا لكل منهما، فيما شهدت محافظة سوهاج 12 احتجاجاً تلتها الفيوم بـ11 احتجاجاً عمالياً.

ومثلت محافظات سيناء أقل المحافظات الاحتجاجية نظرًا لما تشهده من أوضاع صعبة يعيشها كافة مواطنيها، حيث شهدت محافظة شمال سيناء احتجاجين، وتساوت معها محافظة جنوب سيناء باحتجاجين عماليين.

رسم خارطة الاحتجاج العمالي

ولفت التقرير إلى أن العمال والموظفين&والمهنيين&وأصحاب الأعمال الحرة شاركوا في رسم خارطة الاحتجاج العمالي خلال فترة التقرير، تصدرهم العاملون بالمصانع والشركات والفنادق الذين نفذوا 150 احتجاجًا بنسبة 20% من الحراك الاحتجاجي العمالي، بينما تصدر العاملون في قطاع الصحة من أطباء وممرضين وفنيين المركز الثاني بالفئات المحتجة لتحسين أوضاع العمل والحصول على حقوقهم العمالية، بعدما نظموا 118 احتجاجًا بنسبة 16% من الاحتجاجات العمالية، وجاء القطاع التعليمي كثالث أكبر القطاعات المحتجة بعدما شهد 100 احتجاج بنسبة 13% نفذها&أعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمعلمون والإداريون بالمدارس ووزارة التربية والتعليم،& ونظم أصحاب الأعمال الحرة والحرفية 84 احتجاجًا نفذ معظمها&أصحاب المخابز والصيادون وبقالو التموين وأصحاب الورش والمحال التجارية، فيما نفذ العاملون بالقطاع القانوني 71 احتجاجاً تصدرهم المحامون الذين قاموا بـ 65 احتجاجاً مثلت حجم التحديات التي يواجهها أعضاء النقابة في مزاولة مهام أعمالهم .

وأشارت التقرير إلى أن الموظفين والعاملين بالجهاز الإداري، كان لهم إسهام&في الحراك الاحتجاجي العمالي بعدما نفذوا 70 احتجاجًا من أجل مطالب العمل ، لكن المؤشر الأخطر على حرية ممارسة العمل الصحفي والإعلامي في مصر قد عكسته 42 احتجاجًا للصحافيين والعاملين بالحقل الإعلامي تنديدًا بسوء أوضاعهم وضد انتهاكات تعرضوا لها أثناء ممارسة مهام عملهم.

وحول أسباب أو دوافع الاحتجاجات، قال التقرير إن 33% من الاحتجاجات العمالية مثلتهم 244 احتجاجًا، طالبوا بالمستحقات المالية من رواتب وبدلات ومكافآت متأخرة ومطالبات تتعلق برفع الأجور والأرباح لتتناسب مع موجة الغلاء الفاحش، التي نواجهها خلال الفترة الحالية.

وانتقد التقرير صرف الحكومة مبلغ 450 مليون جنيه مصري إعانات للعمال المتضررين من وقف مصانعهم، مشيرًا إلى أنها كانت من الممكن أن توجه لاستثمارات أو إحياء صناعات قائمة بالفعل، &ليستفاد منها أكبر عدد ممكن من العمال، الذين تم تسريحهم أو اغلاق مصانعهم.&

وحسب التقرير، فإن الفصل التعسفي ومنع العمال من مزاولة مهامهم والنقل التعسفي مثلوا أسبابًا لخروج القوى العاملة في 93 احتجاجًا، بنسبة& 13% من جملة المطالب الاحتجاجية، بعدما انتهجت مؤسسات الدولة ومؤسسات العمل سياسة الفصل والنقل والمنع عن العمل التي طالت حوالي 2700 عامل على أقل تقدير.

ثلاث صناعات تتعرض للتدمير

ورصد التقرير ثلاث صناعات كاملة تعرضت أو تتعرض للتدمير إما لأسباب تتعلق بالفساد أو الإهمال، وهي:

الأولى: صناعة الغزل والنسيج في مصر التي تتعرض للتدمير بشكل عبثي، حيث توقفت 50% من مصانعها عن الإنتاج بشكل تام، فيما تعاني المصانع الأخرى من خطر التوقف بسبب سياسات الدولة والمستثمرين وإدارتها، التي مثلت إخفاقات متكررة، وفي&خلال فترة التقرير فقط رصد المؤشر إغلاق عشرات مصانع النسيج بالمحلة، بعدما فشلوا في رفع أسعار الغزل بعد الزيادة الجنونية بالأسعار، وكشف المهندس أحمد أبو عمو، رئيس الرابطة، عن غلق 480 مصنعًا من بين 1200 مصنع من أكبر مصانع الغزل والنسيج المسجلة بالمحلة، بخلاف المصانع الصغيرة العشوائية التي تستوعب الآلاف من العمال، بسبب تعثر أصحابها وتراكم الديون عليهم، في حين توقفت شركة مصر إيران وتم منح إجازة مفتوحة لـ 1200 عامل&بالشركة وانقطعت رواتبهم، في حين&قدم&عمال شركة النيل لحليج الأقطان مذكرة للنائب العام للمطالبة بتنفيذ حكم عودة الشركة للدولة الصادر عام 2011، والذي لم ينفذ حتى الآن، وفي شركة طنطا للكتان تمت تسوية معاش 243 عاملاً.

فيما كشف عمال مصنع الغزل والنسج بدمياط عن&العديد من المخالفات المالية الجسيمة جراء تحقيقهم في الحرائق المتكررة، والتي برروا تعمدها لإخفاء الفساد المالي،& بمعارض البيع لشركة دمياتكس والخاصة بشركة دمياط للغزل والنسيج وتحديد المسؤول عن هذه المخالفات. كما منع المسؤولون بشركة مصر تركيا للغزل والنسيج الكائنة بالمنطقة الصناعية الثالثة بمدينة العاشر من رمضان 1400 عامل&من الدخول ومزاولة أعمالهم دون مبرر . كل تلك الحالات تكشف الإهمال والفساد وسوء التخطيط التي تواجه بها الصناعات الوطنية عامة وصناعة النسيج بشكل خاص.

الثاني: إغلاق شركة "سولفاي" للصناعة الكيماويات بالإسكندرية، والتي تعتبر الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط في إنتاج "كربونات الصوديوم"، والذي يدخل فيما يقرب من 50 صناعة أخرى، والتي تمت خصخصتها وبيعها& لشركة "سولفاي" البلجيكية في عام 2008، وكانت تسمى قبل عملية التخصيص بشركة النصر لصناعة الكيماويات منذ إنشائها عام 1974، وتعتبر من أكبر المصانع في إنتاج "كربونات الصوديوم"، في العالم، والوحيدة في الشرق الأوسط، وتنتج ثلث احتياجات مصر من كربونات الصوديوم ، ويعمل بها 450 عاملاً، لكن الخصخصة وسوء الإدارة قد حرما الدولة ليس فقط من امتياز إنتاج هذا المنتج، ولكن أيضا من& الاستثمار به لسد كافة احتياجات السوق وعمل على تشريد عمال الشركة والمساهمة في المزيد من أعباء الاستيراد ومن القوى العاملة المشردة.

الثالث: ذكر تقرير للجهاز المركزي&للمحاسبات بشأن أداء شركة «النقل المباشر»، إحدى شركات نقل القمح والسلع التموينية، أن الشركة مشكوك في استمراريتها، بعد أن تخطت خسارة رأس المال المصدر والمدفوع نسبة 603%، وأوصى بدراسة تصفيتها وفقاً لقانون الشركات المساهمة. وقال التقرير، إن الشركة البالغ رأس مالها المصدر والمدفوع 22.123 مليون جنيه، بلغت جملة خسارتها المرحلة 107.306 ملايين&جنيه، وبلغ رأس المال العامل في 30 يونيو الماضي 31.608 مليون جنيه بالسالب& ليتم اغلاق شركة وطنية أخرى.

كما كشف التقرير عن تدمير صناعة الزيوت والصابون، وقال إنه تم بيع مصنعي غمرة والعياط التابعين لشركة القاهرة للزيوت والصابون وتهديد عمالهما بالتشريد كان أحد نتائج خصخصة الصناعات الوطنية، هذا المصنع الذي افتتح في العام 1963 والذي طرح للبيع والخصخصة في 2001 في صفقات يشوبها العديد من التساؤلات، بعدما باعت الدولة حصتها التي تبلغ 49% وباع العمال حصتهم بالإكراه على حد قولهم والتي بلغت 10% لأحد أعضاء الحزب الوطني السابقين، ويمثل بيع المصنعين إحدى محاولات تصفية الشركة بشكل عام، وأحد إفرازات سياسة الخصخصة القبيحة، التي مثلت تدميرًا& للصناعة الوطنية وتشريداً لعمال مصر.