الرباط: تمكن عدنان رمال، أستاذ علم الأحياء بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، من تطوير طريقة جديدة لتقوية المضادات الحيوية، عبر استعمال زيوت طبيعية، دون تسببها في آثار جانبية أو المساهمة في تراكم المقاومة للمضادات.

وأكد رمال في تصريح لـ"إيلاف المغرب" أنه قبل اكتشاف "البنسلين"، كانت هناك نسبة وفيات كبيرة بسبب التعفنات التي تحدث لدى المرضى بعد إجرائهم للعمليات الجراحية، ومع ظهور "البنسلين"، وهو أول مضاد حيوي بالنسبة للطب البشري، لم تعد المشكلة قائمة، كما أن التعفنات لم تعد تشكل خطرا على حياة الأفراد، طريقة قتلها للميكروبات نوعية، ويكفي حدوث تحول بسيط لكي يفقد المضاد الحيوي فعاليته".

دواعي الاكتشاف

يقول أستاذ علم الأحياء المغربي إن 60 سنة الأخيرة شهدت استعمالا عشوائيا للمضادات الحيوية حول العالم والدول المتخلفة بشكل خاص، لكونها أصبحت تقتل الميكروبات الحساسة وتبقي المقاومة التي تأخذ معظم الحيز الموجود، وبالتالي لا ينفع تناول الدواء من طرف المريض أو حتى بعد إجرائه لعملية جراحية معينة.

ويضيف رمال "من هنا راودتني فكرة اشتغالي على هذا البحث العلمي، خاصة حينما قام أطباء مغاربة بالتواصل معي بشأن المضادات الحيوية، حيث قمت بداية بالعمل رفقة أساتذة آخرين، منهم عبد الغفور الطنطاوي العراقي، والذي سبق له أن اشتغل على الزيوت العطرية، و التي اتضح أن لها مفعولا ضد الطفيليات".

وزاد قائلا "بدأنا نبحث عن إمكانية توظيف مواد على محاربة الميكروبات، كنا نأخذها ونضيف عليها مكونات مستخلصة من الزيوت الطبيعية، حيث يقع تفاعل يعطينا جزيئة جديدة تقتل البكتيريا دون أن تكون هذه الأخيرة مقاومة".

سنوات من البحث

حول المدة الزمنية التي استغرقها إنجاز هذا الابتكار العلمي، يقول رمال"اشتغلنا منذ سنة 1988 أي لحوالي 29 سنة، وحصلنا على النتائج في نهاية التسعينات، لنبقيها سرية بغية إيجاد من يمولنا لوضع براءة الاختراع، إلى أن ساهم أحد المهاجرين المغاربة بسنغافورة، ويدعى محمد رضا الشامي، لتتاح لنا سنة 2005 وضع هذه البراءة، واستطعنا في نهاية 2015 إجراء أول اختباراته السريرية على مرضى التهابات المسالك البولية بمساعدة مختبرات "سوطيما" المغربية، التي وافقت على استثمار تحويل العنصر النشط الذي اكتشفناه إلى إنتاج أول دواء 100% مغربي".

اعتراف دولي 

تم ترشيح البروفيسور رمال، على جائزة "المبتكر الأوروبي" لسنة 2017، التي ستحتضنها مدينة البندقية الإيطالية يوم 15 يونيو 2017، والتي يشرف عليها المكتب الأوروبي للبراءات، وذلك عن تطويره طريقة جديدة لتحسين مفعول المضادات الحيوية.

ويقول رمال: "هذا اعتراف دولي من هيئة كبرى تابعة للأمم المتحدة، وهو كذلك شرف للمغرب والبحث العلمي المغربي، خاصة أن هذا البحث صنف ضمن 3 أبحاث مهمة في الميدان".

كما حصل أستاذ علم الأحياء المغربي على الجائزة الأولى للابتكار الإفريقية لعام 2015 عن اختراعه لمكملة طبيعية للثروة الحيوانية، التي يتم إنتاجها أيضاً من الزيوت الأساسية (تحل أيضاً محل المضادات الحيوية و يعتبر استعمالها في علف الحيوانات مضرا بالصحة)، والتي تميزت بمشاركة 925 متنافساً يمثلون أفارقة أوروبا وأميركا.

وجعلت منظمة الصحة العالمية من إشكال المقاومة البكتيرية للأدوية أولوية قصوى، وتسبب عدوى التهابات البكتيريا المقاومة للأدوية عالميا حوالي 700 الف حالة وفاة سنوياً، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 10 ملايين حالة سنوياً، وذلك بحلول عام 2050، إذا لم يتم تطوير جيل جديد من المضادات الحيوية.