عاد زعيم الحرب الأفغاني قلب الدين حكمتيار إلى العاصمة كابول للمرة الأولى بعد أكثر من 20 سنة، وذلك في اعقاب توقيعه على اتفاق سلام مع الحكومة الافغانية قبل ثمانية شهور.

والتقى حكمتيار، الذي وصل الى كابول في موكب تحيطه حماية محكمة، بالرئيس الأفغاني أشرف غني.

وسبق ذلك اطلاق الحكومة الأفغانية سراح 50 على الأقل من عناصر الحزب الإسلامي الذي يتزعمه حكمتيار من سجونها.

فمن هو قلب الدين حكمتيار؟ ولماذا تعد عودته الى كابول حدثا مهما بالنسبة للوضع في افغانستان؟

قلب الدين حكمتيار هو زعيم الحزب الاسلامي الأفغاني، وتعني عودته الى كابول عودته الى الحياة السياسية الأفغانية بعد 20 سنة من الغياب.

ويتهم حكمتيار بلعب دور رئيسي في الحرب الأهلية التي اسفرت عن مقتل الآلاف في كابول وأدت الى إنزال دمار كبير في العاصمة الأفغانية.

وقد ظهر حكمتيار، الذي أزيل اسمه من قائمة الأمم المتحدة الخاصة بالارهاب، لأول مرة بعد غيابه أمام مؤيديه في مدينة جلال آباد. وذلك قبل وصوله الى كابول.

ورحبت كل من الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بعودته الى الحياة السياسية في أفغانستان، إذ تعتبران ذلك بشيرا لاتفاق سلام مع حركة طالبان التي تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد.

يذكر ان الحزب الاسلامي، الذي كان يقاتل ضد القوات الغربية بعد غزوها لأفغانستان في 2001، لعب دورا ثانويا في الحركة المسلحة المناوئة للحكومة الافغانية وحلفائها الغربيين في السنوات الأخيرة، كما تخلى حكمتيار عن معارضته للحكومة الأفغانية عندما وقع على اتفاق سلام معها في عام 2016.

ولكن المزاج السائد في اوساط المسؤولين الأفغان يتسم بالتوجس ازاء الدور الذي قد يضطلع به حكمتيار وأتباعه في حكومة افغانستان الهشة اصلا.

كابول
Reuters
لافتات ترحيب بحكمتيار في كابول

وكان حكمتيار، الذي يبلغ من العمر 70 عاما تقريبا، قد أشار الى انه لا ينوي لعب دور ثانوي في الحياة السياسية في افغانستان، وشكك في اتفاق تقاسم السلطة - الذي توسطت الولايات المتحدة في ابرامه - بين الرئيس أشرف غني ورئيس الهيئة التنفيذية عبدالله عبدالله.

ولد قلب الدين حكمتيار في 26 حزيران / يونيو 1947 في منطقة امام صاحب التابعة لولاية قندز، ودرس في كلية الهندسة التابعة لجامعة كابول، ورغم انه لم يتخرج من تلك الكلية، درج اتباعه على الاشارة اليه "بالمهندس حكمتيار".

في عام 1972، اعتقل بتهمة التورط في اغتيال طالب يتبع الخط الماوي في جامعة كابول، واطلق سراحه لاحقا في عفو عام أصدره داود خان الذي انقلب على ابن عمه الملك محمد ظاهر شاه في عام 1973.

وعقب اطلاق سراحه، انضم حكمتيار الى "منظمة الشبان المسلمين" التي كانت تزداد نفوذا في افغانستان نتيجة معارضتها للنفوذ السوفيتي في البلاد.

وكان تشدد حكمتيار الاسلامي قد وضعه في مواجهة مع عناصر في جمعية الشبان المسلمين التي تتبع احمد شاه مسعود الذي كان ايضا طالبا في كلية الهندسة آنذاك.

ويعد حكمتيار مؤسس وزعيم الحزب الاسلامي المتأثر فكريا وعقائديا بحركة الاخوان المسلمين وأحد كبار منظريها سيد قطب.

عند بدء الاحتلال السوفيتي لافغانستان في عام 1979، شرعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتمويل مجاهدي الحزب الاسلامي بواسطة المخابرات الباكستانية. وكان حكمتيار يقيم آنذاك في باكستان.

حصل حكمتيار على مساعدات من المملكة العربية السعودية وباكستان والولايات المتحدة ابان الغزو السوفيتي لافغانستان،

وبعد الاطاحة بنظام حكم الرئيس الأفغاني نجيب الله في عام 1992، انخرط حكمتيار وغيره من زعماء الحرب الأفغان في حرب أهلية راح ضحيتها 50 الف مدني في كابول لوحدها ناهيك عن باقي المناطق الأفغانية.

في غضون ذلك، عين حكمتيار رئيسا للحكومة الأفغانية بين عامي 1993 و1994، ثم لمرة ثانية لفترة وجيزة في عام 1996 قبل ان تتمكن حركة طالبان من الاستيلاء على زمام الأمور في كابول مما أجبره على الفرار الى العاصمة الايرانية طهران.

وبعد سقوط نظام حكم طالبان اثر الغزو الامريكي في عام 2001، توجه حكمتيار الى باكستان، حيث قاد الميليشيا المسلحة التي شكلها حزبه في حملة ضد حكومة حامد كرزاي التي جاء بها الأمريكيون وحلفاؤهم.

أعلن حكمتيار - الذي يقال إنه تعاون تعاونا وثيقا مع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في اوائل التسعينيات - معارضته للغزو الأمريكي عقب هجمات أيلول / سبتمبر 2001، وانتقد باكستان لدعمها الجهد الأمريكي. ورفض حكمتيار الاتفاق الذي تم التوصل اليه بوساطة الأمم المتحدة في 5 كانون الأول / ديسمبر 2001 في المانيا والذي اسفر عن تشكيل اول حكومة افغانية مؤقتة عقب الاطاحة بحكم حركة طالبان.

ونتيجة الضغوط التي مارستها حكومة كرزاي والادارة الأمريكية، اغلقت السلطات الايرانية مكاتب الحزب الاسلامي في ايران وطردت حكمتيار من اراضيها.

وكانت الولايات المتحدة تتهم حكمتيار بتشجيع مسلحي حركة طالبان على محاربة قوات التحالف في افغانستان، كما يتهم بالاعلان عن منح مكافآت لكل من يقتل الجنود الأمريكيين.

وفي 19 شباط / فبراير 2003، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية حكمتيار في قائمة الارهابيين الدوليين.

وفي أيار / مايو 2006، نشر حكمتيار شريطا بثته قناة الجزيرة اتهم فيه ايران بمساندة الولايات المتحدة في الحرب الأفغانية، وعبر عن استعداده بالقتال الى جانب اسامة بن لادن وانحى على الولايات المتحدة باللائمة للأزمات التي كانت مستعرة في الاراضي الفلسطينية والعراق وأفغانستان.

وفي كانون الأول / ديسمبر 2006، نشر حكمتيار شريطا قال فيه إن "المصير الذي آل ايه الاتحاد السوفيتي ينتظر أمريكا ايضا."

وفي 22 ايلول / سبتمبر 2016، اصدرت الحكومة الأفغانية عفوا عن حكمتيار، وذلك في اطار اتفاق للسلام ابرمته مع الحزب الاسلامي. ونص الاتفاق على اطلاق سراح المعتقلين من الحزب الاسلامي وعودة حكمتيار الى الحياة السياسية.