عبد الحفيظ العيد من الجزائر: أعادت نتائج الانتخابات التشريعية في الجزائر الجدل حول النفور الكبير للجزائريين من المشهد السياسي، بعد أن أظهرت أرقام وزارة الداخلية تجاوز عدد الأصوات الملغاة مليوني ورقة تصويت.

وكشفت وثيقة لوزارة الداخلية، اطلعت "إيلاف" على نسخة منها، أن عدد الأوراق الملغاة بلغت 2098324 من أصل 8528355 صوتاً، ليكون بذلك عدد الأصوات المعبر عنها 6430031 صوتاً.

أكبر الفائزين

واتفقت الصحافة الجزائرية على أن اكبر الفائزين في هذه التشريعيات هي الورقة البيضاء (الورقة الملغاة) بالنظر إلى أنها تمثل أكثر من ربع المصوتين، لتكون الحزب الأقوى في البلاد بعد أن اكتفى 36 حزباً والقوائم المستقلة مجتمعة بتقاسم أكثر من 6.4 ملايين&صوت فقط.

وقال الخبير في القانون الدستوري عامر رخيلة &لـ"إيلاف"، إنه "من المفروض أن أرقامًا كهذه لا يجب أن تمر مرور الكرام لو كانت الجزائر تتوفر على مراكز لدراسة الثقافة الانتخابية ومكاتب استطلاع الرأي العام".

وأضاف الأستاذ بجامعة الجزائر أن أكثر من ربع الأصوات هي أرقام ملغاة، وهذا" موقف" في حد ذاته.

وأشار رخيلة إلى أن "بعض الناخبين يذهبون للانتخاب خوفًا من تعسفات الإدارة التي كثيرًا ما تطلب بطاقة الناخب لاستخراج وثائق إدارية، إضافة إلى أن هذه الأوراق الملغاة سجلت بصفة لافتة على سبيل المثال في ولايتي الجزائر العاصمة وبومرداس، بالنظر إلى تخوف المواطنين من &طلب بطاقة الانتخاب عند توزيع السكنات".

وكان والي الجزائر العاصمة عبد القادر زوخ قد قال خلال الحملة الانتخابية إن "الذي يقاطع الانتخابات ليس من حقه المطالبة بالحصول على سكن من الدولة"، لكن سرعان ما حاول نفي ذلك، بعد الانتقادات التي وجهت له.

وأضاف عامر رخيلة أن "التصويت الملغى كان بالنسبة للبعض فرصة للتعبير عن مواقف سياسية واجتماعية، والأمر يتطلب دراسة هذه الظاهرة دراسة اجتماعية سياسية".

تهرب

تحاشى وزير الداخلية نور الدين بدوي على غير العادة الكشف في مؤتمره الصحافي، الذي عقده الجمعة، عن عدد الأصوات الملغاة، واكتفى بإجابة من سألوه من الإعلاميين بتوجيههم للاطلاع عليها على موقع الوزارة الإلكتروني.

ورأى عامر رخيلة في حديثه مع "إيلاف" أن تجنب الوزير التطرق لموضوع الأصوات الملغاة "موقف&غير موفق في التعامل مع معطيات إحصائية ليس من الحكمة السياسية تجاوزها، خاصة وأنها ستنشر لاحقًا في الجريدة الرسمية من قبل المجلس الدستوري".

تزكية عربية

إلى ذلك، قال رئيس بعثة ملاحظي جامعة الدول العربية سعيد أبو علي، السبت، بالجزائر العاصمة، أن الانتخابات التشريعية الجزائرية جرت وفق معايير "النزاهة والشفافية والموضوعية".

وعرض أبو علي، في مؤتمر صحافي، التقرير الأولي لبعثة الملاحظين العرب الخاص بالتشريعيات الجزائرية، التي وصفها بـ"العرس الديمقراطي".

وأضاف أن الجزائر "قدمت من خلال هذا الاستحقاق نموذجًا جيدًا للعالم بأسره وخصوصًا للدول العربية".

وأكد أن عملية الاقتراع جرت في إطار "الهدوء والالتزام والنظام وحسن التدبير، بحيث توفرت جميع شروط ومتطلبات العملية البشرية منها والمادية وفق ما ينص عليه القانون بهدف توفير مناخ آمن".

وأردف أبو علي قائلاً: "نحن أمام تجربة متطورة في ضوء التعديلات الدستورية، واستحداث مؤسسات معنية بالرقابة في العملية الانتخابية".
&&
وأضاف أن ملاحظات البعثة شملت جل مراحل العملية الانتخابية، وكانت في العموم جيدة ومطابقة للقانون الجزائري والمعايير الدولية المعمول بها.

وأقر أبو علي بوجود بعض النقائص التي "لا ترقى لأن تكون انتهاكات أو خروقات للقانون لأنها تمثل سلوكات فردية لا تملك تأثيرًا على سير العملية الانتخابية، مثل الدعاية الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي".

وكشف أن صدور التقرير النهائي لبعثة الجامعة سيكون جاهزًا في غضون شهر ونصف تقريباً، وسيسلم للجزائر من قبل الأمين العام للجامعة&العربية أحمد أبو الغيط.