واشنطن: بعد غيابها لأسابيع عن الأوساط السياسية الأميركية، تعود قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية خلال العام الماضي إلى الواجهة الاثنين عندما سيدلي مسؤولان رفيعان في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بافادتيهما أمام الكونغرس.

قد تشكل افادة سالي ييتس، التي شغلت منصب وزيرة عدل بالوكالة عشرة أيام فقط في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب قبل إقالتها، ضغوطا على البيت الأبيض بشأن المعلومات التي كانت بحوزته عن اتصالات أجراها مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بمسؤولين روس. 

سيستمع الكونغرس كذلك الى رئيس أجهرة الاستخبارات السابق جيمس كلابر الذي كان ألح مرارا على ضرورة الكشف عن طريقة تمكن الروس من التدخل في الانتخابات ومعرفة في ما إذا كان أعضاء من فريق ترامب تعاونوا مع موسكو. 

غابت القضية عن الأضواء لأسابيع في وقت توجهت فيه الأنظار لمعرفة ماهية القوانين الرئيسة التي سيصدرها ترامب خلال ايامه المئة الاولى في السلطة، وآخرها الأحد. وتعطلت التحقيقات في الكونغرس كذلك اثر السجالات بين الديموقراطيين والجمهوريين حول مدى الزخم الذي يتوجب من خلاله ملاحقة المسألة التي لا تزال تخيم على فوز ترامب في الانتخابات. 

حجة الديموقراطيون
وجدد ترامب هذا الاسبوع نفيه النتيجة التي توصل إليها رؤساء اجهزة الاستخبارات الأميركيين بأن موسكو سعت إلى تاييده ضد منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون في عملية أشرف عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا. 

وفي مقابلة مع قناة "سي بي اس" بمناسبة أيامه المئة في السلطة، أكد ترامب مجددا رفضه وجهة النظر الرسمية التي تفيد بأن الروس اخترقوا كمبيوتر الحزب الديموقراطي واتصالاته. وقال في هذا السياق "قد تكون الصين أو أي مجموعات أخرى". 

والثلاثاء، وصف القضية مجددا بأنها كذبة مغرّدا عبر موقع تويتر "قصة ترامب وروسيا المزيفة كانت عبارة عن حجة استخدمها الديموقراطيون لتبرير خسارتهم في الانتخابات". 

ورغم نفي ترامب، إلا أن اللجنة الأمنية في مجلس الشيوخ التي سيمثل أمامها ييتس وكلابر، واللجان الاستخباراتية التابعة لمجلسي النواب والشيوخ، تكثف تحقيقاتها حيث دعت عددا من المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين للإدلاء بشهاداتهم، معظمهم اثناء جلسات مغلقة. 

من جهته، يتابع مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) تحقيقاته كذلك في القضية. ولا يبدي كبار مسؤولي الاستخبارات شكوكا بأن موسكو حاولت التأثير على نتائج الانتخابات في العام الماضي من خلال نشر معلومات غير صحيحة عبر القرصنة. ولا شكوك كذلك في أن أشخاصا مرتبطين بحملة ترامب، بينهم فلين، وكارتر بايج الذي كان مستشارا لترامب في السياسة الخارجية إضافة إلى مدير الحملة، بول مانافورت، كان لديهم اتصالات مع موسكو. 

لكن ما لم يتم اثباته حتى الآن هو اذا كانت اتصالاتهم تلك أدت إلى تعاون بينهم وبين موسكو. وردا على سؤال لشبكة "سي ان ان" حول التوصل الى دليل على حصول تواطؤ اثناء الجلسات المغلقة للاستماع الى الاستخبارات، قالت ديان فينستين أرفع سيناتور ديموقراطي في اللجنة الاستخباراتية في مجلس الشيوخ "ليس في هذا الوقت" بعد. 

وفي جلسة الاستماع الاثنين، تفيد تقارير بأن ييتس التي طردها ترامب لرفضها دعم قراره المتعلق بحظر الهجرة، قد تشهد بأنها كانت حذرت الإدارة الجديدة في يناير بأن اتصالات فلين مع السفير الروسي في واشنطن قد تجعله عرضة للابتزاز. 

مذكرة جلب رسمية
وشغل فلين، الذي كان رئيسا للاستخبارات العسكرية، منصب مستشار ترامب للأمن القومي 24 يوما قبل أن يطرد بسبب كذبه بشأن ما ورد في الاتصالات. من ناحيته، لا يتوقع بأن يضيف كلابر أي جديد على ما أفادت به الأوساط الاستخباراتية علنًا حتى الآن بشأن الفضيحة، حيث لا يزال ملتزمًا بالسرية التي يتعيّن عليه الالتزام بها بسبب منصبه السابق.

لكن التحقيقات الأكثر جدية ستجري خلف أبواب مغلقة، حيث ستستجوب اللجنتان الاستخباريتان في مجلسي النواب والشيوخ مسؤولين استخباراتيين حاليين وآخرين من حملة ترامب. 

وحذر مجلس الشيوخ الشهود المحتملين، بينهم فلين وبايج ومانافورت، بأنه قد يتم إصدار مذكرة جلب رسمية بحقهم، في حال لم يتعاونوا طوعا مع التحقيق، وفقا لما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز". وفي بيان الجمعة، حذر كبار أعضاء لجنة مجلس الشيوخ بايج، الذي كان خبيرا مصرفيا استثماريا في موسكو، بضرورة تلبية مطلبهم الذي مر عليه أسبوع لإحضار عدد من الوثائق. 
واعتبروا أنه "في حال اختار بايج عدم تقديم المواد المطلوبة" بحلول التواريخ المحددة، "فستنظر اللجنة في خطواتها التالية" ضده.