سيول: يدلي الكوريون الجنوبيون باصواتهم الثلاثاء في انتخابات رئاسية تهدف الى طي صفحة فضيحة الفساد المدوية التي كلفت الرئيسة السابقة بارك غيون-هي منصبها، في اجواء من التوتر مع كوريا الشمالية.

ويتوقع ان تسجل نسبة مشاركة قياسية في الاقتراع لان عددا كبيرا من الناخبين يرغبون في انتهاز هذه الفرصة للتعبير عن غضبهم من فساد جزء من النخب وكذلك من غلاء المعيشة وارتفاع معدل البطالة.

والمرشح الاوفر حظا للفوز في هذا الاقتراع المبكر بسبب اقالة بارك، هو المحامي السابق المتخصص في الدفاع عن حقوق الانسان مون جاي-ان.

واشار آخر استطلاع للرأي اجراه معهد "غالوب كوريا" الى ان مرشح الحزب الديموقراطي اليساري هذا سيحصل على 38 بالمئة من اصوات الناخبين، متقدما بفارق كبير على الوسطي آه شيول-سو الذي تؤكد استطلاعات تعادله مع المحافظ هونغ جون-بيو الذي ينتمي الى حزب الرئيسة المقالة.

وقال مون (64 عاما) بعدما ادلى بصوته في احد المراكز بغرب سيول "المس طموح الشعب الكبير جدا الى تغيير في الحكومة". ويبدو ان نسبة المشاركة في التصويت كبيرة جدا.

فقبل اربع ساعات على اغلاق مراكز الاقتراع المقرر عند الساعة 20,00 (11,00 ت غ)، كان 63,7 بالمئة من الناخبين قد ادلوا باصواتهم مقابل 59,3 بالمئة في الساعة نفسها في الانتخابات السابقة التي جرت قبل خمسة اعوام. وسيبدأ اعلان نتائج الاستطلاعات عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع فور انتهائه.

وسينهي فوز مون عشر سنوات من حكم المحافظين، وقد يؤدي الى تغيير كبير في السياسة حيال بيونغ يانغ وكذلك حيال الحليف والحامي الاميركي.

"يساري مؤيد للحوار مع بيونغ يانغ"

يدعو مون الى الحوار مع كوريا الشمالية بهدف نزع فتيل التوتر ودفعها الى العودة الى طاولة المفاوضات. وهو يريد مسافة اكبر في العلاقات بين سيول وواشنطن.

وفي مقابلة اجرتها معه صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا، قال مون ان على سيول ان "تلعب دورا قياديا في القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية".

وكان الشمال الذي يحلم بصنع صاروخ قادر على نقل السلاح النووي الى القارة الاميركية، اجرى تجربتين نوويتين منذ بداية 2016 وعددا من تجارب اطلاق الصواريخ.

ولم تتوتر العلاقات الى هذا الحد في شبه الجزيرة الا في حالات نادرة، اذ يهدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتسوية هذه المسألة بالقوة العسكرية. وقد خفف لهجته مؤخرا مؤكدا ان لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون "سيشرفه".

من جهته، دعا هونغ جون-بيو مرشح حزب الرئيسة المقالة، الناخبين الى دعمه ووصف خصمه مون ب"اليساري الموالي لبيونغ يانغ".

وقال شونغ تاي-وان الطبيب البالغ من العمر 72 عاما وصوت في مركز في حي سيوشو الراقي في جنوب سيول "اعطيت صوتي لهونغ لان الامن حيال كوريا الشمالية هو اهم شيء".

لكن قضية البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية لا تشكل امرا يحدد خيار الناخبين الكوريين الجنوبيين الذين الفوا التهديدات الكورية الشمالية.

"تحديات متنوعة"

شغل الفساد وتباطؤ النمو والبطالة وخصوصا بين الشباب، الحيز الاكبر من اهتمامات الناخبين.

ويفترض ان تسمح هذه الانتخابات للمجتمع الكوري الجنوبي بالانتقال الى مرحلة جديدة بعد اشهر من الانشغال في الفضيحة بينما تم توقيف الرئيسة السابقة بارك التي تحاكم بتهمتي الفساد واستغلال السلطة.

وساهمت هذه القضية في تعزيز الاستياء العام بعدما كشفت العلاقات المريبة بين الطبقة السياسية وارباب العمل بعد الكشف عن تمكن صديقة الرئيسة تشوي سون-سيل من استغلال قربها من بارك لابتزاز ملايين الدولارات من كبرى الشركات.

واجبرت الفضيحة التي تورط فيها وريث سامسونغ ورئيس "لوتي" خامس اكبر مجموعة كورية جنوبية، كل المرشحين على التعهد باصلاحات من اجل المزيد من الشفافية.

لكن بسبب وزنها في الاقتصاد، لا يمكن المساس بهذه المجموعات الكبرى التي تسمى "شايبولز". وكانت الصين من قضايا الحملة ايضا في اطار قضايا اقتصادية وعسكرية خصوصا.

فقد اثار نشر درع اميركية مضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية لمواجهة التهديدات القادمة من الشمال غضب بكين التي اتخذت سلسلة اجراءات اعتبرتها سيول تدابير اقتصادية انتقامية.

وكتبت صحيفة "جون-آنغ" في افتتاحية عشية الاقتراع ان الرئيس المقبل للبلاد "سيكون عليه التصدي لتحديات متنوعة متوسط وبعيدة الامد". 

وقالت "اذا اتخذنا القرار الخاطئ فسيكون علينا من جديد دفع ثمنه، كما تعلمنا من خياراتنا السيئة السابقة".