باريس: كشفت الحركة السياسية للرئيس الفرنسي المنتخب ايمانويل ماكرون "الجمهورية الى الامام" الخميس لائحة مرشحيها للانتخابات التشريعية المرتقبة في حزيران/يونيو وتضم 428 مرشحا أكثر من نصفهم من المجتمع المدني وبدون أي خبرة سياسية.

والانتخابات التشريعية ستكون حاسمة بالنسبة لماكرون البالغ من العمر 39 عاما وعليه أن يقنع الفرنسيين بأنه قادر على تأمين غالبية ليتمكن من الحكم وادخال الإصلاحات التي وعد بها في بلد منقسم يحتاج فيه لتأييد شخصيات منبثقة من اليمين ومن اليسار المعتدل.

كما رفضت الحركة ادراج رئيس الوزراء السابق مانويل فالس على لوائحها الانتخابية بعدما اثار انضمامه الى صفوفها بلبلة في الحزب الاشتراكي، لكنها تركت الباب مفتوحا امام حملته عبر عدم تقديم مرشح لمنافسته في دائرته الانتخابية.

واعلن الامين العام لحركة "الجمهورية الى الامام" ريشار فيران ان "52% من المرشحين من المجتمع المدني ولم يمارسوا اي مهام في منصب منتخب ولا اي مهام سياسية".

من جانب آخر، قال ان الحركة قررت عدم ترشيح فالس الذي يريد تمثيل الغالبية الرئاسية معتبرا انه لا يستوفي معايير الترشح على لوائح الحركة لانه "سبق ان شغل ثلاث ولايات برلمانية".

وتدارك "لكن لن نقدم مرشحا ضده لانه في وقت نعمل فيه على جمع الاطراف، نعتبر انه يجب عدم اغلاق الباب امام رئيس وزراء سابق".

وكان فالس اعلن انضمامه الى ماكرون معتبرا ان "هذا الحزب الاشتراكي انتهى".

وسيتم حفل تسليم السلطات بين الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند وماكرون الاحد على ان يعلن لاحقا اسم رئيس الوزراء.

وأكد هولاند الخميس أنه سيبذل كل ما في وسعه لتجري عملية تسليم السلطة لخلفه إيمانويل ماكرون بشكل "بسيط وواضح وودي".

وأضاف الرئيس الاشتراكي في حديث مع صحافيين "أريد لبلدي النجاح، وأتمنى النجاح لإيمانويل ماكرون في التفويض الذي منح اياه"، وذلك على هامش زيارة لورشة تابعة لمؤسسته "فرنسا تلتزم" في جنوب باريس.

وتابع "انا لا أسلم السلطة لمعارض سياسي، وهذا في النهاية أكثر سهولة".

ومن جهة اليمين واليسار في الاحزاب التقليدية، يبدو التردد واضحا بين النزعة الى سياسة جامعة او الانتقام في انتخابات 11 و 18 حزيران/يونيو.

وعنونت صحيفة "صوت الشمال" المحلية: "الرئيس الشاب والاحزاب العجوزة" ملخصة بذلك الصراع بين العالمين اللذين يتواجهان منذ الاحد.

فمن جهة هناك الرئيس الشاب الذي لا ينتمي الى اي حزب وليس له خبرة في الانتخابات. ومن جهة اخرى، هناك هيكليات مشتتة ترفضها القاعدة الناخبة لكنها رسمت الحياة السياسية الفرنسية في السنوات الاربعين الماضية ولا تزال تحظى بروابط محلية قوية.

ولهذا السبب تبدو معركة الانتخابات التشريعية ذات اهمية كبرى بالنسبة لولاية الرئيس الممتدة على خمس سنوات. وقال الخبير السياسي لوك روبان لوكالة فرانس برس "كل شيء سيكون رهنا بالانتخابات التشريعية وبفرص حصول ايمانويل ماكرون على غالبية متماسكة في الجمعية الوطنية وهذا ليس مضمونا".

وأما في أوساط الحزب الاشتراكي، الذي لم يحقق سوى نسبة 6,36% من الاصوات في الانتخابات الرئاسية، فان خطر التفكك قائم. واطلقت حركتان "لاعادة بناء اليسار" في وقت متزامن الاربعاء في وقت يشير ابتعاد الناشطين المدافعين عن التوجه الاشتراكي-الليبرالي إلى ميلهم نحو الانضمام الى ايمانويل ماكرون.

- "تدمير الحزب"-

في معسكر اليمين، فان الاثر الذي خلفه انتخاب ماكرون يثير ايضا ارتدادات. فقد اتهم نائب الامين العام لحزب "الجمهوريون" اريك سيوتي الرئيس الجديد بالسعي الى "تدمير" حزبه.

واضاف النائب "لن يدمرنا نحن لان لدينا عمودا فقريا متمثلا بقناعات وقيم".

وقال الامين العام للحزب برنار اكوييه الخميس "لن يكون هناك مرشح للانتخابات التشريعية من الجمهوريين رضخ لهذه الدعوات الواهية".

ولكن في الكواليس، تجري مداولات بين أوساط ماكرون والشريحة الاكثر اعتدالا من اليمين التي تنظر بارتياح لانتخابه.

ويأمل الرئيس الجديد الذي يرغب في توسيع قاعدته الانتخابية، في ان يوجه اشارة الى ناخبيه عبر ضم شخصيات من اليمين الى حكومته. ويجري تداول اسماء بعض النواب مثل رئيس بلدية هافر (شمال غرب) ادوار فيليب كخيار محتمل لتولي رئاسة الحكومة.

وفي الانتظار، صادق الحزب اليميني بدون تصويت على برنامجه المعدل للانتخابات التشريعية والذي يتضمن تحسين القدرة الشرائية للفرنسيين عبر اقتراح خفض الضرائب بشكل خاص، وهي بنود سبق ان عرضها مرشحه للرئاسة فرنسوا فيون.

واما اليمين المتطرف الذي يريد ان يصبح "اكبر حزب معارضة" بعد ادائه التاريخي في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فأضعفه قرار النجمة الصاعدة في الحزب ماريون ماريشال لوبن الانسحاب من الحياة السياسية.

وهذه الشابة البالغة من العمر 27 عاما سبق ان عبرت مرارا عن رغبتها في الحفاظ على حياتها العائلية والابتعاد عن علاقاتها المعقدة مع خالتها زعيمة الحزب مارين لوبن.