مجدي الورفلي من تونس: رغم تحذيرات إسرائيل، توافد على تونس خلال نهاية الاسبوع الماضي حوالى&2500 يهودي من مختلف دول العالم، ومن بينهم 69 اسرائيليًا، حاملين لجنسيات مزدوجة، وهو ما مكنهم من الدخول لتونس للقيام بزيارة معبد "الغريبة"، أحد اهم المعالم الدينية اليهودية في العالم.

وانهى الاحد حوالى&2500 يهودي اجنبي زيارة معبد الغريبة اليهودي بجزيرة جربة التونسية (500 كم حنوب العاصمة)، والذي انطلق منذ يوم الجمعة الماضي وسط تعزيزات أمنية مشددة تحسبًا لأي هجوم ارهابي محتمل، حذر من امكانية وقوعه مكتب مكافحة الإرهاب في إسرائيل، ولكن انتهت الزيارة دون تسجيل أي هجمات ارهابية.

وفي تصريح لـ"إيلاف"، اكد منظم زيارة الغريبة التونسي اليهودي روني الطرابلسي أن عدد الزوار الجملي مقارنة بالسنة الماضية زاد بقرابة النصف، اذ قدم 2180 يهودياً من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وإسرائيل بالاضافة الى يهود من دول عربية، فيما كان عدد اليهود التونسيين الذين قدموا لزيارة الغريبة قرابة الـ550 يهودياً، فيما حضر اكثر من 150 صحافياً لتغطية الحدث الديني اليهودي البارز.

ووفق ما اكده منظم زيارة "كنيس الغريبة" روني الطرابلسي لـ"إيلاف"، فقد انطلق عدد من اليهود الذين قدموا للغريبة هذه السنة في العودة الى بلدانهم منذ صباح الاثنين، وستتواصل رحلات عودة اليهود الى حدود الاربعاء والخميس.

وانطلق التحضر لزيارة 2017 وفق منظمها منذ حوالي الـ8 اشهر عبر الترويج لها وامضاء اتفاقيات مع وكالات اسفار من مختلف دول العالم خاصة تلك التي تتواجد بها اعداد كبيرة من اليهود، وهي اساسًا فرنسا وايطاليا.

وتسعى "جمعية الغريبة" وفق رئيسها روني الطرابلسي الى اعادة الزيارة للكنيس الاقدم في افريقيا الى ما كانت عليه قبل في سنوات 1999 و2000، والتي تستقطب آنذاك 10 آلاف زائر يهودي.

يُذكر ان كنيس الغريبة تعرض في 11 ابريل 2002 لهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة، أدى إلى مقتل 21 شخصًا (14 سائحًا ألمانيًا و5 تونسيين وفرنسيان اثنان)، تبناه تنظيم "القاعدة" آنذاك، وكانت للاعتداء انعكاسات كبيرة على عدد زوار الغريبة وعلى السياحة في تونس بصفة عامة.

وفي عام 2011 ألغيت زيارة المعبد اليهودي بسبب تدهور الوضع الامني إثر الثورة التي اطاحت في 14 يناير بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، واستؤنفت عام 2012 وسط اجراءات امنية مشددة وبمشاركة 1500 يهودي، بينهم 500 من أوروبا وزائر وحيد من اسرائيل، فيما كانت البقية من تونس، التي تعيش فيها طائفة يهودية.

ويُقيم حاليًا في تونس نحو 1500 يهودي يحملون الجنسية التونسية، ويسكن معظمهم في جزيرة جربة وفي العاصمة. وقبل الاستقلال عن فرنسا سنة 1956، كان يعيش في تونس نحو مئة ألف يهودي لكنهم غادروا البلاد نحو وجهات عدة واساسًا فرنسا.

ويُذكر ان مكتب "مكافحة الإرهاب" في إسرائيل حذّر في 3 مايو الجاري الإسرائيليين من السفر إلى تونس، لوجود توقعات بحدوث هجمات إرهابية خلال الزيارة، ودعا المكتب في بيان نشرته القناة الإسرائيلية السابعة (غير حكومية) المواطنين الإسرائيليين المتواجدين في تونس لمغادرتها.

شعائر الزيارة

تمتد زيارة "كنيس الغريبة" على 3 ايام، وهي تتضمن إحتفالات موسيقية ورقصًا وإقامة الصلوات وإشعال الشموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته وكتابة الامنيات على البيض ووضعه في قبو قرب الحجر المقدس داخل الكنيس، وتنقسم طقوس الزيارة الدينية اساسًا الى ما يعرف بـ"الخرجة الصغرى"، التي عادة ما تكون في اليوم الاول من الزيارة.

يخصص اليوم الثاني لأداء الصلوات داخل "كنيس الغريبة، فيما يكون اليوم الاخير، والذي صادف الأحد، لتنظيم "الخرجة الكبرى" والقيام بحفل غنائي يحضره عادة وزراء وسياسيون وفنانون من تونس، إضافة إلى جمع التبرعات من الزوار لفائدة جمعية الغريبة اليهودية القائمة على صيانة المعبد وتنظيم الزيارة له سنويا.

وشهد اليوم الاخير من زيارة الغريبة حضور رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد ووزير الداخلية الهادي مجدوب ووزير السياحة سلمى اللومي، بالاضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والثقافية التونسية.

قصة "الغريبة"

يزور اليهود من مختلف بلدان العام "كنيس الغريبة" منذ قرابة الـ200 عام، لإقامة طقوس دينية واحتفالات "الهيلولة"، نظرًا لرمزية هذا الكنيس الذي يعود تاريخه إلى ما يزيد على 2500 عام، وهو أقدم كنيس في أفريقيا وأحد أقدم المعابد اليهودية في العالم.&

ووفق الأسطورة اليهودية ترقد في كنيس الغريبة واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم، وتقول لافتة معلقة داخل الكنيس، مكتوبة بأربع لغات، وهي العربية والانكليزية والفرنسية والألمانية، "يرجع عهد هذا المقام العتيق والمقدس المعروف بالغريبة إلى عام 586 قبل الحساب الافرنجي، أي منذ خراب الهيكل الاول لسليمان تحت سلطة نبوخذ نصر ملك بابل، وقد وقع ترميمه عبر العصور".