لدار البيضاء: حجّ مئات اليهود من مختلف أنحاء العالم إلى بلدة أسغن قرب مدينة وزان شمال شرق الرباط، &للاحتفال بموسم الهيلولة السنوي للرابي المغربي عمران ابن ديوان.

وعرفت البلدة الصغيرة أكبر تجمع ديني لليهود نهاية الأسبوع الماضي، حيث أوقدت آلاف الشموع على إيقاع الإبتهالات والصلوات والدعوات للعاهل المغربي الملك محمد السادس بالصحة وطول العمر وللمغرب بالأمن والسلام.

وشارك في القداسات والإحتفالات الدينية، التي حضرها أندري أزولاي مستشار العاهل المغربي، وسيرج بيرديغو السفير المغربي المتجول والأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، يهود قادمون من مختلف بقاع العالم، بما فيها إسرائيل.

أندريه ازولاي في موسم هيلولة الرابي عمران ابن ديوان في وزان

ورغم أن المغرب لا يرتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلا أنه يمنح على حدوده تسهيلات دخول لليهود ذوي الأصول المغربية، القادمين من إسرائيل أو غيرها من الدول التي لا توجد فيها سفارات مغربية لتمكينهم من أداء مناسكهم الدينية، اذ يتوفر المغرب على أزيد من 300 مزار ديني لليهود.

وتشكل المناسبات الدينية اليهودية، المعروفة باسم الهيلولة، فرصة لليهود من أصل مغربي لإعادة الإرتباط بالوطن الأم وزيارة الأقارب الذين لا يزالون يقيمون في المغرب. ويقدر عدد اليهود المقيمين في المغرب بنحو خمسة آلاف شخص، غالبيتهم شيوخ متقدمون في العمر. ويتضاعف هذا العدد عشرات المرات خلال الهيلولات حيث يحل الأبناء والأحفاد ضيوفًا على الأجداد والجدات.

وتميزت هيلولة عمران بن ديوان هذه السنة بتزامنها مع الموسم الديني لمولاي عبد الله الشريف، الذي نظم هذه السنة تحت شعار "فكر وذكر" واستقطب بدوره إلى مدينة وزان مئات المغاربة، واختتم فعالياته بتنظيم &ندوة بعنوان &"التسامح وخصوصيات الفكر الديني بالمغرب".

وثمن أزولاي هذا "التقارب الروحي، الفلسفي والديني النموذجي بين الهيلولة والموسم"، مشيرًا إلى أنه لا يوجد في أي بلد آخر في العالم نموذج مماثل "يتجسد هذا التقارب بين الإسلام واليهودية كما يتجسد عندنا". وأشار أزولاي إلى أن هذا التقارب الذي "هو نتاج لريادة الملك محمد السادس وبناء مجتمع مدني مغربي"، مكن من "إعطاء هذا الدرس المغربي الذي يحتاجه العالم والذي يكتسي في الوقت نفسه كامل عمقه ورمزيته".

وأضاف أزولاي، الذي كان يتحدث خلال الندوة التسامح وخصوصيات الفكر الديني بالمغرب" إن بلدي المغرب يعتبر اليوم البوصلة التي يحتاجها العالم، والتي فقدها الآخرون، والتي تمكننا من الحفاظ على قيم الاحترام والتسامح والتعايش والقرب، سواء الفكري، أو الفلسفي أو الديني والأخلاقي، هذه القيم التي هجرت عددًا كبيرًا من الضفاف من حولنا".

وأشار أزولاي إلى أن وزان هي اليوم بمثابة الأرضية التي تنطلق منها هذه البوصلة المغربية، ، كدعوة للعالم أجمع من أجل ترسيخ ثقافة السلام والعيش المشترك، مضيفًا أن "الارث الذي منحته لنا هذه المدينة والذي يحمله كل واحد منا، ومنه القيم الأكثر عمقًا وتجذراً في حضارتنا المغربية التي تركت للعالم برمته فن الممكن هذا، وهذا القرب الذي نجح الإسلام واليهودية في حمايته، وتغذيته والحفاظ عليه، طيلة أكثر من ألف سنة".&

وأكد أن "الأمر لا يتعلق فقط برسالة من وزان &موجهة لباقي مناطق المغرب، ولكن برسالة مغربية توجهها المملكة لكافة الأمم حتى تصبح ثقافة فن العيش المشترك مسموعة، معروفة ومتقاسمة".&

وأكد أزولاي أن هذه الرسالة ليست حكرًا على جيل بعينه، بل هي إرث تاريخي مغربي عريق تناقلت مسؤوليته الأجيال.

وأضاف أن "المغرب اليوم كما كان الشأن بالنسبة لمغرب الأمس يحمل هذه الرسالة. والأمر ليس مجرد ملاحظة نظرية أقدمها لكم بصفتي مستشارًا للملك. بل هي من المواطن المغربي الغني بتاريخه، الفخور بذاكرته، وبمغربيته وبيهوديته وبالعلاقة التي نجح في بنائها مع جميع الحضارات المكونة للمغرب، والمتمثلة في الحضارات الكبيرة، الأمازيغية والعربية-الإسلامية".