غيّر إنشاء محطة للطاقة الشمسية حياة اللاجئين السوريين في مخيم الأزرق رأسًا على عقب، خصوصًا أن درجة الحرارة تناهز الخمسين فيه كما إن بائعين كثرًا كانت بضاعاتهم التي تعتمد على الكهرباء لحفظها تكسد وترمى سابقًا تبدلت اليوم أحوالهم.

إيلاف - متابعة: تجلس رشا الحدار في كرفان صغير في مخيم الأزرق للاجئين السوريين أمام مروحة كبيرة مع أطفالها الثمانية مبتسمين، وهم يشاهدون التلفاز، بعد وصل تيار كهرباء للمخيم من محطة للطاقة الشمسية، ليكون بذلك أول مخيم في العالم يعمل بهذه الطاقة.

فرق شاسع

تقول الحدار، وهي ترتدي عباءة وشالًا أسود، وتجلس على الأرض على بعض السجاد والفرش والوسائد التي توفرها الأمم المتحدة، إن "حياتنا الآن أصبحت أسهل وأحسن، لقد عشنا فترات صعبة للغاية من دون كهرباء".

وتضيف: "تخيل نفسك تعيش في هذه الصحراء وفي أجواء الصيف اللاهب بدون مروحة وماء بارد وبدون تلفاز وإنارة، الآن الوضع تغير، فالكهرباء لا تنقطع على الأقل، أصبح بإمكاننا شرب كأس ماء بارد في هذا الحر".

لدى الحدار، وهي من حمص (وسط سوريا)، ثمانية أطفال، أكبرهم 14 عامًا، وأصغرهم ثلاث سنوات، وقد لجأت إلى الأردن مع عائلتها منذ نحو عام ونصف عام. تهز ابنتها عائشة ذات الستة أعوام ابن جيرانها حازم ذا الأشهر القليلة أمام التلفاز مستمتعين ببعض الهواء المندفع من المروحة، فيما تقارب الحرارة خارجًا نحو أربعين درجة مئوية.

قد تصل درجة الحرارة في مخيم الأزرق للاجئين (نحو 100 كلم شمال - شرق عمّان) إلى 50 درجة مئوية خلال الصيف لوقوعه في منطقة صحراوية، فيما البرد قارس شتاء.

ودشنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأربعاء محطة الطاقة الشمسية، التي أقيمت حديثًا في مخيم الأزرق بكلفة تقارب 9 ملايين&دولار. وستوفر المحطة الكهرباء بشكل جزئي لسكان المخيم، الذين يقارب عددهم 35 ألفًا، بقدرة 2 ميغاواط لتخدم في هذه المرحلة 20 ألف لاجئ، على أن تتبعها مرحلة أخرى.

الأول إطلاقًا

وتنتشر مئات ألواح جمع الطاقة الشمسية بالقرب من الشارع الرئيس للمخيم بشكل متناسق وتحت أشعة الشمس الحارقة أقيمت بالتعاون مع مؤسسة آيكيا السويدية.&

وقالت كيلي كليمنتس، نائب المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، خلال حفل التدشين الرسمي للمحطة، إن "هذا أول مخيم للاجئين في العالم يستخدم الطاقة المتجددة". وأضافت "هذا سيوفر كثيرًا من كلفة التشغيل للمخيم، وبذلك سنتمكن من استثمار المال الذي نوفره في سبل أخرى لدعم اللاجئين".

وأشارت إلى أن المحطة "توفر طاقة نظيفة ومتجددة ودائمة (...) كما إنها ستحسن من التعليم الابتدائي للعديد من الأطفال اللاجئين". وأصبح بإمكان قاطني المخيم توصيل الثلاجة والتلفاز والمروحة، إضافة إلى الإنارة وإمكانية شحن هواتفهم، وهو أمر بالغ الأهمية لهم للبقاء على تواصل مع أقاربهم في الخارج.

حياة أقرب إلى الطبيعية
افتتح مخيم الأزرق في إبريل عام 2014، وكان نقص الكهرباء أحد التحديات الرئيسة التي يواجهها سكانه، ما يجعل الأنشطة اليومية صعبة، مثل الطهي وغسل الملابس والدراسة أو حتى الخروج ليلًا إلى المراحيض. وساهم إيصال التيار الكهربائي المستمر ومجانًا من المحطة في يناير 2017 في تحسين معيشة سكان المخيم وتوفير ما يتجاوز 1.5 مليون دولار سنويًا من كلفة تشغيل المخيم.

أثناء تجوالك في السوق وسط المخيم سيكون من الصعب عليك خصوصًا في الجو الحار تجاهل محل "حلويات الخير"، الذي تزهو بوابته بثلاجة كبيرة للآيس كريم بالبسكويت قبل تقديمها، إضافة إلى العصائر المثلجة. يقول عامر العقلة (32 عامًا) "جئنا من درعا إلى الأردن عام 2013 وللمرة الاولى أشعر بأن الحياة باتت أقرب الى الطبيعية رغم معاناتنا كلاجئين".

يضيف وهو يسكب المثلجات لطفلة ترتدي حجابًا أبيض أمام محله: "كان وضعنا سيئًا جدًا قبل توافر الكهرباء بشكل مستمر، محلنا يعتمد بشكل أساسي على التبريد، وطبعًا هذا يحتاج تيارًا كهربائيًا مستمرًا". وتابع "عملنا أسهل بكثير مع توافر الكهرباء، أين كنا وأين أصبحنا".

اما فريدة التي تجلس في بقالتها قرب المروحة، فيما تهدر أصوات ثلاجات الماء والألبان والمشروبات الغازية، فتقول لفرانس برس "كانت المعاناة كبيرة جدًا، الآن أصبحت حياتنا أسهل بكثير بوجود الكهرباء".

وتضيف الثلاثينية القادمة من ريف حماة (شمال شرق دمشق)، والبالغ عدد أفراد أسرتها 10 أفراد، إضافة إلى ضرتها، إن "التبريد في السابق كان مهمة شبه مستحيلة، فقد كانت سيارة توزع قوالب الثلج على السوق لتبريد البضائع". وتضيف مبتسمة: "الآن هناك ثلاجات، وهناك مروحة، وهناك تلفاز، حياة مختلفة".


&