أعلنت السلطات التونسية الاثنين فتح تحقيق قضائي في شهادة غير مسبوقة، أدلى بها أحد أقارب زين العابدين بن علي، حول ممارسات الفساد في البلاد. والذي أكد في معرض اعترافه أن الفساد لا يزال ينخر البلاد حتى بعد الثورة.

إيلاف - متابعة: بثت "هيئة الحقيقة والكرامة" المكلفة تفعيل قانون العدالة الانتقالية مساء الجمعة على التلفزيون الرسمي شهادة مصورة لعماد الطرابلسي (42 عامًا)، ابن شقيق ليلى الطرابلسي، زوجة بن علي الثانية، من سجنه في المرناقية قرب تونس، حيث أودع إثر ثورة 2011.

تواطؤ إداري
أثارت شهادة الطرابلسي، أحد رموز الفساد في العهد السابق، التي استغرقت ساعة ونصف ساعة، بشأن تغلغل الفساد في النظام السابق، ضجة عارمة في البلاد.

وأعلنت أجهزة رئيس الوزراء الاثنين أن وزير العدل قرر "بإذن من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إشعار النيابة العمومية بفتح تحقيق في ملابسات وظروف تصريحات عماد الطرابلسي".&

سرد الطرابلسي في التسجيل كيف أصبح أحد قادة "منظومة" الفساد في ظل حكم بن علي، متحدثًا عن شبكة واسعة بفضل تواطؤ موظفي جمارك وموظفين كبار ووزراء.

في ما يتعلق بتونس بعد الثورة، أكد طرابلسي: "حدثت ثورة في تونس، لكن لم يتغيّر شيء"، معتبرًا أن "منظومة الفساد مستمرة"، وأن بعض الفاسدين يتقلدون مسؤوليات كبيرة اليوم في الدولة، وأحدهم "ترشح إلى الانتخابات الرئاسية" بعد العام 2011.

اعتذار للشعب
وقال الطرابلسي "أعتذر من قلبي (للشعب التونسي) وأتمنى أن نطوي هذه الصفحة". وقد تم توقيفه في مطار تونس مع عشرات من أفراد عائلة الطرابلسي، بعيد ترك بن علي وزوجته البلاد في 14 يناير 2011.

وصودرت أملاك عائلة بن علي وأقربائه، وتم سجن عدد منهم. وصدرت أحكام مشددة بالسجن بحق الطرابلسي في قضايا فساد. وتفاقم الفساد في تونس في السنوات الأخيرة، وفق البنك الدولي. وتراجع ترتيب تونس في لائحة الفساد لمنظمة الشفافية الدولية من المرتبة 59 في 2010 إلى المرتبة 75 في 2016.

وفي الشهر الماضي، أقر رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأن "مافيا الفساد" موجودة في "أركان الدولة"، فيما تواجه حكومته صعوبات في تطبيق أولويتها بمكافحة الفساد.

قبل بث الشهادة، قال خالد الكريشي رئيس "لجنة التحكيم والمصالحة"، التي تشكل نواة هيئة الحقيقة والكرامة، إن الطرابلسي قدم في 26 يناير 2015 إلى اللجنة، وعبر محاميه، ملفًا يطلب فيه "الصلح" مع الدولة والشعب، مثلما يخوّله قانون العدالة الانتقالية، وأن ملفه استوفى في 14 يونيو 2016 كل الشروط القانونية.

منظمات ترفض "السطو"
كما تزامن بث شهادة الطرابلسي مع استئناف البرلمان مناقشة مشروع قانون اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، ويقضي بالعفو عن آلاف من موظفي الدولة ورجال الأعمال المتورطين في نهب أموال عامة في عهد بن علي (1987-2011)، شرط إرجاعها مع فوائد.

ورفضت منظمات تونسية ودولية مشروع القانون، وكذلك هيئة الحقيقة والكرامة، التي رأت فيه "سطوًا" من رئاسة الجمهورية على صلاحيات لجنة التحكيم والمصالحة.