«إيلاف» من بغداد: برعاية دار الكتب والوثائق الوطنية العراقية، وإشراف قسم العلاقات ومرسم مكتبة الأجيال التابعين للدار، أقيم معرض فني بعنوان ( نوافذ جمالية لعالم أحلامي ) للفنانة الموهوبة الطفلة سماء الامير، في قاعة الفنان التشكيلي الرائد جواد سليم& بمقر الدار، وقد افتتح المعرض المدير العام للدار الدكتورعلاء ابو الحسن العلاق بحضور جمع من الفنانين والاعلاميين الذين اكدوا ان لوحاته جسدت اشتغالا بريئا في المشهد العراقي فكانت عروضه دليل على ان الجمال يمكن ان يكون مهنة طفولية وشابة بامتياز، كما اشاروا الى ان المعرض جسد & رؤى وافكارا معروضة للكبار بطريقة مبتكرة لتخيل فرح عراقي بلون وطعم خاص، وقال البعض ان هذا الابداع يستحق الدراسة والتقييم في تاريخ الفن التشكيلي العراقي الحديث الذي اتاحته الدار باعتباره فرصة معقولة للظهور.

&

سأعيد تدوير نفسي

لكن الملفت في المعرض كان التحدي الذي بدا واضحا في لوحات الصغيرة سماء الامير التي تعاني من حالة مرضية مزمنة، اقعدتها على عربة صعيرة متحركة، لكن مرآها الخجول كان جزء من علامات البراءة التي كانت عليها اجواء القاعة، كانت لوحاتها تعطي انطباعا للاخرين انها وقفت على قدميها ومشت مسافات لكي تواجه الاوراق البيض ومن ثم ترسم فكرتها وتنثر الوانها بمزاجها الجميل، هذه الافكار التي ترسمها هي احلامها التي تتوقد في عقلها الباطن، احلامها المفعمة بالفرح والمرح الذي لم تمارسه بسبب حالتها الصحية لكنها تجعل احلامها عنه تتفتق عن جماليات تؤكدها براءتها، هناك الالوان تطير مثل فراشات وهو ما يجعل المتلقي يسمع كركرات الصغيرة سماء تتطاير الوانا بهيجة كأنها تريد ان تقول ان احلامها تتحقق وهي تفتح نافذة بفرشاتها وتقول في احدى لوحاتها ( سأعيد تدوير نفسي لانجح واحقق احلامي )، يا الهي .. كم لديها من روح مرحة متفائلة لكي تنسى كل ما فيها وعليها وتلتصق بالرسم لتصنع منه قوة تتحدى بها عذاباتها والقسوة لتكون صورة مغايرة لواقعها، فهي هنا ترقص وتبتسم وتقفز وتلعب ولا تشعر بالبؤس لانها في حقيقتها غير قادرة ان تحرك قدميها ، كما انها& وهي في كامل براءتها تقول في احدى لوحاتها (ليس المهم ان يكون الشخص جميل الشكل، ان يكون ابيض او اسمر،& المهم جمال القلب)، لذلك قال لها احدهم : يا لجمال قلبك الابيض الذي نشاهده مرسوما على الاوراق الملونة.

&

رسالة أم

وقد عبرت امّ الفنانة الصغيرة سماء الامير السيدة اسماء محمد مصطفى عن مشاعرها تجاه ما قدمته ابنتها، وقالت: « لم تحتك طفلتي قبل اليوم، باشخاص من خارج العائلة بشكل مباشر، لذا كانت تخشى ان يغلب عليها الخجل في معرضها الثاني (نوافذ جمالية لعالم أحلامي ) إذ قالت لي امس: «ماما مالي علاقة اذا خدودي صارت طماطة او فراولة ، من شدة الخجل» ، قلت لها ان لاتخشى شيئا وانها ستتكلم عن لوحاتها للحضور وستكون بخير وانها قادرة على اظهار أفكارها وشخصيتها الجميلة الى الناس كما هي في البيت وستلمس ان الحضور سينظر اليها على انها الفنانة الصغيرة القادرة على تحدي مرضها ولن ينظر اليها على انها الطفلة المريضة العاجزة، حيث ان سماء تتضايق من نظرات البعض اليها في الشارع والامكنة العامة ونحن نتضايق ايضا .

&واضافت:&« لذا فإن احد اسباب تشجيعي لها لتطور موهبتها وتكون معروفة هو رغبتي بأن تتغير نظرة الناس اليها من الشفقة الى الاعجاب. واليوم في المعرض لاحظت شعور السعادة والفخر والثقة واضحا على وجه سماء بعد ان تكلمَت عن أفكار لوحاتها ووجدت الحضور مشجعا لها ومتفاعلا مع لوحاتها التي تعبر عن اصرارها ، سألتها ، قاصدة، ألم أقل لك؟ من الذي يعرفك جيدا ويعرف قدراتك؟ قالت انت ياماما .. قلت: اذن، ماذا يعني ذلك ؟ .. قالت: انت ياماما على حق.

&لم تتوقف عند مرضها

& من جهتها قالت الكاتبة والصحافية نرمين المفتي: «مسبقا أعرف مدى وجع صديقتي القريبة الى نفسي، الكاتبة والصحفية المتميزة أسماء محمد مصطفى، وجعها بابنتها ( سماء) التي ولدت بمرض مزمن منعها من الحركة و من رؤية العالم خارج البيت بصعوبة لا يقدر على تذليلها سوى عناد اسماء الام والتي أورثت بعض هذا العناد لابنتها».

واضافت:«عندما عجزت اسماء عن إيجاد علاج لابنتها الوحيدة، قررت ان لا تنجب مرة اخرى، فقد قيل لها ان جميع اطفالها سيولدون بهذا المرض.. و قيل لها " للتخلص من هذا المرض في اطفالها القادمين، عليها ان ترمي قطعة من ملابس ابنتها في بيت امرأة حامل ليتحول المرض من بيتها الى بيت اخر”، و باصرار رفضت اسماء، و قالت بألم انها لا تصدق هذه الخرافات والتي تتحقق احيانا، واذا كانت هناك ام زرعت في روحها كل هذا الوجع، فانها لن تفعلها بأي ام " هذه اسماء او سمسمة. كما اسميها و التي اعرفها..

وتابعت: « رفضت إنجاب اطفال اخرين سيكونون حبيسي البيت، وبذلت كل جهودها لتعليم سماء في البيت، وها هي تقرأ وتكتب خواطر أجمل من الشعر وتشارك والدتها في معارض الاعمال اليدوية و تشارك في معارض رسم.. و هذا معرضها الثاني.. وسماء الفنانة والكاتبة الصغيرة، لم تتوقف عند مرضها، بل حاولت وتحاول ان تحقق نفسها وتتفوق، احيانا، على الاطفال الذين لا يعانون مثل هذا المرض».

سماء الامير في سيرة ذاتية

يذكر أن الفنانة الصغيرة سماء الامير من مواليد& بغداد 2003 ، وهي طفلة عراقية مليئة بالحياة والتحدي، هدفها ليس أن تكون فنانة في المستقبل فقط، وإنما انسانة مهمة في الحياة، من خلال تحدي مرضها& وتحويله الى حكاية نجاح، فقد ولدت سماء بحالة مَرَضية مزمنة، لكنها وبتكوينها الشخصي واحساسها وذكائها وبتشجيع من والدتها، تحاول تحدي واقعها بعالم رسمته في مخيلتها لذا فإنّ أعمالها تتخذ من الأحلام عنوانا لها. وبما إنها تعيد تدوير الأشياء وتصنع منها بعض الأعمال، فقد قالت : ( سأعيد تدوير نفسي ) .. بمعنى أنها ستعمل على ان تكون شخصا جديدا .

حلت ضيفة شرف في معرض خريجي دورة الفنان الرائد فائق حسن للرسم الذي أقيم في دار الكتب والوثائق الوطنية العراقية / وزارة الثقافة العراقية، وحمل معرضها عنوان "عالم أحلامي يتحدى ألم الواقع" ، وضمّ 45 لوحة من بينها لوحات اشتغلتها بأسلوب الكولاج .

حازت على شهادة مشاركة تقديرا لمشاركتها بالمعرض المذكور، الى جانب عرض دائم للوحاتها في مرسم مكتبة الأجيال التابعة الى دار الكتب والوثائق .&

نشرت سماء مجموعة من الكتابات الإنسانية القصيرة والهادفة تحت عنوان " أفكار ملونة كقوس قزح”، كذلك تصمم الإكسسوارات والمنتوجات اليدوية بين حين وآخر .

&