حذر مرصد حقوقي عراقي من خطر استمرار إعدامات وتجويع يمارسها داعش ضد 150 ألف مدني متبقين في قضاء الحويجة في محافظة كركوك الشمالية وسط دعوات إلى الإسراع في تحريره والعمل على إنهاء معاناة سكانه والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إليهم وتقديم المواد الإغاثية إليهم.

إيلاف: قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان إن سكان قضاء الحويجة الشمالي والقرى التابعة لها يواجهون كارثة إنسانية تحت حكم تنظيم داعش منذ عام 2014 وسط تجاهل تام من الحكومة العراقية.&

وأشار إلى أنه وثق خلال الأيام العشرة السابقة، قيام تنظيم داعش بإعدام 10 أشخاص على الأقل من سكان قضاء الحويجة بتهم مختلفة منها التخابر مع القوات الأمنية.

أضاف المرصد في تقرير الأحد إطلعت على نصه "إيلاف" إن "أكثر من 150 ألف مدني يعيشون تحت سطوة داعش في قضاء الحويجة الذي لم تبدأ العمليات العكسرية بتحريره حتى اللحظة برغم أنه يعيش تحت سيطرة التنظيم منذ ثلاث سنوات تقريبًا".

وأوضح المرصد أنه قابل عددًا من نازحي قضاء الحويجة الذين تحدثوا له عن معاناتهم قبل هروبهم من مناطق سيطرة داعش.وقالت أم فاطمة "إستطعت الهرب مع عائلتي قبل يومين من الحويجة، الظروف سيئة جدًا. يرتكب التنظيم بحقنا أبشع الجرائم كل يوم تقريبًا يقوم عناصر التنظيم بإعدام المواطنين. هذا الأسبوع أعدم 7 أشخاص، وكذلك يقوم بمعاقبة العوائل التي تحاول الهرب، عقوبة الرجال الإعدام أو تكسير أقدامهم. أما النساء فيتم جلدهن".&

نازحون هاربون من الحويجة

وأوضحت أن هناك حصارًا مفروضًا على الحويجة منذ يوليو 2016، ويعاني الأهالي من قلة توافر المواد الغذائية، حيث يعتمدون على حليب الأبقار والحنطة لسد الجوع الذي يعانون منه.

ويتبع قضاء الحويجة لمحافظة كركوك (255 كم شمال شرق بغداد) ويبلغ عدد سكانه مع القرى التابعة له حوالى نصف مليون نسمة يتشكلون من العرب السنة من عشائر وقبائل الجبور والعبيد وشمر والدليم والحديديون.. وهو يعتبر ثاني أكبر قضاء مصدر للخضر في العراق.&

وكشف مصدر محلي في محافظة كركوك في الأسبوع الماضي عن قيام قيادات مهمة في تنظيم داعش بفتح مقار بديلة لما يسمى بولاية نينوى ودجلة في قضاء الحويجة. وقال إن "قيادات مهمة في تنظيم داعش من ولايتي نينوى ودجلة شوهدت في قضاء الحويجة (55 كم جنوب غرب كركوك) بعد هروبها من الموصل، مبينًا أن" التنظيم قام بفتح مقار لولايات نينوى ودجلة وصلاح الدين وديالى في قضاء الحويجة.&

وأشار إلى أن قضاء الحويجة أصبح الآن المعقل الرئيس للتنظيم بعد انقسام عناصر داعش إلى مجموعتين، الأولى في قضاء الحويجة، والثانية في قضاء تلعفر والبعاج.. مؤكدًا أن "القيادات المهمة باتت موجودة في قضاء الحويجة".&

عمليات إعدام وتكسير أقدام&
وأضاف المرصد العراقي أن مواطنًا آخر رفض الكشف عن اسمه حفاظًا على حياة عائلته التي ما زالت في الحويجة قد أكد له أن "جرائم داعش مستمرة، آخرها عملية تكسير أقدام تسعة أشخاص في ثلاث مناطق في الحويجة، إحداها عند قرية المصنعة، حيث قاموا بتكسير أقدام شخصين، إضافة إلى أنهم قاموا بعمليات إعدام &لستة أشخاص على الأقل في أماكن مختلفة على ضفاف نهر الزاب ومكان قريب من جبل مكحول ومكان في غابة الحويجة".

أبو عدنان، وهو من أهالي الحويجة، قال خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان: "ما يحدث في الحويجة كارثة إنسانية مرعبة نتيجة الحصار المفروض عليها من الحكومة منذ ما يقارب العام، فهي لم تحررها، ولا تسمح بدخول المواد الغذائية والدواء إليها".

أضاف أن "تنظيم داعش يقوم بإعدامات مستمرة، وهذا متوقع، لكن ما هي مبررات الحكومة في منع الغذاء والدواء عن مجموعة من الناس باستخدام التجويع وترك الأمراض تفتك بهم نتيجة انعدام الدواء وترك الأطفال بدون لقاحات منذ ثلاث سنوات".

من جهته أبلغ عماد الجبوري، وهو ناشط إغاثي ومن نازحي الحويجة، المرصد، قائلًا "شهدت الأشهر الأخيرة موجة نزوح كبيرة من قضاء الحويجة، حيث يعاني سكان المنطقة من ظلم وقتل وإدعاءات كاذبة على الأهالي من قبل عناصر التنظيم". أضاف "تواجه العائلات الجوع بسبب نقص المواد الغذائية وإرتفاع أسعارها، هذا إن وجدت. غالبية هذه العوائل غير قادرة على شرائها".

وقال إن "الذين هربوا من الظلم والجوع فهم حققوا شيئًا واحدًا هو الخلاص من بطش داعش، لكنهم لم يتخلصوا من معاناتهم بسبب عدم وجود من يغيثهم، ولا يوجد مكان لإيوائهم، كما لاتوجد منظمات تقدم إليهم المساعدات".

وأكد عماد الجبوري، وهو عامل إغاثة، إن "الوضع في الحويجة كارثي.. لا يوجد غذاء ولا دواء وحصار خانق منذ 6/7/2016، تصلنا إلى مركز استقبال النازحين في الشرقاط أعداد كبيرة من نازحي الحويجة".

وأشار إلى أنه قبل يومين تحدث مع نازحة قالت له "لم نأكل الأرز منذ 6 أشهر"، كما روت حالة بنت عمرها 17 سنة تعرّضت للدغة أفعى أفقدتها بصرها ولم تعد تستطيع تحريك يدها اليمنى لعدم توافر الأدوية".&

دعوة الحكومة لتحرير قضاء الحويجة وإنقاذ أهله
وطالب المرصد الحكومة العراقية والمنظمات الدولية بضرورة إيجاد حل لما يحدث من كارثة إنسانية يعيشها سكان الحويجة والساحل الأيسر من قضاء الشرقاط. وقال إن "بقاء سكان قضاء الحويجة وجزء من قضاء الشرقاط تحت سيطرة تنظيم داعش حتى اللحظة، لا يمكن تبريره، فالسكان هناك يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة، ولا يقدرون على فعل أي شيء".

ودعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان السلطات العراقية إلى العمل على إنهاء معاناة سكان الحويجة والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين وتقديم المواد الإغاثية إليهم.

وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم وجّه أخيرًا انتقادًا لاذعًا إلى الحكومة الاتحادية في بغداد لعدم تحركها لتحرير قضاء الحويجة من قبضة تنظيم داعش، كاشفًا أن التنظيم قد اتخذ أخيرًا القضاء عاصمة له في العراق بعد الهزائم التي لحقت به في مدينة الموصل. وقال كريم في مؤتمر صحافي إن عملية تحرير القضاء تخضع لقرار من القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي "ونحن نطلب منذ مدة بالبدء بهذه العملية، وتخليص القضاء من داعش".
&