مراوي: تحلق مروحيات الجيش فوق أسطح المنازل مطلقة الصواريخ على درة المدن المسلمة في الفيليبين مراوي التي تحترق وخلت من سكانها بينما تنتشر في شوارعها روائح الجثث المتحللة والنفايات المكدسة.

بدت مدينة المآذن الواقعة على ضفة بحيرة وشكلت مركزا ثقافيا للأقلية المسلمة في الفيليبين -- معظم سكانها من الكاثوليك -- مقفرة بعد هجوم شنه مسلحون حملوا رايات تنظيم الدولة الاسلامية السوداء &الاسبوع الفائت.

ورغم حملة عسكرية شرسة بقي عدد مجهول من المسلحين في جيوب في المدينة يحتجزون فيها رهائن. وما زال حوالى الفين من السكان كذلك محاصرين.

واقر قائد شرطة مراوي بارسون اساديل لوكالة فرانس برس بينما كان ينظم حاجزا امنيا الاثنين، بأسف ان "هؤلاء المسلحين يتقنون القتال. يبدو انهم تلقوا تدريبا ما".

واضاف ان واحدا من رجاله على الأقل قتل، وفقد أثر خمسة آخرين. وبلغت حصيلة القتلى الرسمية 19 مدنيا و17 جنديا وثلاثة شرطيين و65 ناشطا، ومن المرجح ارتفاعها.

وقال حامد باليمبينغان احد عناصر القوات الخاصة للشرطة، لصحافيين في مراوي انه يشتبه في ان السوق العامة التي منع العامة من دخولها ما زالت مليئة بالجثث. واضاف ان "رائحة المنطقة سيئة (...) ما زلنا عاجزين عن دخول المنطقة، لهذا نستعين بالمروحيات الرشاشة ضد" المسلحين.

وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تحاول مساعدة العالقين، إن الناس يموتون من الظروف القاسية والرصاص الطائش، مع انقطاع الكهرباء والماء والغذاء والرعاية الطبية.

وأوضح نائب رئيس بعثة اللجنة إلى الفيليبين مارتن ثالمان الموجود حاليا في مراوي، لوكالة فرانس برس "عندما يتحدث إليهم زملاؤنا عبر الهاتف نسمع أن الوضع صعب للغاية مع نفاد الطعام والمياه ولا كهرباء لديهم".

وأضاف لفرانس برس "يجري قتال عنيف باستخدام أسلحة صغيرة. الوضع فظيع بالنسبة لهم (...) هناك اشخاص ماتوا لعدم توفر طبيب يعالج جروحهم التي اصيبوا بها جراء اطلاق النار".&

وتشهد الحملة العسكرية قتالا ضاريا بين المنازل فيما يستعين المسلحون بقناصة على المباني الرئيسية. كما تحلق المروحيات دوريا فوق المناطق التابعة للمسلحين وتطلق الصواريخ حتى لو علمت بوجود مدنيين في مبان مجاورة.

- مدينة مقفرة -على معبر أساسي أقامت فيه قوات الشرطة المحلية حاجزا أمنيا الاثنين خلت الشوارع من كل حياة باستثناء اربع دجاجات هزيلة وجائعة تهافتت على نفايات مكدسة في شارع مقفر.

وأغلقت واجهات المتاجر المحيطة بألواح خشبية فيما بدا زجاجها مليئا بثقوب الرصاص. وسدت الطريق القريبة شاحنة مكسرة الزجاج ومثقوبة الاطارات.

قبل المعارك، كانت مراوي تضم مئتي الف نسمة، أكثر من 90% منهم مسلمون.

وهي احدى المدن القليلة التي تعد أكثرية مسلمة في منطقة مينداناو (جنوب الفيليبين) التي تعتبر الموطن التاريخي للمسلمين الذين وصلوا قبل فترة طويلة من نشر المستعمرين الاسبان الديانة المسيحية في البلاد اعتبارا من القرن السادس عشر.

منذ اندلاع المعارك اكتظت المدن والبلدات المجاورة بسكان مراوي النازحين الذين وصل بعضهم بعد مسيرة يومين على الاقدام من القرى الجبلية هربا من المواجهات.

وامتدت طوابير طويلة امام عدد من الحواجز التي اقامها الجيش والشرطة خارج المدينة، فيما تحقق الامن من هويات السكان بالمقارنة مع صور مكبرة لاشخاص معروفين يشتبه باتصالهم بالارهاب.

وقالت ربة المنزل سوناي ماكودين (28) وهي ام لستة اولاد لوكالة فرانس برس "نشعر بالغضب تجاههم" في اشارة الى المسلحين الاسلاميين، فيما جلست واطفالها وجدتها العجوز على ارض قاعة رياضية حولت الى ملاذ طوارئ في بلدة بانتار المجاورة. وصرحت باسف "ما كنا لنعيش ذلك لو لم يأت المسلحون الى قريتنا".

واعرب مسلم اخر من السكان عن الذهول ازاء اهداف المسلحين المعلنة اي فرض نظام حكم شرس على غرار ما فعل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، واعتبار كل من لا يشارك ايديولوجيتهم عدوا.

وقال "من المفترض انهم جزء من قبيلتنا، واقاربنا، لكن حتى نحن لا نفهم ما هي قضيتهم".