قرر ترمب إبقاء حالة الترقب حول موقف الولايات المتحدة الذي ينتظره العالم بأسره من اتفاقية باريس حول المناخ، بعدما أفادت وسائل إعلام أميركية عن عزمه الانسحاب منها، مكتفيًا بتغريدة كتب فيها الأربعاء إن القرار سيصدر "في الأيام المقبلة".

إيلاف - متابعة: الاتفاقية التي أبرمتها في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية 190 دولة تحت اشراف الامم المتحدة تهدف الى وقف ارتفاع حرارة الارض عبر خفض انبعاثات الغاز ذات مفعول الدفيئة.

والانسحاب الاميركي من الاتفاقية اذا حصل سيشكل تفككا فعليا بعد 18 شهرا على هذا الاتفاق التاريخي، الذي كان بكين وواشنطن في ظل رئاسة باراك اوباما، ابرز مهندسيه. وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "سأعلن قراري حول اتفاقية باريس في الايام المقبلة. اعيدوا لاميركا عظمتها".

لكن الاتحاد الاوروبي والصين يعتزمان ان يؤكدا مجددا خلال قمة مشتركة تعقد في بروكسل في نهاية الاسبوع دعمهما لهذا النص بغضّ النظر عن موقف الرئيس الاميركي كما اعلن مسؤول اوروبي رفض الكشف عن اسمه. وقال "سننشر تصريحا مشتركا حول التغير المناخي يؤكد فيه الاتحاد الاوروبي والصين، بوصفهما من ابرز الجهات التي تصدر انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون، انهما سيطبقان الاتفاق".

ونبه رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر في تغريدة للمتحدثة باسمه مساء الاربعاء في برلين الى ان اتفاق باريس يشكل "معاهدة دولية مع موجبات قانونية" و"اذا ارادت الولايات المتحدة الانسحاب منه فان ذلك سيتطلب اعواما عدة".&

واملت وزيرة البيئة الكندية كاثرين ماكينا بالا تنسحب الولايات المتحدة من اتفاق المناخ وقالت الوزيرة في مؤتمر صحافي الاربعاء "اجريت محادثات عدة مع نظيري الاميركي، وشددت على ان تسعين في المئة من الاتفاق لا تزال تتطلب التفاوض ومن الافضل البقاء الى طاولة المفاوضات للقيام بذلك".

واكدت انه مهما يكن من امر "فان كندا مستمرة في المضي قدما مثل بقية العالم". اضافت "هنا في كندا ندرك ان الاقتصاد والبيئة يتكاملان"، معتبرة ان التكنولوجيات الخضراء والطاقات المتجددة تمثل "فرصا اقتصادية هائلة".

من جهته، كتب وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري على تويتر مخاطبا ترمب "ان مليارات الاطفال عليهم التعايش مع هذا القرار مهما كان. ارجوك ان تفكر فيهم".

وراوحت مواقف عدد من النواب الديموقراطيين بين عدم التفهم والغضب. وعلق النائب الديموقراطي عن نيويورك حكيم جيفريز "ترامب ينسحب من اتفاق باريس حول المناخ. من الواضح ان شعار +اميركا اولا+ يعني "الملوثين اولا+. امر معيب".

وبقي البيت الابيض صامتًا حيال مسألة المناخ التي اثارت انقساما شديدا خلال قمة مجموعة السبع التي عقدت في الاسبوع الماضي في صقلية، حيث اكد كل المشاركين باستثناء الرئيس الاميركي، مجددا التزامهم بهذه الاتفاقية غير المسبوقة. وقال ترامب في تغريدة في ختام القمة "ساتخذ قراري النهائي حول اتفاق باريس في الاسبوع المقبل".

وكان ترمب وعد خلال حملته الانتخابية بـ"الانسحاب" من هذه الاتفاقية معبّرًا عن رغبته في انهاء "الحرب ضد الفحم".
&لكن منذ وصوله الى البيت الابيض وجه اشارات متناقضة ما يعكس وجود تيارات مختلفة داخل ادارته حول مسالة المناخ لكن ايضا حول دور الولايات المتحدة في العالم والتعددية.

فقد اعلن رئيس وكالة حماية البيئة سكوت برويت تاييده للانسحاب من الاتفاقية معتبرا انها "سيئة" لاميركا. لكن عالم الاعمال بغالبيته ابدى تاييده للبقاء ضمن الاتفاقية. وحثت مجموعات كبرى عدة بينها "اكسون موبيل" النفطية وعملاق المواد الكيميائية الزراعية "دوبون" او حتى غوغل وانتل ومايكروسوفت، الرئيس الاميركي على عدم الانسحاب من الاتفاقية.

عقبة امام النمو
وعرض بعض المسؤولين في الادارة الاميركية حلًا يقضي بالبقاء ضمن الاتفاقية، لكن اعادة النظر بالاهداف الاميركية. وهذا يمكن ان يتيح الاحتفاظ بمقعد على طاولة المفاوضات مع توجيه رسالة في الوقت نفسه على الصعيد الداخلي تؤكد القطيعة مع الادارة الديموقراطية السابقة برئاسة باراك اوباما.

هدف الولايات المتحدة كما حددته ادارة اوباما السابقة هو خفض انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 26% الى 28% بحلول العام 2025 مقارنة مع 2005. لكن ادارة ترمب نددت مرات عدة بهذه الاهداف على انها عالية جدا.&

وقال غاري كون المستشار الاقتصادي للرئيس ترامب "نعلم ان المستويات التي تعهدت بها الادارة السابقة تشكل عقبة كبرى امام النمو الاقتصادي الاميركي".

وبحسب تقرير للوكالة الدولية للطاقات المتجددة صدر هذا الاسبوع، فان عدد الاشخاص الذين كانوا موظفين في هذا القطاع ارتفع من 7 ملايين عام 2012 الى 9,8 ملايين في العام 2016. وبحلول العام 2030 هذا الرقم يمكن ان يبلغ 24 مليونا "ليعوض عن الخسائر الوظيفية في قطاع المحروقات الاحفورية".

وبعيدا عن الشق الاقتصادي، فان موقف ترمب في مسالة التغير المناخي يحظى بتوافق علمي واسع بحسب ما اوضح الناطق باسمه شون سبايسر الثلاثاء.