لندن: يُقال إن التخطيط لعمليات تفجير إنتحارية جرى في ردهات سجن رومية في لبنان، الذي يضم بين نزلائه مجرمين من عتاة المتطرفين. حتى أن وزير الداخلية اللبناني نفسه سمّاه "غرفة عمليات". 

الدور الناشط

في المبنى "ب" من سجن رومية، الذي لم تدخله إلا قلة من النساء، تجري مايا ونانسي يموت، وهما شقيقتان لبنانيتان، إحداهما مرشدة اجتماعية والأخرى باحثة اجتماعية، مقابلات منتظمة مع أكثر من 70 نزيلًا من لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والسودان وتركيا وروسيا؛ إذ باتت السجون مراكز لإنشاء المتطرفين، ويعني هذا أن مايا ونانسي كانتا تعملان في مرجل للتطرف العنيف. 

أن تكسب امرأتان في أواخر العشرينيات من العمر ثقة نزلاء المبنى "ب"، وكثير منهم يخشى انتقام رفاقه إذا تحدث لزوار من الخارج، فهذا ليس بالمهمة السهلة. لكن مايا ونانسي تقولان إنهما تستخدمان طرائق الجهاديين أنفسهم في التجنيد: الثقة والاحترام والتعاطف. وفي بعض الحالات، يكون جنسهن أفضلية، حيث تقول نانسي: "اننا نذكرهم بشقيقاتهم أو أمهاتهم". 

من خلال مقابلاتهما مع هؤلاء النزلاء في سجن رومية، تمكنت الشقيقتان من إلقاء نظرة فريدة على الأدوار المتعددة، التي تؤديها المرأة في الحفاظ على أيديولوجيا التطرف وترويجها، وكذلك الدور الذي يمكن أن تؤديه في تخليص المتطرفين من تطرفهم. 

تؤكد نانسي: "المرأة عامل حاسم في استمرار الأيديولوجيا، ولها دور ناشط في داعش، على الرغم من انه لا يظهر في دعاية التنظيم". 

إيمان حقيقي

يقتصر ما هو معروف عن دور المرأة في داعش عمومًا على لواء الخنساء النسائي المعروف بقناصاته وخبيراته في تصنيع العبوات الناسفة ومراقبة النساء في المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم، إلى جانب كثير من الروايات عن "عرائس داعش". لكن نساء داعش لا يكتفين بدور "الزوجات"، بل يساعدن في المجال اللوجستي وتهريب الجهاديين من مكان إلى آخر. 

من الأمثلة على ذلك جمانة حمَيّد، المرأة الوحيدة التي قابلتها الباحثتان الاجتماعيتان بصورة مباشرة، وهي سُجنت بسبب تهريبها سيارات مفخخة إلى لبنان. 

يقول رفايلو بانتوتشي، مدير الدراسات الأمنية الدولية في المعهد الملكي للخدمات الموحدة، إن المرأة في هذه المنظمات المتطرفة تعتبر نفسها "جزءًا من حركة اجتماعية وتنذر نفسها للقضية التي تؤمن بها إيمانًا حقيقيًا".

لكن دور المرأة لا ينحصر في تجنيد نساء أُخريات، بل يمتد إلى استدراج رجال للانضمام إلى التنظيم من خلال تعييرهم بالبقاء خارجه. 

لا توجد تقديرات رسمية لعدد النساء في داعش أو تنظيم القاعدة، لكن الكاتبة داليا غانم يزبك، مؤلفة كتاب "وجه المرأة في الجهاد"، تقدر الرقم بنحو 500 جهادية غربية وآلاف النساء من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقول إن 700 تونسية التحقن بداعش. 

الأم والأخت والزوجة

تساعد المرأة في ترويج الأيديولوجيا الجهادية بصفتها أُمًا واختًا وزوجة، وهي تتوجه إلى النساء الأخريات للانضمام إلى التنظيم بتمجيد الحرب وتتفيه العنف. أُم عبيدة التي يُقال إنها امرأة غربية في منبج تقدم نصيحتها للواتي يعتزمن السفر إلى سوريا والالتحاق بداعش حيث تكون مساهمتهن "في البيت ومن خلال التواصل مع نساء أُخريات على الانترنت". تتوقع يزبك استمرار دور المرأة في التجنيد والتسهيل، فضلًا عن مشاركتها حاليًا في القتال، مشيرة إلى وجود قناصات في سرت الليبية والموصل شمال العراق. 

مع تزياد الخسائر التي يتكبدها داعش في الموصل، يحاول الآن استدراج ممرضات وطبيبات يحتاجهن في ميدان المعركة، كما أشار ايمن دين، الذي تحول من مسؤول تجنيد في تنظيم القاعدة إلى مخبر يعمل لصالح الأجهزة الأمنية البريطانية. أوضح دين كيف يجري التجنيد الآن من طريق تبادل افلام فيديو، وليس على فايسبوك أو تويتر، وعن طريق تطبيقات هاتفية مباشرة مثل تليغرام وواتس آب. 

كثيرًا ما تعوض الجماعات الجهادية عن انعدام فرص العمل، لكن الأمر لا يتعلق بالمال وحده. فالسلاح الذي تعطيه الجماعة إلى المنتسب يوحي بوهم القوة، والأيديولوجيا تمنحه هوية وإحساسًا بالانتماء، وهذه قوة جذب واسعة عابرة للطبقات الاجتماعية. 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيوز ديبلي". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.newsdeeply.com/syria/articles/2017/05/26/intrepid-sisters-reveal-how-isis-depends-on-role-of-women