واشنطن: باشرت عشرات المدن والولايات الأميركية فور إعلان الرئيس دونالد ترمب الخروج من اتفاق باريس للمناخ، تنظيم حركة المقاومة، واعدة بأن أميركا ستواصل التقدم على المستوى المحلي في اتجاه اقتصاد أخضر.

وضاعف رؤساء البلديات والحكام الخميس، من نيويورك على الساحل الأطلسي إلى كاليفورنيا المطلة على المحيط الهادئ، التحالفات والدعوات من أجل التصدي من الداخل لقرار الانسحاب من الاتفاق الدولي للمناخ الذي اثار صدمة في الولايات المتحدة والعالم.

وأعلن ترمب الخميس سحب بلاده من الاتفاق التاريخي الموقع في نهاية 2015 بين 195 دولة، مبررا قراره بشعار "أميركا أولا".

وأعلن الحكام الديموقراطيون لثلاث ولايات كبرى هي نيويورك وواشنطن وكاليفورنيا، تمثل خمس سكان الولايات المتحدة، عن "تحالف من أجل المناخ".

وتعهد حاكم نيويورك اندرو كوومو بأنهم معا "مصممون على تحقيق الهدف الأميركي بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 26 إلى 28%" بالمقارنة مع العام 2005.

وتؤكد الولايات الثلاث أن التحالف سيشكل "منتدى من أجل دعم وتعزيز البرامج المتبعة لمكافحة التغير المناخي" و"تطبيق برامج جديدة لخفض انبعاثات الكربون".

تولي زمام الأمور

في مواجهة تحفظات دونالد ترمب بشأن التغير المناخي، باشرت المجموعات المحلية منذ بعض الوقت تمهيد الطريق للتحرك. وقامت ثلاثون ولاية على سبيل المثال بتحديد معايير ترغم شركات الكهرباء على تخصيص حصة أكبر بكثير للطاقات المتجددة خلال العقد المقبل.

وتخطت المبادرات معاقل الديموقراطيين التقليدية لتمتد إلى ولايات جمهورية مثل أوهايو وتكساس وايوا.

لكن إعلان ترمب رسميا عن قراره جسد المخاوف بشكل آني وأثار غضب العديد من المسؤولين السياسيين.

وقام رئيس بلدية مدينة بيتسبورغ التي ذكرها ترمب مثالا على الأولوية التي يمنحها للأميركيين، بالتنديد مباشرة برجل الأعمال الثري على تويتر، ليلقى خلال دقائق رواجا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي ويصبح رمزا للمقاومة المحلية.

وكتب الديموقراطي بيل بادوتو في تغريدة أولى "الولايات المتحدة تنضم إلى سوريا ونيكاراغوا وروسيا، بقرارها عدم المشاركة في الاتفاق الدولي في باريس. وعلى المدن الآن تولي زمام الأمور".

وأضاف بعد ذلك "يمكنني بصفتي رئيس بلدية بيتسبرغ، أن اؤكد لكم أننا سنتبع تعليمات اتفاق باريس في ما يتعلق بمواطنينا واقتصادنا ومستقبلنا".

وقرر بادوتو الرد على الرئيس الأميركي الذي قال في سياق خطابه "انتخبت لأمثل سكان بيتسبرغ، وليس باريس".

سلطة مضادة 

وتابع ترمب مشددا "حان الوقت لنضع يانغستاون في أوهايو، وديترويت في ميشيغن، وبيتسبرغ في بنسيلفانيا، وكذلك العديد من المواقع الرائعة في بلادنا، قبل باريس في فرنسا".

وكتب رئيس بلدية بوسطن مارتي والش على تويتر أن دونالد ترمب "يقول إن الولايات المتحدة تخرج من اتفاق باريس" مضيفا "يجدر به مراجعة الجغرافيا، لأن بوسطن لن تقوم بذلك".

من جهته، قال رئيس بلدية نيو أورلينز الديموقراطي ميتشل لاندريو إن "اتفاق باريس يبقى أفضل سلاح في العالم لمكافحة الخطر الوجودي" الذي يطرحه التغير المناخي، ولا سيما في مدينته التي تعاني من الظواهر المناخية.

وفي مدينة نيويورك، تعهد رئيس البلدية الديموقراطي بيل دي بلازيو "الالتزام بأهداف اتفاق باريس بإصدار أمر بلدي في الأيام المقبلة".

وبمعزل عن إعلانات النوايا، تعتزم البلديات الأميركية أن تلعب دور سلطة مضادة في وجه الحكومة المركزية.

فقد وعدت مدينة لوس أنجليس مثلا بتولي قيادة هذه الحركة المقاومة "بالعمل بتعاون وثيق مع مدن عبر الولايات المتحدة والعالم"، وفق ما أكد رئيس بلدية كبرى مدن الغرب الأوروبي إريك غارسيتي.

كما تعهدت منظمة "رؤساء بلديات من أجل المناخ" التي أسسها غارسيتي وهي تضم 61 رئيس بلدية وتمثل حوالى 36 مليون أميركي، بـ"تبني الالتزامات حيال أهداف اتفاق باريس وتنفيذها".

وأعلنت المنظمة في بيانها الخميس "سنكثف الجهود لتحقيق الأهداف الحالية للمدن (...) ونعمل على إقامة اقتصاد القرن الواحد والعشرين النظيف".

لكن هل ستكون جميع هذه المبادرات كافية لتفادي اي انعكاسات سلبية لقرار ترمب؟ هذا ما يأمل به سلفه باراك أوباما الذي كان من كبار مهندسي الاتفاق عام 2015.

وقال الرئيس الديموقراطي السابق في بيان "حتى في غياب القيادة الاميركية، وحتى لو انضمت هذه الادارة الى حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل، انا واثق بان ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر (المسؤولية) وستبذل مزيدا من الجهود لحماية كوكبنا من أجل الأجيال المقبلة".